ستراتفور: سيناريوهات مقلقة أمام تونس بعد حل البرلمان

الأحد 3 أبريل 2022 03:08 م

من المرجح أن يتزايد عدم الاستقرار السياسي والاضطرابات الاجتماعية في تونس بعد إعلان الرئيس "قيس سعيد" حل البرلمان في 30 مارس/آذار؛ نتيجة عقد جلسة برلمانية افتراضية في تحد لأمر "سعيد" بتعليقه في يوليو/تموز 2021.

وخلال الجلسة، صوّت النواب ضد "الإجراءات الاستثنائية" التي علق "سعيد" بموجبها عمل البرلمان، فيما قال الأخير إن الاجتماع الافتراضي يرقى إلى محاولة انقلاب، وأكد استمرار خططه المعلنة سابقا؛ والتي تتضمن عقد استفتاء في يوليو/تموز المقبل على دستور جديد، يليه انتخابات برلمانية جديدة في ديسمبر/كانون الأول.

وبموجب القانون التونسي، فعندما يحل الرئيس البرلمان، يجب أن يعقد انتخابات في غضون 90 يوما، لكن "سعيد" استبعد القيام بذلك في 31 مارس/آذار.

معارضة للإصلاحات الاقتصادية

جاء اجتماع البرلمان وحل "سعيد" له، وسط معارضة متزايدة للإجراءات الاقتصادية المزمع اتخاذها من قبل الرئيس، بينما كانت هناك شعبية كبيرة لتعليق "سعيد" الأوّلي للبرلمان. وبرر الأخير موقفه الحاد بالحاجة إلى تنفيذ إصلاحات اقتصادية ضرورية لتأمين قرض من صندوق النقد الدولي.

لكن من المرجح أن تتضمن هذه الإصلاحات سياسات لا تحظى بشعبية كان البرلمان سيمنع تمريرها. وفي 30 مارس/آذار، قال "الاتحاد العام التونسي للشغل"، إنه قد يفكر في تنظيم إضراب عام لمعارضة هذه الإصلاحات الاقتصادية، بالرغم أن الاتحاد دعم تعليق البرلمان لأنه رأى هذا الإجراء ضرورة لحل الانسداد السياسي.

ومن المحتمل أن يؤدي أمر "سعيد" إلى تفاقم المعارضة ضده؛ مما يصعّب تمرير الإصلاحات الاقتصادية، خاصة بالنظر إلى الاحتجاجات الواسعة التي تم تنظيمها في ديسمبر/كانون الأول ويناير/كانون الثاني تزامنا مع الذكرى الـ11 لانطلاق الربيع العربي في تونس.

تفاقم الاحتجاجات

في الآونة الأخيرة، اتخذ "سعيد" خطوات لوضع القضاء تحت سيطرته، بما في ذلك حل المجلس الأعلى للقضاء المستقل، في 6 فبراير/شباط، وتعيين أعضاء جدد في 7 مارس/آذار.

سيعزز حل "سعيد" للبرلمان المشاعر المعارضة لتركيز السلطة بيد الرئيس، مما يجعل المظاهرات السياسية أكثر ترجيحا، وربما تجبره على بدء حملة قمعية أمنية. وسيعقّد ذلك بدوره حصول الرئيس على الدعم اللازم لتمرير إصلاحاته الاقتصادية المقترحة، التي لا تحظى بشعبية بالفعل.

وسيؤدي الافتقار إلى الإصلاحات وزيادة عدم الاستقرار السياسي إلى توقعات اقتصادية أسوأ على المدى القصير في ظل التداعيات العالمية للغزو الروسي لأوكرانيا.

وكانت جائحة "كورونا" ضربت السياحة التي يعتمد عليها الاقتصاد التونسي. ووفقا لبيانات البنك الدولي، تقلص اقتصاد البلاد بنسبة 8.8% في عام 2020، وارتفع معدل البطالة من 15.1% إلى 18.4%، مقارنة مع عام 2019.

وبالرغم من تراجع تهديد الوباء، من غير المرجح أن تنتعش معدلات السياحة بسرعة. وكانت تونس تأمل في جذب المزيد من الزوار من أوروبا الشرقية وروسيا، لكن من غير المرجح أن يسافر الناس في تلك البلدان لأغراض ترفيهية في أي وقت قريب وسط الحرب المستمرة في أوكرانيا.

وبالإضافة إلى ذلك، تسببت الحرب والعقوبات اللاحقة على روسيا في ارتفاع أسعار الطاقة العالمية، وكذلك في انخفاض حاد في صادرات القمح الروسية والأوكرانية. وقبل النزاع، كان ما يقرب من نصف واردات القمح في تونس تأتي من أوكرانيا؛ وبالتالي فإن حدوث تعطل طويل لهذه الإمدادات سيفاقم أسعار المواد الغذائية، مما يعزز تأجيج الاضطرابات في تونس.

تأجيل الاستفتاء والانتخابات

إذا حفزت الأزمات الاقتصادية والسياسية في تونس اضطرابات واسعة النطاق، فيمكن أن يدفع هذا "سعيد" لإعادة النظر في جدوله الزمني للاستفتاء والانتخابات.

ومن شبه المؤكد أن التونسيين سيشعرون بضغط ارتفاع الأسعار خلال شهر رمضان المبارك (يستمر لشهر أبريل/نيسان)، ويزيد ذلك من احتمال حدوث اضطرابات كبيرة ذات دافع اقتصادي في الفترة التي تسبق استفتاء الصيف، والتي يمكن أن تتحول إلى صدامات عنيفة مثل احتجاجات 9 نوفمبر/تشرين الثاني في صفاقس.

وإذا وقعت صدامات عنيفة، فيمكن أن يجبر ذلك "سعيد" على تأجيل التصويت، والذي لن يؤدي إلا إلى زيادة المعارضة. ويشير رفض الرئيس إجراء انتخابات مبكرة عقب حل البرلمان إلى إمكانية حدوث المزيد من التأجيل.

وإذا كانت الاحتجاجات كبيرة وغير عنيفة، فيمكن أن يمضي "سعيد" قدمًا في الاستفتاء، لكن المقاطعة أو الاضطرابات الواسعة يمكن أن تثير أسئلة حول شرعية الاستفتاء.

وإجمالا، فإن هذه السيناريوهات ستساهم في تعقيد الاضطراب السياسي والمشاكل الاقتصادية في تونس.

المصدر | ستراتفور - ترجمة وتحرير الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

تونس حل البرلمان قيس سعيد اقتصاد تونس الربيع العربي استفتاء دستوري تركيز السلطة انتخابات برلمانية البرلمان التونسي

نائب تونسي: سنطلق مشاورات لإنشاء برلمان في المهجر

لجنة تونسية: سعيد اغتصب السلطة ويجب مواجهة إجراءاته

أردوغان ينتقد قرار الرئيس التونسي حل البرلمان: ضربة لإرادة الشعب

أمريكا وفرنسا تدعوان لعودة تونسية سريعة إلى المسار الدستوري

استدعت سفير أنقرة.. تونس تنتقد موقف تركيا من حل البرلمان