استطلاع رأي

أي من هذه الدول تمارس الدور الأكثر إيجابية في حرب غزة؟

السعودية

مصر

قطر

إيران

تركيا

أهم الموضوعات

طبقات اليمين الإسرائيلي وبصيرة دا سيلفا

عن أوهام التفاؤل الأميركي

أزمة اقتصاد مصر وانتظار الفرج من الخارج

نحو وقف الحرب على غزة

سيناريو اليوم التالي للحرب

حروب الديجيتال ورعب الخسائر!

الثلاثاء 15 ديسمبر 2015 02:12 ص

يخطب أوباما بعد هجوم في كاليفورنيا حدث مثله مرارا بدون خلفيات سياسية، فيؤكد أنه سيطارد تنظيم  داعش ويدمّره، ولكنه يؤكد أنه لن يرسل قوات برية. ونتابع جلسة "تاريخية" للبرلمان البريطاني، وتكون النتيجة قرارا بالمشاركة في الحرب ضد التنظيم في سوريا، لكن مع تأكيد بأن مقاتلين لن ينزلوا إلى الأرض. ويعلن حلف الأطلسي دعمه للحملات المذكورة، لكنه يؤكد أيضا بأنه لن يشارك بقوات على الأرض.

يقيم بوتين الدنيا ولا يقعدها في سياق الترويج لحربه في سوريا، لكنه يؤكد أيضا بأنه لن يرسل قوات كي تقاتل على الأرض. وحين يسقط له طيار بيد الأتراك، يقيم الدنيا ولا يقعدها، ثم يقيم له (للطيار) المآتم والمراسم.

تتعرض فرنسا بكل تاريخها لهجمات يسقط فيها 130 شخصا، فتهتز بطولها وعرضها، وتصاب بحالة غير مسبوقة من الارتباك، وترسل طائراتها وأكبر بارجة عندها للمشاركة في الحرب ضد تنظيم الدولة، لكن هولاند يؤكد أنه لن يرسل قوات تقاتل على الأرض.

نسمع أخبارا متوالية عن نية إيران سحب قواتها من سوريا بعد توالي الخسائر والخوف من تأثير ذلك على الداخل الإيراني، ويُتوقع أن يجري الاكتفاء بالمليشيات التي يجري جلها من أفغانستان والعراق، والآن باكستان، طبعا بالأموال وبحشد طائفي، إلى جانب مقاتلي حزب الله.

قبل ذلك، تخرج أمريكا من العراق مهزومة، في وقت كانت فيه أكبر إمبراطورية في التاريخ البشري، وبخسائر لا تتجاوز كثيرا الثلاثة آلاف قتيل (خسرت 2400 جندي في ساعتين بضربات يابانية في بيرل هاربر عام 1941)، وفي أفغانستان يسقط المئات، ويلملم أوباما وضعه كي يرحل، بينما تسبقه دول غربية وأوروبية عديدة، بسبب خسائر لا تتجاوز عشرات الجنود.

على الهامش، نتذكر الكيان الصهيوني الذي اهتز طويلا بسبب أسير له في قطاع غزة، بينما تمترس جنوده وراء الدبابات، واستخدموا سياسة الأرض المحروقة كي لا يخسروا جنديا في حروبهم الثلاثة على قطاع غزة. وها إن مجتمعهم يُصاب بالرعب جراء بضع عشرات من عمليات الطعن بالسكاكين أو الدهس بالسيارات.

ماذا يجري في العالم؟ هل هذه دول كبرى، أم كيانات مرعوبة تخشى الخسائر بكل ما أوتيت من قوة؟

من الواضح أننا إزاء مشهد جديد لا يمت للقديم بصلة، فهذه دول كبرى بإمكانيات ضخمة، لكن ثورة الاتصالات والإعلام، ومعها روح الاستهلاك السائدة جعلتها مرعوبة، تخشى الخسائر؛ أقل الخسائر، ويمكن أن تهتز بسبب القليل منها.

لا تقل لي إنهم يقدسون الإنسان، وما إلى ذلك من خطاب، لأن احترام الإنسان كل لا يتجزأ، ومن يقتل المدنيين الأبرياء في العراق وسوريا بحجة القتل الخطأ ولا يرف له جفن، ومن يسكت على طاغية يقتل شعبه بالبراميل المتفجرة لا صلة له بالإنسانية.

لا شك أن سطوة الإعلام وثورة الاتصالات ومواقع التواصل ذات تأثير كبير، فهي تُدخل الحادثة الصغيرة إلى كل بيت، فتجعلها ضخمة، ولنتخيل لو أن الحربين العالميتين (الأولى والثانية) وقعتا في ظل هذه الثورة. ما الذي كان سيكون عليه الحال؟! لكن روح الاستهلاك السائدة تحضر أيضا، وحيث بلغت تلك الدول منتهى القوة والرفاه، ولا يجد مواطنها حاجة للتورط هنا وهناك من أجل حروب الغير، فضلا عن حروب بمشاريع سياسية غير واضحة.

هنا تحديدا يكمن سر قدرة تنظيم الدولة على البقاء، فهو يقاتل من دون أن يخشى الخسائر، وهو لا يأبه بالقصف الجوي كثيرا، ولديه جحافل من القنابل النووية المحلية، بتعبير حيدر العبادي، والتي يقصد بها الانتحاريين، ولو واجه قوة على الأرض مصممة على القتال لاختلف المشهد، لا سيما حين تحظى تلك القوة بتفوق جوي هائل، وقد حدث مثل ذلك في كوباني وتكريت وسنجار، وكذلك في ديالى التي تدخلت إيران فيها بشكل مباشر.

من ذلك كله يمكن التأكيد على أن الإرادة يمكن أن تفعل الكثير في مواجهة هذه المعادلة، تماما كما فعلت في مواجهة الغزو الأمريكي للعراق، ولو توفرت في فلسطين عبر قيادة تنسجم مع قابلية الشعب الرائعة للتضحية، لتحققت نتائج باهرة. ففي مقابل هذا الهوس بالخسائر في الأطراف الأخرى، تملك هذه الأمة جحافل من الشبان المقبلين على الشهادة، وسيكون الوضع أفضل حين تتوفر بوصلة واضحة ومقنعة، وما يجري في سوريا دليل مهم آخر، فهذا الحشد الرهيب من روسيا وإيران وكل الأتباع لم يحقق شيئا في مواجهة الثوار.

  كلمات مفتاحية

حروب الديجتال الدولة الإسلامية قوات برية بريطانيا فرنسا إيران سوريا حلف الأطلسي روسيا