بعد تجاوز الأزمة.. المغرب وإسبانيا يعلنان بدء مرحلة جديدة

الجمعة 8 أبريل 2022 02:17 ص

أعلن المغرب وإسبانيا، إرادتهما فتح مرحلة جديدة من الشراكة بعد أزمة دبلوماسية استمرت نحو عام، وذلك بحسب ما أفاد بيان للديوان الملكي المغربي أعقب محادثات بين الملك محمد السادس ورئيس الوزراء الإسباني "بيدرو سانشيز".

وزار رئيس الوزراء الإسباني الرباط، الخميس، لتأكيد المصالحة بين البلدين، في خطوة باتت ممكنة بعد تغيير مدريد موقفها إزاء نزاع الصحراء، لصالح الرباط.

وقال بيان للديوان الملكي المغربي: "جدد جلالة الملك ورئيس الحكومة الإسبانية تأكيد الإرادة في فتح مرحلة جديدة.. قائمة على الاحترام والثقة المتبادلة، والتشاور الدائم والتعاون الصريح".

وأضاف البيان أن سانشيز "حرص على تجديد التأكيد على موقف إسبانيا بخصوص ملف الصحراء، معتبراً المبادرة المغربية للحكم الذاتي بمثابة الأساس الأكثر جدية وواقعية ومصداقية من أجل تسوية الخلاف".

ويلبي "سانشيز"، دعوة من الملك "محمد السادس" الذي استضافه حول مائدة إفطار أقيمت "على شرف ضيف جلالته الكريم"، في مؤشر الى أهمية الزيارة بالنسبة للمغرب.

لكن الموقف الإسباني المؤيد للرباط لا يحظى بالإجماع في مدريد، حيث تبنّى مجلس النواب الخميس، قراراً يدين التخلي عن الحياد "التاريخي" لإسبانيا إزاء النزاع في الصحراء، لصالح المغرب.

وفي المقابل، لقي هذا الموقف ترحيباً واسعاً في المملكة المغربية واعتبر انتصاراً دبلوماسياً تاريخياً، وقالت وكالة الأنباء المغربية، إنه تعبير عن "جرأة رجال الدولة"، و"تحد حقيقي للطبقة السياسية الإسبانية".

ويسعى البلدان بعد طي صفحة الأزمة إلى "تفعيل أنشطة ملموسة في إطار خارطة طريق تغطي جميع قطاعات الشراكة"، وفق بيان الديوان الملكي المغربي، مشيراً إلى القضايا السياسية والاقتصادية والأمنية والثقافية.

كما تطرق قائدا البلدين إلى القضايا الإقليمية والدولية، بحضور وزيري الخارجية المغربي "ناصر بوريطة" والإسباني "خوسيه مانويل الباريس".

ويرتبط المغرب وإسبانيا، بعلاقات تجارية قوية، فهي الشريك التجاري الأول للمملكة.

ويرى الباحث المتخصص في العلاقات المغربية الإسبانية "نبيل دريوش"، أن "الملف الاقتصادي سيكون القاطرة التي تجر علاقات البلدين في هذه المرحلة الجديدة، التي تبدو جد واعدة".

كما يرتبطان بملف محاربة الهجرة غير النظامية، إذ تريد مدريد أن تضمن "تعاون" الرباط في صد المهاجرين غير القانونين، الذين ينطلق معظمهم من المغرب، بينما يتهم عدة مراقبين المملكة باستعمال هذا الملف كورقة ضغط.

ويرتقب أيضا أن تسرع عودة المياه إلى مجاريها بين البلدين فتح حدودهما لاستئناف نقل المسافرين، خصوصا في فترة العطلة الصيفية التي تشهد عبورا مكثفا للمهاجرين المغاربة المقيمين بأوروبا، وهي عملية استثنى منها المغرب الموانئ الإسبانية الصيف الماضي.

ومن القضايا المشتركة أيضا موضوع حركة تهريب البضائع من جيبي سبتة ومليلية، التي أوقفها المغرب في 2019. وكذا ترسيم الحدود البحرية.

ومؤخرا أُضيف التعاون في مجال الطاقة إلى الملفات المشتركة بين البلدين، بعدما بات المغرب يعول على استيراد الغاز الطبيعي المسال عبر اسبانيا، إذ سمحت مدريد له باستيراد الغاز عبر خط الأنابيب المغربي الأوروبي "جي أم إي" الذي كانت الجزائر تستخدمه لتصدير الغاز إلى أوروبا قبل أن تتوقف عن استخدامه في نهاية أكتوبر/تشرين الأول.

وباتت المصالحة ممكنة بين الرباط ومدريد بعدما أعلنت الأخيرة تأييد خطة الحكم الذاتي التي يقترحها المغرب لحل النزاع حول الصحراء الغربية، متخلية بذلك عن حيادها التقليدي إزاء هذا النزاع.

ويقترح المغرب منح المنطقة الصحراوية الشاسعة التي يسيطر على نحو 80 بالمئة من مساحتها، حكما ذاتيا تحت سيادته كحل وحيد للنزاع، بينما تطالب جبهة بوليساريو المدعومة من الجزائر المجاورة بإجراء استفتاء لتقرير المصير تحت إشراف الأمم المتحدة.

ورغم أن "سانشيز"، نفى حدوث أي "انقلاب" في موقف بلاده إزاء هذا الملف، أثار غضب حلفائه اليساريين في الإئتلاف الحكومي والمعارضة اليمينية، فضلا عن جبهة بوليساريو والجزائر.

وأنهى هذا التحول أزمة دبلوماسية حادة منذ عام بين الرباط ومدريد، اندلعت بسبب استضافة إسبانيا زعيم جبهة بوليساريو الغربية "إبراهيم غالي"، لتلقي العلاج "لأسباب إنسانية".

وأثار ذلك سخط الرباط، التي أكدت أنه دخل إسبانيا آتيا من الجزائر "بوثائق مزورة وهوية منتحلة"، وطالبت "بتحقيق شفاف".

وتفاقمت الأزمة حينها مع تدفق نحو 10 آلاف مهاجر معظمهم مغاربة، وبينهم كثير من القاصرين، على جيب سبتة الإسباني شمال المغرب، مستغلين تراخيا في مراقبة الحدود من الجانب المغربي.

ودانت مدريد حينئذ "ابتزازا" و"اعتداء" من طرف الرباط، التي استدعت من جهتها سفيرتها في مدريد قبل أن تعود في 20 مارس/آذار.

وتأمل مدريد أيضا أن يؤدي موقفها الجديد حول الصحراء الغربية إلى تخلي الرباط عن مطالبها باسترجاع جيبي سبتة ومليلية الإسبانيين شمال المملكة، اللتين يعتبرهما المغاربة مدينتين محتلتين.

غير أن عددا من المحللين يحذرون بأن مدريد لم تحصل على ضمانات حقيقية من جانب الرباط.

وإذ يرى سفير إسبانيا في المغرب بين 1997 و2001 ومدير المخابرات بين 2002 و2004 خورخي ديسكالار أن المصالحة بين البلدين "يفترض" أن تمكن من إقامة علاقات جيدة بينهما، يضيف "لست واثقا تماما" مشيرا إلى أن "ذلك يظل مرتبطا باعتبارات السياسة الداخلية للمغرب (...) التي تظل خارج السيطرة".

المصدر | فرانس برس

  كلمات مفتاحية

المغرب إسبانيا الصحراء الغربية

قضية الصحراء.. سفيرة المغرب تعود إلى إسبانيا بعد غياب لعام

صحيفة: هذا ما تريده إسبانيا من المغرب عقب المصالحة

بعد المصالحة.. الخارجية الإسبانية تنشر خريطة المغرب تشمل الصحراء

هل تضمن إهانة؟.. غضب في إسبانيا حول العلم المقلوب بإفطار ملك المغرب

بعد المصالحة.. المغرب وإسبانيا تستأنفان النقل البحري للركاب