استطلاع رأي

أي من هذه الدول تمارس الدور الأكثر إيجابية في حرب غزة؟

السعودية

مصر

قطر

إيران

تركيا

أهم الموضوعات

طبقات اليمين الإسرائيلي وبصيرة دا سيلفا

عن أوهام التفاؤل الأميركي

أزمة اقتصاد مصر وانتظار الفرج من الخارج

نحو وقف الحرب على غزة

سيناريو اليوم التالي للحرب

زعماء الكرملين واتخاذ القرار

الأربعاء 13 أبريل 2022 01:18 م

زعماء الكرملين واتخاذ القرار

إذا كان التدخّل السوفياتي في أفغانستان مؤشراً للانحدار نحو الهاوية فماذا ستكون محطة أوكرانيا بالنسبة لبوتين؟

هل هي تمهيد لبناء نظام دولي جديد يقوم على التعددية القطبية بعد النظام القطبي الأحادي بزعامة أمريكا، خاصة بصعود الصين وروسيا والهند؟ أم أنه سيكون محطة تراجع؟

حاول بوتين إحياء دور روسيا بعد تفكك الاتحاد السوفياتي لكن تتبع دور زعماء الكرملين في اتخاذ القرار يكشف فردانية عالية رغم تغيير طبيعة النظام السياسي.

كان يُنظر لأندروبوف، رئيس سابق لجهاز «كي جي بي» الذي عمل فيه بوتين، باعتباره القادر على إصلاح أوضاع الاتحاد السوفياتي المتدهورة بشكل نحو مروع.

اضطّر غورباتشوف لتقديم استقالته، فتولّى الرئاسة بوريس يلتسين الذي أجهز على آخر ما تبقّى من الاتحاد السوفياتي، واتّسم عهده باستشراء الفساد المالي والإداري وهيمنة المافيا.

* * *

حين بدأت «الحرب الأوكرانية» استعدت قراءاتي ومعلوماتي القديمة بشأن «اتخاذ القرار» في التاريخ الروسي خلال المئة عام ونيّف المنصرمة. وإذا كان لينين ومرحلته الثورية يختلف عن بوتين ومرحلته، مع أن الأخير حاول إحياء الدور الروسي بعد انكفاء الاتحاد السوفياتي وهزيمته، إلا أن تتبع دور زعماء الكرملين في اتخاذ القرار يكشف فردانية عالية على الرغم من تغيير طبيعة النظام السياسي.

وإذا كانت السنوات الأولى لثورة أكتوبر شهدت بعض الأخطاء والمثالب والارتكابات بحكم تكالب الأعداء عليها وقلّة خبرتها، إلا أن ما حصل بعد وفاة لينين وتسلّم ستالين مقاليد الأمور جعلها تسير في طريق الدراما السياسية القاسية.

فلم يترك ستالين خصمه تروتسكي قعيد حسرات في المنفى البعيد فحسب، بل تمكّن من تهشيم رأسه وهو في المكسيك سنة 1940، وأرسل غريمه كيروف إلى القبر لمجرد أنه تجرّأ ورشّح نفسه في مؤتمر الحزب العام 1934 منافساً له.

بل إن غالبية الكوادر والقيادات التي حضرت المؤتمر تمّ تغييبها بعد حين، تمهيداً لمحاكمات اعتباطية شملت بعض قيادات الحزب التاريخية مثل بوخارين الذي كان يُعرف بالزعيم المحبوب.

ورغم الانفتاح الذي شهده عهد نيكيتا خروتشوف بعد وفاة ستالين عام 1953، إلا أن المؤامرات والدسائس ظلّت سائدة في الحياة الحزبية وعلى مستوى الدولة، فقد تمكّن خروتشوف من الإطاحة بمولوتوف وزير الخارجية المخضرم ليحل محلّه أندريه غروميكو عام 1957، لكن خروتشوف نفسه لم يسلم من التآمر فحلّ محلّه بريجينيف في «مؤامرة هادئة» ولم يعد يذكره أحد.

وعلى حدّ تعبير شبيلوف رئيس تحرير جريدة «البرافدا» الأسبق عن خروتشوف: فإنه شبه أمّي فقد كان يتعلّم القراءة ولم يستطع الكتابة وإن كانت ذاكرته «ذهبية» وكان تلقائياً وعلى فطرته، وقد ناصبته العداء خلايا ستالين النائمة وعدد من المثقّفين لحماقاته وتسلّطه.

وتعزّزت سلطة بريجينيف على حساب رئيس الوزراء أليكسي كوسيغن ورئيس مجلس السوفيات الأعلى نيكولاي بودغورني، وتفرّد لاحقاً في قراراته، ومع تقدّم السن والأمراض التي كان يعانيها لم يعد يكترث كثيراً بالأمور التي كان يسيّرها غيره.

وكان يسمّي الدول الاشتراكية «النقانق العفنة»، وقد سار على خطى أسلافه فاجتاح تشيكوسلوفاكيا عام 1968، وقد سبقه خروتشوف في اجتياح المجر العام 1956، وسبق له قمع انتفاضة درزدين (ألمانيا) وبوزنان (بولونيا).

يروي الكسندر فاسيليف في كتابه من «لينين إلى بوتين» بعض مفارقات زعماء الكرملين فقد غادر بريجينيف اجتماعاً مع أحد الزعماء العرب لأنه يريد مشاهدة مباراة لعبة الهوكي التي كان كثير الإعجاب والتشجيع لها، وظلّ الزعيم العربي في حيرة.

أما تشيرنينكو الذي جاء بعد فترة قصيرة من تولّي أندروبوف إدارة الكرملين، فكان هو الآخر يعاني أمراضاً عديدة، ويروي عنه أنه كان يتعثّر في القراءة، وفي أحد المرّات أخذ يتثاءب خلال القراءة وكان على يساره غروميكو يقلّب الصفحات، ولم يتمكّن من قلب الصفحة، وأعاد قراءتها ولكن المترجم عالج الأمر بذكاء وبراعة دون أن يلحظ تشيرنينكو ذلك.

كان البعض ينظر إلى أندروبوف وهو رئيس سابق لجهاز «كي جي بي» الذي عمل فيه الرئيس بوتين الحالي، باعتباره القادر على إصلاح أوضاع الاتحاد السوفياتي التي كانت تتدهور على نحو مروع، حيث كان يعاني اختناقات اقتصادية وانسداد أفق سياسي وبيروقراطية شديدة زادها السقوط في المستنقع الأفغاني العام 1978 والذي استمرّ نحو 10 سنوات، حيث انتهى بسقوط جدار برلين العام 1989 وانحلال الكتلة الاشتراكية وفيما بعد تفكّك الاتحاد السوفييتي العام 1991.

ولم تستطع قيادة غورباتشوف 1985-1991 رغم محاولات إعادة البناء والشفافية من انتشال الاتحاد السوفياتي من الانهيار، بل ساهمت في دفعه سريعاً إلى النتيجة المنتظرة بسبب الارتكاسات الكبيرة والأخطاء العظيمة والتراكمات المعتّقة.

ولذلك اضطّر إلى تقديم استقالته، حيث تولّى الرئاسة بوريس يلتسين الذي أجهز على آخر ما تبقّى من الاتحاد السوفييتي، 1991 – 1999، واتّسم عهده باستشراء الفساد المالي والإداري وهيمنة المافيا، الأمر الذي أدّى إلى الانهيار الاقتصادي الشامل، وقد اضطّر يلتسين إلى تقديم استقالته بعد ضغوط شعبية ليتم اختيار فلاديمير بوتين ليكون خلفاً له.

وإذا كانت محطة التدخّل السوفياتي في أفغانستان مؤشراً للانحدار نحو الهاوية فماذا ستكون محطة أوكرانيا بالنسبة لبوتين؟ هل التمهيد لبناء نظام دولي جديد يقوم على التعددية القطبية بعد النظام القطبي الأحادي بزعامة الولايات المتحدة، خصوصاً بصعود الصين وروسيا ومعهما الهند؟ أم أنه سيكون محطة تراجع؟

* د. عبدالحسين شعبان أكاديمي ومفكر عراقي، نائب رئيس جامعة اللاّعنف وحقوق الإنسان (أونور) في بيروت.

المصدر | الخليج

  كلمات مفتاحية

روسيا، بوتين، الاتحاد السوفياتي، لينين، ستالين، خروتشوف، بريجينيف، أندروبوف، غورباتشوف، نظام دولي جديد، التعددية القطبية،