التناقضات سمة سياسة الإمارات تجاه أفريقيا

الاثنين 25 أبريل 2022 07:45 ص

انتهى معرض "إكسبو 2020" في دبي الشهر الماضي، وهو المعرض الدولي الذي استضافته الإمارات، وسط إعجاب الحضور من كل مكان.

وقد استمر الحدث الضخم، الذي تم تأجيله بسبب جائحة فيروس كورونا لكنه احتفظ باسمه الرسمي لأغراض التسويق والعلامات التجارية، من أكتوبر/تشرين الأول 2021 إلى مارس/آذار 2022.

وفي ذلك الوقت، سجل أكثر من 24 مليون زائر من أكثر من 190 دولة، وفقا للموقع الرسمي للمعرض، مع مئات الملايين من الزائرين الآخرين تقريبا. ويعكس هذا الزخم مكانة دبي كمركز عالمي ناشئ بين الشرق الأوسط وأوروبا من ناحية، وآسيا، ولا سيما جنوب آسيا، وأفريقيا من ناحية أخرى.

وبالنسبة للأفارقة، بمن فيهم العديد من الذين حضروا، قدم المعرض للقارة فرصة للاستفادة من التحولات الجيوسياسية، على الصعيدين العالمي والشرق أوسطي. كما تؤكد المشاركة الأفريقية في "إكسبو 2020" على رغبة الحكومات والجمهور في مشاركة دولية أوسع تتجاوز "الثلاثة الكبار"، الصين والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي.

ولطالما اقتدى العديد من الأفارقة وحكوماتهم بالإمارات، على وجه الخصوص، بسبب تحولها الاقتصادي وتطورها، مع "نموذج دبي" الذي يُستشهد به بانتظام كمثال يحتذى به للحكومات في جميع أنحاء القارة.

وتعد دبي وجهة شهيرة للأعمال المسافرة والهجرة الاقتصادية والسياحة بين الأفارقة، لأسباب ليس أقلها قواعد التأشيرات الليبرالية نسبيا في الإمارات مقارنة بالدول الغربية.

وتطير "طيران الإمارات"، إحدى الناقلتين العلميتين لدولة الإمارات، الآن من وإلى ما يقرب من 20 دولة أفريقية، بما في ذلك مدن مثل لاجوس وجوهانسبرج والدار البيضاء ونيروبي ولواندا.

وتساهم سمعة دبي كمدينة آمنة ومتقدمة اقتصاديا ونابضة بالحياة في بلد مستقر سياسيا في جاذبية الإمارات للعديد من الأفارقة، وكذلك مكانتها كمدينة عالمية في دولة ذات أغلبية مسلمة.

وكذلك تعيش أعداد كبيرة من الأشخاص من نيجيريا وكينيا وأوغندا والكاميرون ودول أفريقية أخرى في دبي والإمارات الأخرى، كطلاب وعمال ومقيمين على حد سواء.

ومن جانبها، رأت الإمارات في المعرض وسيلة للمساعدة في توسيع وجودها في أفريقيا في دول مثل مصر وكينيا والسودان في شمال وشرق القارة، حيث تتمتع بالفعل بحضور كبير، ولكن أيضا في أجزاء من القارة حيث ينمو طموح أبوظبي، مثل السنغال وجنوب أفريقيا وجمهورية الكونغو الديمقراطية، التي انضمت مؤخرا إلى جماعة شرق أفريقيا.

كما أن مكانة دولة الإمارات كمصدر للاستثمار الأجنبي في أفريقيا آخذة في النمو أيضا، وفقا لقياس تدفقات رأس المال وخلق فرص العمل، بالرغم من أن نصيبها لا يزال يتضاءل أمام اللاعبين التقليديين من الولايات المتحدة وأوروبا.

وبحسب وزير الدولة الإماراتي للتجارة الخارجية، فقد قفزت تجارة الإمارات مع الدول الأفريقية إلى 50 مليار دولار في عام 2019 ونحو 40 مليار دولار في الأشهر الـ9 الأولى من عام 2020.

وهناك أكثر من 20 ألف شركة أفريقية تعمل في دبي، ويقال إن أفريقيا تولد 10% من عائدات موانئ دبي العالمية، عملاق الإدارة والبنية التحتية للموانئ في دولة الإمارات. وفي عام 2020، أطلقت الإمارات كونسورتيوم بقيمة 500 مليون دولار يستهدف أفريقيا، وهي مبادرة ركزت بشكل أساسي على الشباب والاقتصاد الرقمي، والذي قال وزير التعاون الدولي الإماراتي، الذي شغل أيضا منصب المدير العام لمعرض إكسبو 2020، عنه: "من شأنه أن يفعل التنسيق بين حكومة الإمارات وقطاعها الخاص تجاه أفريقيا".

وكانت الدول الأفريقية ممثلة بشكل جيد في المعرض، حيث أقام كل من الأعضاء الـ54 في الاتحاد الأفريقي أجنحة تضم معارض عن تاريخ بلاده، والتنوع الثقافي والابتكارات لديه. كما أقام الاتحاد الأفريقي جناحا في ساحة ملونة ترسم منطقة بلا حدود لأفريقيا، لتمثيل إمكانات القارة بالإضافة إلى تطلعاتها لتعميق الروابط التجارية طويلة الأمد بين أفريقيا والشرق الأوسط. وتم تصميم الهيكل لتوضيح موضوعات البنية التحتية والطاقة والعلوم والتكنولوجيا والتكامل الإقليمي والاقتصادي والزراعة والاستدامة البيئية.

وفي أكتوبر/تشرين الأول 2021، عند افتتاح المعرض، تم عقد منتدى الأعمال العالمي الأفريقي السادس في مركز دبي للمعارض، وربط 3 آلاف مستثمر ورجل أعمال تنفيذي من أكثر من 90 دولة بمسؤولين حكوميين أفارقة.

وقد استقطب الحدث الذي استمر يومين مشاركة الرئيس الكونغولي "فيليكس تشيسكيدي"، الذي تحدث في الاجتماع، بالإضافة إلى قادة أفارقة آخرين، بما في ذلك الرئيس الرواندي "بول كاجامي" والرئيس الموزمبيقي "فيليب نيوسي".

وفي فبراير/شباط، احتفل الاتحاد الأفريقي بيوم الشرف الأفريقي في "إكسبو 2020" في حفل احتفل بالتنوع الثقافي والابتكارات الفنية في القارة، مع عروض للراقصين والموسيقيين وفناني الكلام المنطوق من نيجيريا والمغرب والكونغو وجنوب أفريقيا.

وكذلك ألقى رئيس جنوب أفريقيا "سيريل راما فوزا" كلمة في احتفالات يوم جنوب أفريقيا في المعرض خلال زيارة إلى الإمارات في مارس/آذار بدعوة من الشيخ "محمد بن راشد آل مكتوم"، حاكم دبي ونائب رئيس دولة الإمارات ورئيس الوزراء.

والتقى الشيخ "محمد" بالعديد من القادة الأفارقة طوال مدة "إكسبو 2020"، بما في ذلك رؤساء بوتسوانا وزيمبابوي وموريشيوس، وكان زائرا منتظما لمختلف الأجنحة الأفريقية، حيث أبدى اهتماما كبيرا بمشاريعهم الثقافية وخطط الطاقة النظيفة.

وبالنسبة للعديد من الأفارقة الذين حضروا المعرض، كان ذلك بمثابة عرض قيّم للحيوية الثقافية للقارة، فضلا عن فرصة لتطوير الشراكات الدولية التي قد تساعد البلدان الأفريقية على تحقيق إمكاناتها الاقتصادية.

وقالت "بريندا نتامبيرويكي"، المحامية الأوغندية التي حضرت المعرض: "كان هناك الكثير من المعلومات في الأجنحة الخاصة بكل دولة، بالإضافة إلى أحداث محددة موجهة نحو الاستثمار الأجنبي في أفريقيا". وأشارت إلى أن بعض البلدان نظمت أيضا فعاليات استثمارية مصممة خصيصا لسوقها المحلي، والتي قدمت معلومات مفيدة من حيث السياق للمستثمرين ورجال الأعمال التنفيذيين بخلاف الاستعارات القديمة التي غالبا ما تستخدم لتصوير القارة من قبل وسائل الإعلام الدولية. وأوضحت: "في الأساس، نحن لسنا جميعا نطارد الأسود ونعيش في أكواخ، وهناك فرص كبيرة للاستثمار في بلداننا".

ولكن إذا أرادت أبو ظبي أن تضاهي حجم طموحها المعلن في أفريقيا، فسوف تحتاج إلى تعديل، إن لم يكن تقليص، وجودها في الأماكن التي يكون فيها تدخلها عامل زعزعة للاستقرار أكثر من كونه تأثيرا وسيطا.

ومنذ الانتفاضات العربية، حولت أبوظبي بشكل كبير تركيز مشاركتها في أفريقيا من خلال السعي لتحقيق أهدافها، لا سيما الحرب ضد الإسلام السياسي، الذي أصبح في عهد ولي العهد "محمد بن زايد" المحور المركزي للسياسة الخارجية لدولة الإمارات من خلال استخدام القوة العسكرية.

وكانت الإمارات مشاركا نشطا في الحرب الأهلية الليبية، على سبيل المثال، وقدمت الدعم لرئيس الوزراء الإثيوبي "آبي أحمد" في صراع تيجراي وسط مزاعم بارتكاب جرائم حرب.

وكان لتصدير المنافسات الخليجية الإماراتية إلى أفريقيا ومغامرات الإمارات العسكرية عواقب مزعزعة للاستقرار، مما جعل أبوظبي لا تحظى بشعبية بين بعض السكان المحليين.

كما تضر المزاعم القديمة بشأن إساءة معاملة العمال وعدم دفع الرواتب وانتهاكات حقوق الإنسان ذات الدوافع العنصرية للأفارقة السود في الإمارات بمكانة الدولة وقد تعرض للخطر قدرتها على جذب المزيد من الأفارقة للهجرة وبناء النوايا الحسنة معهم في بلدانهم الأصلية.

وليس من الواضح كيف يمكن لأبوظبي أن تكون قادرة على الحفاظ على الاستثمارات واسعة النطاق التي تقول إنها ملتزمة بإنجازها في أفريقيا، لا سيما في مواجهة الانكماش الاقتصادي المحتمل في الداخل.

وإذا كانت أبوظبي حريصة على بناء شراكات مستدامة في جميع أنحاء القارة، فستحتاج إلى تقديم إجابات لهذه الأسئلة المهمة.

المصدر | كريس أولالووا أوغونموديدي - وورلد بوليتكس ريفيو - ترجمة وتحرير الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

العلاقات الإماراتية الأفريقية الطموحات الإماراتية في أفريقيا إكسبو دبي 2020 الإمكانات الأفريقية قارة أفريقيا

الإمارات وأفريقيا.. ماذا تريد أبوظبي من القارة السمراء؟

الإمارات توسع تجارتها مع أفريقيا.. وتقرير يرصد سبب الازدهار الذي لا يتوفر في مصر