دعاية باذخة.. إيكونوميست: الاختيار يمثل كتابة المنتصر للتاريخ

الجمعة 6 مايو 2022 08:04 م

"المسلسل لا يقدم أي ضوء على الطريقة التي تآمرت فيها الدولة العميقة لرمي الديمقراطية في سلة القمامة.. ولكنه تاريخ يكتبه المنتصر".. هكذا علقت مجلة "إيكونوميست" البريطانية على مسلسل "الاختيار 3"، الذي قالت إن كثيرا من المصريين لم يتابعوه حتى نهايته.

المجلة، وصفت المسلسل، الذي بثته المخابرات المصرية في شهر رمضان المنصرم، بأنه يقدم "مجرد دعاية باذخة، قصد منها تعبئة المصريين في وقت يشعر فيه الكثير منهم بالخيبة من النظام والرئيس عبدالفتاح السيسي".

واهتم المسلسل بتقديم ما يقول المنتجون إنه معالجة درامية لـ"أخطر 96 ساعة في تاريخ مصر الحديث"، وهي التظاهرات الجماهيرية الحاشدة، ومن ثم الانقلاب في صيف عام 2013، الذي أطاح بـ"محمد مرسي"، عضو جماعة الإخوان المسلمين، والرجل الوحيد والأول الذي فاز بانتخابات نزيهة في مصر.

ويقوم المسلسل بدمج تسجيلات حقيقية لمسؤولي الإخوان والتي سجلتها لهم الأجهزة الأمنية بالسر ولم تبث من قبل.

وتقدم اللقطات، حسب المجلة، الإخوان المسلمين بصورة "العاجز والعنيد"، وهي حقيقة يتفق معها الكثير من المشاهدين، ولكن المسلسل لا يقدم أي ضوء على الطريقة التي تآمرت فيها الدولة العميقة لرمي الديمقراطية في سلة القمامة.

وتابعت المجلة، أن الرئيسين "جمال عبدالناصر" و"أنور السادات"، اهتم بهما مخرجون خلدوا حياتهما، ولكن ظهورهما حصل بعد فترة طويلة من وفاتهما.

وربما لن يجد "حسني مبارك" الذي أطيح به عبر ثورة شعبية في 2001، من يعالج حياته دراميا في السينما.

لكن تحول "السيسي" للشاشة الصغيرة يأتي في ذروة سلطته، فقد دفع عام 2019 لتعديلات دستورية تضمن له الحكم حتى عام 2030.

وأشارت المجلة، إلى أن مؤيدي "السيسي"، رغم أنهم يرون أنه "أنقذ مصر" من "النفق المظلم"، الذي قاد الإسلاميون البلد إليه، إلا أن البلد لم يخرج بعد إلى ضوء الشمس.

ولفتت إلى أنه "بعد 6 أعوام من توقيع مصر صفقة مع صندوق النقد الدولي للحصول على قرض بـ12 مليار دولار، عادت لطلب آخر، وهي تشعر بما سيتركه ارتفاع أسعار الطعام والطاقة على الميزانية".

وتابعت: "زادت معدلات الفقر منذ وصول السيسي إلى الحكم، وكذا المشاكل المزمنة مثل التعليم والرعاية الصحية الرديئة، والفوضى الحضرية، وعدم المساواة المستشرية، والفساد، وهي كلها مشاكل لم يتم حلها".

وأشارت المجلة، إلى أن المسلسل "فشل كتوثيق للتاريخ ودعاية"، فـ"عندما اجتمع المشاهدون الشهر الماضي لمتابعة المسلسل، كانوا يعرفون نهايته بالضبط.. ففي الحلقة قبل الأخيرة، دخل ياسر جلال الذي يمثل دور السيسي، وزير الدفاع في حينه، غرفةً مليئة بالقادة الدينيين والسياسيين قائلا: علينا اتخاذ القرار المصيري، والبلد بحاجة لواحد".

التاريخ هو 3 يوليو/تموز 2013، وبعد ساعات، ظهرت مجموعة الرجال البارزين على شاشة التلفاز إلى جانب "السيسي"، وهو يعلن نهاية التجربة الديمقراطية المصرية القصيرة.

وزات المجلة: "لا يعرف عدد المشاهدين الذين شاهدوا المسلسل في القنوات التي عرضته. وربما تابعه المصريون من مختلف التوجهات السياسية بأعداد كبيرة وكنوع من الواجب الوطني أو الرغبة بالسخرية من البروباغندا، لكن قلة تابعت المسلسل حتى نهايته".

وتابعت: "تم حث الصحفيين على كتابة مراجعات تبالغ في المديح. وربما أراد بعض المصريين التخلص من أحداث ذلك الصيف، فلديهم الآن مشاكل أكبر".

وزادت: "لم يكن هناك أي مجال للشك عمّن يجب دعمه عند مشاهدة المسلسل، فالسيسي رجل متواضع وتقي، وبار بأمه التي يتوقف للحديث معها وهو في طريقه للإعلان عن الانقلاب.. وأما مرسي وأتباعه، فقد ظهروا بطريقة ماكرة، ورافقت ظهورهم موسيقى تنذر بالشر".

ورغم يقين الكثيرين أن هذه ليست الحقيقة، وفق المجلة، "يفخر المنتجون بالمسلسل، ويقولون إنه ليس مجرد ترفيه، ولكنه كتاب تاريخ لأجيال المستقبل".

وهذا ما سعت إليه الصحافة المحلية، التي قالت إن الهدف من المسلسل "تشكيل وعي الأجيال الجديدة"، في بلد يشكل الشباب منذ 25 عاما أكثر من نصف سكانه البالغ عددهم 103 ملايين نسمة.

وتضيف التعليقات الصحفية، أن المسلسل يجعل الشباب الذين لم يعيشوا أحداث العام 2013 على دراية "بجهود الدولة لحمايتهم من الإرهاب".

في صيف ذلك العام، أطاح الجيش بالرئيس "محمد مرسي" ثم فرّق أنصاره الذين كانوا يعتصمون في القاهرة ما أدى، وفق منظمة "هيومن رايتس ووتش"، الى "أكبر مذبحة جماعية" في تاريخ مصر المعاصر.

وحرص "السيسي" نفسه، على الإشادة خلال مأدبة إفطار الأسر المصرية"، في نهاية رمضان، بما وصفه بـ"بمنتهى الدقة" في المسلسل الذي يروي، كما قال، "ما حصل" في الواقع، مشيراً إلى أن الهدف منه "تسجيل ما حدث في تلك المرحلة بأمانة وإخلاص وشرف".

وكرر ذلك مجددا في حفل تكريم الشهداء، أول أيام العيد، حين قال إن "الاختيار 3" جاء ليوثق "بدقة" مرحلة حكم الإخوان المسلمين و"ثورة 30 يونيو/حزيران".

ووفق مراقبين وتقارير غربية سابقة، فإن "السيسي" مهووس بالسيطرة على الإعلام والدراما، ولا يسمح بأي أعمال تعكس صورة غير إيجابية عن الدولة، وعما يريد، ما دفعه لتأميم وسائل الإعلام كليًا، دون تغيير الاسم، وترك رجاله يتحكمون في البرامج والمسلسلات التي يتم بثها.

وسبق أن علقت صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية، على مسلسل "الاختيار 3"، بالقول إن "السيسي يبدو، أنه يكتب التاريخ بطريقته، بغض النظر عن الحقيقة".

المصدر | الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

السيسي الإخوان مرسي الانقلاب ثورة مصر مصر الاختيار مسلسل

السيسي: لم أتآمر على مرسي.. ومسلسل الاختيار يوثق تاريخ مصر بأمانة

أيمن نور يتهم مسلسل الاختيار بالوقيعة بين قوى المعارضة المصرية

فكك من الإخوان يا شاويش.. ألتراس أهلاوي يرد على مسلسل الاختيار بأغنية جديدة