فورين بوليسي: استراتيجية وحيدة تنهي قدرة روسيا على تهديد مصالح الغرب

السبت 7 مايو 2022 12:48 م

"خلطة العصي والجزر لم تعد مجدية".. هكذا وصف المحلل السياسي "جون آر ديني" نتاج الاستراتيجية القديمة للولايات المتحدة الأمريكية والمعسكر الغربي إزاء روسيا، مؤكدا أن تلك الاستراتيجية "فشلت"، ولا بد من تغييرها.

وذكر "آر ديني"، في مقال تحليلي نشره بمجلة "فورين بوليسي" الأمريكية، أن علاقة واشنطن مع موسكو اتسمت بالتواصل والإدماج والمساعدة على مدى 25 سنة تقريبا، وتحديدا منذ نهاية الحرب الباردة حتى الغزو الروسي الأول لأوكرانيا وضمها غير القانوني لشبه جزيرة القرم عام 2014، مشيرا إلى تقديم الولايات المتحدة مليارات الدولارات لمساعدة روسيا في تدمير آلاف الرؤوس النووية في التسعينات، وعشرات المليارات لتحقيق الاستقرار في الاقتصاد الروسي وتعزيز الطبقة المتوسطة.

واعتبر المقال أن هكذا استراتيجية قادت إلى ضم القرم ولم تمكن الغرب من تحويل روسيا من خصم إلى شريك، مشيرا إلى أن السؤال الذي يواجه الولايات المتحدة والقادة الغربيين الآخرين الآن يكمن في كيفية الرد على روسيا في سياق حرب أوكرانيا أوّلا ثم في المراحل القادمة.

ويجيب "آر ديني"، في هذا الصدد، بالتأكيد على ضرورة إبقاء الكرملين معزولا قدر الإمكان مع تمكين الحلفاء الأوروبيين من تحمل وطأة التصرف إزاء روسيا، معتبرا أن مثل هذه الاستراتيجية ستسمح للولايات المتحدة بالاستمرار في التركيز على التهديد الصيني.

وأضاف: "يجب على واشنطن أن تسعى لجعل القوة الروسية تتآكل من خلال التنافس مباشرة مع موسكو لتقليل قدرتها على تهديد المصالح الحيوية للولايات المتحدة (..) علينا تقبل حقيقة أنه لا توجد خلطة من العصيّ والجزر يمكن أن تغير عقلية الكرملين وواقع روسيا الجيوسياسي أو التاريخي".

وشدد "آر ديني" على أن استراتيجية التنافس لتقويض قوة موسكو لا ينبغي أن تقوم على افتراض أن روسيا يجب أن تظل قوية، بل على دحر قوتها، خاصة الاقتصادية، إذ الاقتصاد (خاصة قطاع الهيدروكربونات) أساس قدرة الكرملين وقوّته.

وفي السياق، ينوه المقال إلى أهمية الجهود المبذولة لفطم أوروبا عن إمدادات الطاقة الروسية، مؤكدا أنه سيكون لها تأثير كبير على الاقتصاد الروسي بمرور الوقت.

وأوضح: "يجب على الولايات المتحدة مساعدة حلفائها في تحديد مصادر الطاقة غير الروسية والوصول إليها، بما في ذلك عن طريق توسيع صادرات الغاز الطبيعي إلى أوروبا، والضغط على منتجي الهيدروكربونات الآخرين لتوسيع عمليات التسليم إلى أوروبا، وتحفيز تعاون أكبر في التطوير والتوظيف الميداني للتقنيات المتجددة على نطاق واسع".

ويرى "آر ديني" أنه يجب على واشنطن أن تعمل على ضمان تسريع المصادقة على طلبات فنلندا والسويد للانضمام إلى عضوية حلف شمال الأطلسي (الناتو)، موضحا: "يمكن لواشنطن أن تفعل ذلك من خلال الإعلان بوضوح ولكن بهدوء أنها لن تسمح لنظام صديق لروسيا مثل المجري فيكتور أوربان بإبطاء عملية الموافقة أو منعها. ويمكن أن تلمح واشنطن إلى استعدادها لإعادة فحص دعمها للبنية التحتية لحلف شمال الأطلسي في المجر".

كما ينبغي على الولايات المتحدة أن تقود دول مجموعة السبع الأخرى للإعلان عن عدم دعوة روسيا إلى الانضمام مرة أخرى، حسبما يرى "آر ديني"، الذي اقترح تقديم طلب إلى الهند لتصبح عضوا في المجموعة، باعتبارها ديمقراطية ذات اقتصاد يقارب ضعف حجم اقتصاد روسيا وعميل مهم للصادرات الروسية.

 وأوضح: "قد يساعد الميل نحو الهند على حساب روسيا في تقليل قوة موسكو الدبلوماسية والاقتصادية من خلال تقليص مكانتها الدولية، وتوجيه ضربة لقوة الكرملين الناعمة، وربما إبعاد نيودلهي عن اعتمادها طويل الأمد على صناعة الأسلحة الروسية".

وعلى الصعيد العسكري، أكد "آر ديني" على أهمية قيادة الولايات المتحدة حلفاءها في تحول جذري في موقف الناتو تجاه روسيا، يصل إلى مستوى "وضع ردع معزز" بشكل كبير على عكس الوضع الدفاعي الحالي، الذي يعتمد الوعد بتوجيه ضربة مضادة في حالة وقوع هجوم روسي فقط.

ويعني هذا التغيير، حال حدوثه، جلب المزيد من القوات الأمريكية والقوات المتحالفة معها، ذات القدرات الأكثر تقدما والمتمركزة بشكل دائم في أوروبا الشرقية، لاسيما في بولندا ودول البلطيق ورومانيا، بحسب المقال.

واختتم "آر ديني" تحليله بالتأكيد على أن "الغرب بحاجة إلى استراتيجية جديدة تجاه روسيا"، داعيا إلى أن تسعى واشنطن إلى "تآكل قوة روسيا بمرور الوقت في المجالات العسكرية والدبلوماسية والاقتصادية"، معتبرا تلك "الاستراتيجية الوحيدة التي ستقضي على قدرة روسيا على تهديد المصالح الحيوية للولايات المتحدة" وحلفائها.

المصدر | الخليج الجديد + متابعات

  كلمات مفتاحية

روسيا أوكرانيا أنتوني بلينكن