سيناريوهات غامضة بعد انسحاب الصدريين من البرلمان العراقي

الجمعة 17 يونيو 2022 12:55 ص

قال عدد من السياسيين المعارضين لـ"مقتدى الصدر" إن الاستقالة المفاجئة لـ 73 نائباً من التيار الصدري تركتهم في حيرة من أمرهم. وأضافوا أنهم لا يستطيعون معرفة لماذا أمر "الصدر" على هؤلاء النواب بالانسحاب من البرلمان، مشيرين إلى أنهم حاليا غير متأكدين من خطوتهم التالية.

وبعد 8 أشهر من المأزق السياسي، قدم نواب التيار الصدري استقالات جماعية في خطوة لم يشهدها مجلس النواب العراقي خلال عهد ما بعد "صدام حسين" (منذ 2003).

ويعد وجود تيار "الصدر" في البرلمان مهما لإعطاء الشرعية للعملية السياسية في العراق. ولدى رجل الدين الشيعي الملايين من الأتباع المخلصين، ويعد تياره من أكبر الفصائل المسلحة ولديه إمبراطورية تتمتع بإيرادات سنوية تضاهي ميزانية بعض الدول المجاورة.

وقرأ الخصوم والحلفاء انسحاب تيار "الصدر" على أنه فقدان للثقة في العملية السياسية والقدرة على التغيير. وقال سياسيون ومراقبون إن إزالة الشرعية عن النظام السياسي العراقي، قد يكون تمهيدا لتقويضه، مما يزيد من احتمال اندلاع اشتباكات بين الشيعة في المستقبل القريب.

وقال أحد قادة الإطار التنسيقي (وهو تحالف الأحزاب المدعومة من إيران والذي يعد أكبر تكتل معارض للصدر): "ليس واضحا ما الذي يحاول الصدر تحقيقه هذه المرة. ليس لدينا رؤية واضحة أو فكرة عما ستكون عليه الخطوة التالية للصدر، وبالتالي لا يمكننا أيضًا تحديد خطوتنا التالية".

وأضاف: "نحن على يقين من أنه محبط للغاية ويرى أن محاولاته لتغيير العملية السياسية الحالية لم تنجح، لذا فإن خياره التالي هو الشارع". وتابع: "لكننا لا نعلم الآن هل سيلجأ إلى إشعال الشارع من خلال المظاهرات أم الاشتباكات المسلحة أم الاعتصامات. لذلك لا يمكننا تحديد خطوتنا التالية".

وبرز تحالف "سائرون" بزعامة "الصدر" في الانتخابات البرلمانية التي أجريت في أكتوبر/تشرين الأول، حيث حصد أكبر عدد من الأصوات. ومن خلال التحالف مع الكتل السنية والكردية، بدا أنه سيطر على البرلمان، وكان هدفه تشكيل حكومة "أغلبية" بدلا من الحكومات الائتلافية التي شهدها العراق منذ عام 2003.

لكن الفصائل المدعومة من إيران، والتي تكبدت خسائر كبيرة في الانتخابات، قاتلت بضراوة لمنع "الصدر" من تشكيل حكومة، وخلقت "ثلثا معطلا" من النواب أوقف تحقيق النصاب البرلماني.

وأدى الصراع بين "الصدر" وخصومه إلى دفع العملية السياسية إلى طريق مسدود. ووصف "الصدر" انسحاب كتلته بأنه "تضحية في سبيل الوطن والشعب لتخليصهم من مصير مجهول". 

وصدّق رئيس مجلس النواب "محمد الحلبوسي"، أحد أبرز حلفاء "الصدر"، على الاستقالات على الفور، دون تردد أو تحقق، ما يلقي بمزيد من الغموض على الوضع.

وقال "الحلبوسي" إنه حاول جاهدا ثني "الصدر" لكنه لم ينجح، وقال إنه سيتم استبدال النواب المستقيلين بالمرشحين الخاسرين الذين حصلوا على أعلى الأصوات في تلك الدوائر.

وتكشف المراجعة السريعة لنتائج الانتخابات المنشورة على الموقع الرسمي للمفوضية العليا للانتخابات، أن الإطار التنسيقي سيكون المستفيد الأكبر من العملية، حيث ستحصل الكتلة على ما لا يقل عن 50 مقعدا تضاف إلى 83 موجودة لديها حاليا.

وبالفعل عقد قادة الإطار التنسيقي اجتماعا مهما في بغداد لمناقشة آخر التطورات. وكان رئيس قوات الحشد الشعبي "فالح الفياض" ورئيس أركان الحشد "أبو فدك المحمداوي" أبرز الشخصيات في الاجتماع. تمت مناقشة العديد من المقترحات لكن لم يتم التوصل إلى قرار بعد، كما قال أحد الحاضرين.

وأفاد اثنان من قادة الإطار التنسيقي أن أحد أقوى المقترحات التي تم طرحها كان توجيه الشكر لـ"الصدر" والمضي قدمًا في استبدال نوابه وبدء مفاوضات لتشكيل حكومة جديدة. كما تمت مناقشة سيناريو الدعوة لحل البرلمان وإجراء انتخابات مبكرة. وكان الاقتراح الآخر هو اتخاذ خطوة إلى الوراء والسماح للنواب المستقلين بتشكيل حكومة يتم دعمها ومراقبتها عن كثب من قبل الإطار التنسيقي.

وقال أحد القادة في الاجتماع إن قوى الإطار التنسيقي حاولت المصالحة مع "الصدر" وإقناعه بالتخلي عن مشروع حكومة الأغلبية لكنها فشلت؛ لذلك ليس هناك جدوى من التفاهم معه مرة أخرى. وأضاف: "يرى بعض القادة أن ما فعله الصدر فرصة حقيقية لنا للتغيير ومحاولة إنقاذ العملية السياسية بعيدا عن مأساة الصدر".

واعتبر أن "تسمية شخصية مقبولة دولياً وإقليمياً لتولي تشكيل الحكومة يمكن أن يكون هو الحل". وقال إن هذه مقترحات لا تزال بحاجة إلى مزيد من المناقشة، مؤكدا أنه "لا يوجد شيء واضح بما فيه الكفاية حتى الآن".

وحاليا، تتزايد المخاوف من وقوع اشتباكات بين أنصار "الصدر" وخصومه، حيث يضم كلا الجانبين عشرات الآلاف من المقاتلين الأيديولوجيين ويمتلكان ترسانات كبيرة. ولا يخفي معارضو "الصدر" قلقهم من انسحابه، لكنهم يعتقدون أن أمامهم متسع من الوقت قبل أن يتخذ خطوته التالية.

وقال قائد من فصيل مسلح تدعمه إيران وقائد رئيسي في الإطار التنسيقي: "لا يزال لدينا الوقت الكافي لتجريد الصدر من الأدوات التي يمكنه استخدامها ضدنا".

وأضاف: "لا نعتقد أنه سينزل إلى الشارع الآن. سينتظر خطوتنا التالية.. لذلك لا نعتقد أنه سيفعل أي شيء قبل سبتمبر/أيلول. سنسعى لاحتوائه لكن دون تقديم أي تنازلات".

المصدر |  سؤدد الصالحي/ ميدل إيست آي  - ترجمة وتحرير الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

العراق مقتدى الصدر البرلمان العراقي تحالف سائرون الحلبوسي

العراق.. استقالة النواب الصدريين ومستنقعات سياسة آسنة

بعد انسحاب الصدر.. قوى الإطار التنسيقي تعلن مواصلة الحوار

العراق.. مقرب من الصدر يحذر من "فكرة خبيثة" بمساعي تشكيل الحكومة

برلمان العراق.. إعادة تموضع ودعوة لانتخابات جديدة

استراتيجية الصدر بعد انسحاب كتلته من البرلمان العراقي