مع تفاقم الجمود في ليبيا.. تصاعد التوتر بين فصائل طرابلس

الأربعاء 22 يونيو 2022 06:44 م

 قدم تبادل مفاجئ لإطلاق النار بين الفصائل في العاصمة الليبية هذا الشهر دليلا حيا بشأن كيف يمكن أن يؤدي الجمود السياسي إلى اندلاع قتال بين الجماعات المتناحرة وإنهاء عامين من السلام النسبي.

ويخضع جزء كبير من ليبيا منذ سنوات لهيمنة قوات مسلحة تسيطر على الأرض وتتنافس على المناصب، بينما تعمل رسميا كعناصر أمن مدفوعة الأجر تابعة للدولة، وظهر وجودها بشكل لافت خلال زيارة قامت بها رويترز مؤخرا.

وفي طرابلس، أدى تصاعد التوتر بسبب المواجهة بين حكومة الوحدة التي تم تشكيلها العام الماضي وحكومة منافسة أيدها البرلمان الذي يتخذ من الشرق مقرا له، إلى تفاقم خلافات سابقة في العاصمة بشأن وضع هذه الجماعات.

وعلى الرغم من إعلان جميع الأطراف أنهم يرفضون أي عودة إلى حرب كبرى ولا يتوقعون ذلك، إلا أن الجهود المبذولة لحل الأزمة تعثرت وثمة علامات جديدة على تصعيد مسلح.

وأظهرت لقطات نُشرت على مواقع التواصل الاجتماعي هذا الأسبوع فصيلا معارضا للحكومة في طرابلس يتحرك صوب المدينة من قاعدته في بلدة الزنتان الجبلية بقافلة كبيرة من المركبات العسكرية.

ويمكن لأي اشتباكات طويلة بين الفصائل المختلفة في طرابلس أن تتحول إلى صراع أوسع يجتذب قوات من جميع أنحاء ليبيا، في مرحلة جديدة من الحرب الأهلية يكون المدنيون أكثر المتضررين منها.

وعندما بدأ إطلاق النار هذا الشهر في حديقة سوق الثلاثاء بالقرب من وسط طرابلس التاريخي، كانت العائلات تستمتع بنسيم البحر البارد في ليلة عطلة نهاية الأسبوع بعد يوم صيفي حار.

وكانت نوال سالم (42 عاما)، قد ذهبت إلى هناك مع بناتها لأن انقطاع التيار الكهربائي يجعلها غير قادرة على تشغيل أجهزة تكييف الهواء في المنزل. ولعبت الفتيات بدراجاتهن وكانت نوال تقلب في محتويات هاتفها عندما سمعت إطلاق النار.

ووسط الفوضى، عندما أمسكت بأطفالها وركضت إلى المنزل، كان الناس يصرخون ويسقطون على الأرض ورأت أطفالا مفقودين انفصلوا عن آبائهم.

وقالت "كل ما أتذكره هو حمل بناتي بين ذراعي طوال الوقت حتى وصلنا إلى منزل أحد الأقارب وكنت أبكي كثيرا، وكانت بناتي خائفات جدا".

مواجهة

ذكرت تقارير أن أربعة أشخاص أصيبوا، ولكن في علامة على أن تلك الحوادث أصبحت عابرة - بل وربما طبيعية - بالنسبة لسكان المدينة، كانت الحديقة مزدحمة مرة أخرى في صباح اليوم التالي بالعائلات التي أخذت تتمشى وتشتري الآيس كريم (البوظة) من شاحنة.

ومع ذلك، هناك مؤشرات متزايدة على احتمال وقوع اشتباكات أوسع، مما يعرض للخطر اتفاق وقف إطلاق النار الذي تم التوصل إليه في عام 2020 بين الأطراف الرئيسية في الحرب الأهلية.

ورافق وقف إطلاق النار عملية سياسية أوشكت على الانهيار. وكان من المفترض أن تجري حكومة وحدة مؤقتة برئاسة عبد الحميد الدبيبة انتخابات في ديسمبر /كانون الأول لكن خلافا حول القواعد الحاكمة للانتخابات عرقلها.

وبدلا من ذلك، عيّن البرلمان والقوى المتمركزة في شرق البلاد حكومة جديدة برئاسة "فتحي باشاغا"، لكن "الدبيبة" رفض التنحي ولا يستطيع "باشاغا" دخول طرابلس.

ويبدو أن "الدبيبة" لا يزال يحظى بدعم معظم القوات المسلحة الرئيسية في العاصمة، لكن البعض يدعم "باشاغا".

وقال "عماد الدين بادي" من مؤسسة المجلس الأطلسي البحثية "لأنه لا يوجد منفذ سياسي للنقاش ولا توجد عملية سياسية، فإن ذلك يجعل الاشتباكات أكثر احتمالا".

وأضاف أن "حقيقة وجود حكومتين تؤدي إلى تفاقم هذا التوتر".

وقال مسؤول كبير في الدولة الليبية إن قادة الجماعات المسلحة تمكنوا من تأمين رواتب حكومية لمقاتليهم والحصول على عقود حكومية مقابل الولاء لشخصيات سياسية على مدى السنوات العشر الماضية.

وعندما حاول باشاغا دخول طرابلس الشهر الماضي، اندلعت اشتباكات بين الجماعات المتناحرة مما أجبره على ترك المدينة.

وجرى دمج معظم الفصائل المسلحة الرئيسية منذ فترة طويلة في قوائم رواتب الدولة بأدوار رسمية تحت إشراف وزارة الداخلية أو وزارة الدفاع، على الرغم من أنها مسؤولة أمام قادتها الأصليين وليس الحكومة.

إطلاق نار

في متجر للبزات الرسمية في وسط طرابلس، تُعلَّق على الجدران مجموعة من البزات من مختلف الألوان وأنماط التمويه، فضلا عن معدات تكتيكية ولوحة تحمل شارات للعديد من القوات العسكرية أو الأمنية، مما يُظهر العدد الكبير للجماعات المسلحة.

وخلال رحلة استغرقت خمس دقائق على طريق رئيسي بطرابلس من سوق الثلاثاء في اليوم السابق لإطلاق النار، أحصت رويترز ما يزيد على 20 مركبة من 11 قوة أمنية مختلفة، مما يُظهر أنها تابعة للشرطة أو الجيش.

المصدر | رويترز

  كلمات مفتاحية

ليبيا فصائل طرابلس

رفض أمريكي أوروبي لأي إجراء يقسم ليبيا والدبيبة وباشاغا يرحبان

مباحثات الخروج من الأزمة الليبية.. فشل متكرر وتداعيات خطيرة