معهد أمريكي: هذا هو أهم شيء في زيارة بايدن إلى السعودية

الأحد 17 يوليو 2022 09:18 م

أرسلت زيارة الرئيس الأمريكي "جو بايدن" إلى السعودية رسالة مفادها أن واشنطن قررت تجاوز جريمة اغتيال الصحفي "جمال خاشقجي" وهي القضية التي هددت سابقا بتدمير العلاقة بين الولايات المتحدة والسعودية. ويبدو أن "بايدن" قرر عدم الرضوخ لأولئك الذين يعتبرون تعزيز حقوق الإنسان الهدف الوحيد للسياسة الخارجية الأمريكية.

وقبل زيارة "بايدن"، كانت العلاقات الأمريكية السعودية تمر بأضعف حلقاتها خلال الخمسين عامًا الماضية. بالتأكيد واجهت هذه العلاقة صعوبات في الماضي، لكنها ظلت دائمًا محفوظة بالمصالح المشتركة والثقة المتبادلة.

على سبيل المثال، سعى السعوديون في البداية إلى تجنب حظر النفط العربي عام 1973، لكنهم انضموا في النهاية إلى الإجماع العربي لمعاقبة الدول التي تدعم إسرائيل في حرب أكتوبر؛ وتسبب هذا القرار في أضرار كبيرة للاقتصاد الأمريكي، ولكن من المثير للدهشة أنه تسبب بضرر ضئيل للعلاقات الأمريكية السعودية.

وقد أدرك وزير الخارجية الأمريكي آنذاك "هنري كيسنجر"، ووزير الخزانة "وليام سيمون"، الحاجة إلى تجنب هذا النوع من الاضطراب في المستقبل، لذلك بذلوا جهودا في تعزيز العلاقة وجعلوا السعودية صاحبة مصلحة في الرخاء الأمريكي.

وبالمثل، ففي حين لم تجد لجنة 11 سبتمبر/أيلول أي دليل على أن الحكومة السعودية دعمت هجمات تنظيم "القاعدة" على نيويورك وواشنطن، فإن حقيقة أن العديد من المنفذين سعوديون كانت سببا في اضطراب العلاقات السعودية الأمريكية.

ومع ذلك، ففي غضون 18 شهرًا، كانت هجمات تنظيم "القاعدة" نفسها سببا في تقارب الرياض وواشنطن مرة أخرى، حيث حلت الحرب على الإرهاب محل الحرب الباردة باعتبارها محور تعاونهم.

لكن تبدو الأشياء مختلفة تمامًا اليوم، حيث لا يشاطر الجيل الشاب من القادة في الرياض آباءهم في الالتزام بالعلاقات الأمريكية السعودية، ويدرك هؤلاء أن الصين - وليس الولايات المتحدة - هي الآن أكبر شريك تجاري وأكبر عميل يشتري النفط والبتروكيماويات من السعودية.

ويرى هذا الجيل من القادة أيضًا أن التعاون مع روسيا - وليس الولايات المتحدة - أعاد تنشيط قدرة "أوبك" على تحريك أسواق الطاقة. وأصبح هؤلاد القادة متشككين في التزام أمريكا بأمن السعودية ويعتبرون أن موسكو وبكين لديهما الآن نفوذ أكبر من واشنطن لدى طهران.

ولطالما كانت العلاقات الأمريكية السعودية عرضة لانتقادات الرأي العام والسياسيين في كلا البلدين، وقد تم الحفاظ عليها من خلال العلاقات الشخصية رفيعة المستوى، وليس من خلال المؤسسات الرسمية، لكن الوضع تغير حاليًا.

ولم يسبق أن أشار وعد رئيس أمريكي خلال حملة ترشحه بتحويل السعودية إلى "دولة منبوذة"، ولم يسبق للبيت الأبيض أن دعا علنا ​​إلى "إعادة معايرة" العلاقة مع الرياض أو رفض التحدث إلى ولي العهد السعودي بشكل علني، لكن ذلك حصل في عهد "بايدن".

وبالرغم من ذلك، لا تزال السعودية مهمة للغاية بالنسبة للولايات المتحدة؛ ولا تزال المملكة هي الدولة الوحيدة التي يمكن أن تجلب بسرعة كميات كبيرة من النفط إلى السوق، كما لا يزال الدعم المالي السعودي أمرًا بالغ الأهمية لاستقرار الدول الحليفة للغرب مثل مصر والبحرين وباكستان والأردن؛ وجميعها بلدان من شأنها أن تخلق المزيد من تدفق اللاجئين إلى أوروبا.

ولن يتم حل النزاع العربي الإسرائيلي دون تعاون من قادة السعودية. وقبل كل شيء، لا تزال السعودية تتشارك مع الولايات المتحدة في مصلحتها بأن يكون الشرق الأوسط مستقرًا وسلميًا.

وسيتطلب تحسين العلاقات الأمريكية السعودية أكثر من مصافحة وابتسامة، إذ سيتطلب ذلك التزامًا ووقتًا وبناءً للثقة على كلا الجانبين.

وسيرغب السعوديون في رؤية المزيد من التركيز الأمريكي على المخاوف الأمنية للرياض، لاسيما تلك المتعلقة باليمن وإيران. ويمكن أن يشمل ذلك تعاونًا أكبر في الدفاع الجوي والأمن السيبراني ومشاركة المعلومات الاستخباراتية، بالإضافة إلى الجهود الأمريكية الأكثر قوة لمنع شحنات الأسلحة الإيرانية إلى الحوثيين.

ومن شأن ذلك أن يسهل جهود الرياض لتخليص نفسها من المستنقع اليمني في أسرع وقت ممكن؛ ويبدو أن وقف إطلاق النار الحالي هو خطوة أولى جيدة للغاية.

في المقابل، تتوقع واشنطن بطبيعة الحال أن ترى زيادة إنتاج النفط السعودي بشكل يسمح بانخفاض الأسعار، بالإضافة إلى وضع حد لترتيبات "أوبك+" مع روسيا، فيما يود كلا الجانبين رؤية حل للنزاع العربي الإسرائيلي.

كما أن إعادة بناء العلاقة ستتطلب اعترافًا أمريكيًا لا لبس فيه بالإصلاحات الاجتماعية التي تحدث في السعودية. لقد قيدت الحكومة السعودية أنشطة الشرطة الدينية بشكل كبير وأرسلت رسالة مفادها أن "الإسلام السعودي" أصبح أكثر تسامحًا،  لقد فعلوا كل هذا بمفردهم دون تورطنا العسكري أو المالي، ويستحق ذلك التقدير بالمقارنة مع مسار الأحداث الكارثية في أفغانستان، حيث استثمر الغرب الكثير من الأرواح والأموال.

وحاليا، تحاول السعودية تنويع اقتصادها بعيدًا عن الهيدروكربونات، من خلال تطوير قطاعات التعدين والبتروكيماويات والنقل والسياحة، ويجب أن تحاول الولايات المتحدة دعم هذه الجهود.

وعلى عكس الرئيس الصيني، لا يمكن للرئيس "بايدن" توفير استثمارات أجنبية مباشرة بالأمر فقط، ومع ذلك، يمكن أن يعيد التزام الولايات المتحدة بمجموعة من الاتفاقيات التجارية الثنائية والالتزام بإرسال وفد رفيع المستوى إلى مؤتمر "مبادرة مستقبل الاستثمار" القادم في الرياض.

ومن شأن ذلك أن يرسل إشارة واضحة إلى الشركات الأمريكية بأن مقاطعة السعودية لم تعد السياسة التي تنتهجها واشنطن تجاه الرياض. وتعد زيارة "بايدن" إلى الرياض هي الخطوة الأولى اللازمة في إعادة بناء العلاقة، وفي الواقع فإن الجانب الأكثر أهمية في رحلته هو حدوثها ذاته.

على كل حال، لا يمكننا تجاهل الغضب الذي اشتعل في الولايات المتحدة بعد أن أقدمت الاستخبارات السعودية على اغتيال "خاشقجي"، لكن يجب أن نتذكر أن نفس جهاز الاستخبارات أنقذ عشرات الأرواح الأمريكية.

لقد أدى الاهتمام المفرط بـ"أجندة القضية الواحدة" ومصالح مجموعات محددة، إلى تقويض السياسة الخارجية الأمريكية في كثير من الأحيان، لكن "بايدن" يدرك أنه مسؤول عن حماية مجمل المصالح الأمريكية، ويجب أن نحييه بسبب المخاطر السياسية العظيمة التي يتحملها مع الهجوم الذي يتعرض له من الأعداء والأصدقاء على حد سواء.

المصدر | ديفيد راندال/ منتدى الخليج الدولي - ترجمة وتحرير الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

العلاقات السعودية الامريكية زيارة بايدن رحلة الشرق الاوسط النفط أسعار النفط حرب أوكرانيا روسيا إيران أوبك أوبك+ اتفاقات إبراهام التطبيع إسرائيل العلاقات السعودية الأمريكية

هل تفشل الصين مساعي بايدن لتحسين علاقات أمريكا مع السعودية؟

"NBC": بايدن اقتنع بزيارة السعودية بعد 18 شهرا من "الجهد الشاق"

نيويورك تايمز: هكذا يمكن إصلاح العلاقات السعودية الأمريكية دون التضحية بحقوق الإنسان

لماذا تتجاهل السعودية الجهود الأمريكية لعزل روسيا؟