هل تنقذ سلطنة عمان السعودية من أزمتها في اليمن؟

الاثنين 28 ديسمبر 2015 09:12 ص

نشرت صحيفة «المونيتور» مقالا تحليليا للكاتب والمحلل «جيورجيو كافييرو» تناول خلاله تحليل موقف سلطنة عمان من الأزمة القائمة في اليمن، وكيف يمكن أن يساعد هذا الموقف المحايد لعمان، المملكة العربية السعودية، في الخروج من مستنقع الحرب الدائرة في البلاد.

ووفق للصحيفة فإنه، وبعد مرور 9 أشهر على إطلاق العملية عاصفة الحزم، يجد السعوديون أنفسهم عالقين في مستنقع اليمن حيث يثبت المتطرفون مثل «الدولة الإسلامية» أنهم المنتصرين الوحيدين في الحرب الأهلية الدائرة هناك. مشيرة إلى المملكة انتقادات قوية من الجماعات المحلية والدولية لحقوق الإنسان، التي تتهم السعودية بتنفيذ جرائم حرب ضد المدنيين اليمنيين. وتؤكد الصحيفة أنه مع تنحية التكاليف والأعباء الأخلاقية جانبا، فقد أدت الحملة العسكرية المكلفة أيضا إلى تفاقم الأزمة المالية في الرياض.

ويؤكد الكاتب أنه في ضوء فشل محادثات السلام التي أجريت في وقت سابق من هذا الشهر في سويسرا واستئناف القتال في شمال اليمن، فإن السعوديين يواجهون معضلة استراتيجية كبرى. إذا فشلت الجولة القادمة من المحادثات المقررة مطلع عام 2016، فإن هذا يعني أن المملكة عليها أن تستمر في ضخ مواردها في هذا المستنقع الدموي، وأن أنها سوف تتراجع دون تحقيق أهدافها. وفي خضم يأسها، تبحث السعودية عن طريقة للخروج المشرف من اليمن، لذا فقد تحولت المملكة إلى جارتها عمان للتوصل إلى حل سياسي للأزمة المتفاقمة. في نهاية المطاف، قد تكون هذه الخطة الأكثر واقعية لحفظ ما وجه الرياض في اليمن.

السلطنة: جسر دبلوماسي

وأشار المقال إلى لقاء وزير الخارجية السعودي، «عادل الجبير»، الشهر الماضي نظيره العماني «يوسف بن علوي» في مسقط، لمناقشة مزيد من التعاون بين دول مجلس التعاون الخليجي الست فيما يتعلق باليمن. حيث دعا «بن علوي» إلى «دبلوماسية هادئة»، مؤكدا أن سلطنة عمان تسعى إلى «حلول دبلوماسية طويلة الأمد» تفرز عن «التقارب بين جميع الأطراف». ويؤكد الكاتب أنه، وعلى الرغم من أن انهيار الحكومة اليمنية المعترف بها دوليا في يناير/كانون الثاني قد أثار ردود أفعال مختلفة بشكل جوهري بين كل من المملكة العربية السعودية وسلطنة عمان، فإن «بن علوي» قد أكد على أن الرياض ومسقط قد اتفقتا على النظر إلى الأمام وتجاوز انكسارات الماضي.

وكانت عمان هي الدولة الوحيدة العضو في مجلس التعاون الخليجي التي لم تنضم إلى العملية عاصفة الحزم. وقد برهنت استجابة عمان الناضجة وبعيدة النظر على فهم مسقط الجيد للتاريخ اليمني وفقا للكاتب. ويؤكد المقال أن حل النزاع في اليمن يتطلب اتفاقا لتقاسم السلطة تشارك فيه جميع الأطراف على الطاولة، وليس حملة عسكرية تهدف إلى سحق حركة التمرد الحوثية. وتحقيقا لهذه الغاية، فقد حافظت مسقط على حيادها طوال فترة الصراع، والتزمت فقط تجاه دفع محادثات السلام.

ويشير الكاتب إلى أنه منذ إطلاق عملية عاصفة الحزم، استضافت عمان ممثلين عن العديد من الفصائل في الحرب الأهلية. في مايو/أيار الماضي، وعقد مسؤولون في وزارة الخارجية الأمريكية محادثات سرية في مسقط مع وفد من الحوثيين، وقد اجتمع ممثلو الحوثي مع وزير الخارجية الإيراني «محمد جواد ظريف» ومع المسؤولين في دول مجلس التعاون الخليجي برعاية مسقط. وقد أمن المسؤولون العمانيون أيضا عملية الإفراج عن المدنيين الغربيين المحتجزين في اليمن من قبل الجماعات المسلحة.

المصالح الوطنية العمانية

ويؤكد المقال أن السعي العماني من أجل تحقيق الاستقرار على المدى الطويل في اليمن المجاورة من شأنه أن يحفز مسقط لإجراء المزيد من المحادثات التي تنطوي على الأطراف المعنية بهدف التوصل إلى وقف دائم لإطلاق النار. من وجهة نظر سلطنة عمان، فإن الحوثيين والموالين لـ«صالح» لا يمثلون ذات القدر من التهديد الذي تقدره باقي دول مجلس التعاون الخليجي. بدلا من ذلك، فإن القيادة العمانية هي الأكثر تضررا من عدم الاستقرار بسبب التهديد الذي يشكله النزاع طويل الأمد في اليمن على أمن محافظة ظفار في سلطنة عمان، والتي تقع على الحدود التي تمتد بطول 187 ميلا بين الدولة العربية الخليجية وبين اليمن.

ويشير الكاتب إلى أنه قبل تولي السلطان «قابوس» الحكم في عام 1970، فإن الصراع الداخلي كان يمزق اليمن. ما بين عامي 1850 و1950، كان هناك اثنان من مراكز القوى يحكمان عمان هما الإمامة الإباضية في الداخل والسلطنة على طول الساحل. وبحلول عام 1959، وبمساعدة الدعم البريطاني، تمكن والد «قابوس» من سحق التمرد الذي شنته الإمامة الإباضية وترسيخ سيطرته على كامل البلاد، بما في ذلك الاحتياطيات النفطية المكتشفة حديثا في الداخل. في عام 1962، شنت مجموعة ماركسية متمردة تعرف باسم جبهة تحرير ظفار، عرفت فيما بعد باسم الجبهة الشعبية لتحرير الخليج العربي المحتل، تمردا واسعا في البلاد، والذي نجحت المملكة في هزيمته رسميا عام 1976 بدعم من البريطانيين والإيرانيين والأردنيين.

ويشير الكاتب إلى أن عمان تستعد أيضا لمواجهة التحديات المرتبطة بمسألة الخلافة. المسؤولون العمانيون يساورهم القلق من أن المجموعات المهملة تاريخيا في محافظة ظفار يمكن أن ترفض الاعتراف بشرعية خليفة السلطان «قابوس». في هذا السياق، فإن تشجيع التوصل إلى حل سلمي للأزمة اليمنية في اجتماع حول المائدة المستديرة يخدم المصالح الوطنية العمانية. تشير المقال إلى قلق عمان من إمكانية أن تقوم الجماعات المتطرفة بالتسلل إلى عمان وإثارة الاضطرابات من خلال تأجيج مثل هذه التوترات التاريخية خلال الانتقال السياسي في البلاد. مؤكدا أنه «ليس هناك شك في أن المتطرفين الجهاديين في اليمن مثل الدولة الإسلامية هم مدعاة لقدر أكبر من القلق مقارنة بالكثير من مقاتلي الحرب الباردة من جبهة تحرير ظفار وغيرهم».

ويؤكد الكاتب أنه على الرغم من أن السياسة الخارجية المستقلة في سلطنة عمان، التي عملت خارج إطار دول مجلس التعاون الخليجي، كانت مصدر إزعاج للسعوديين في مناسبات سابقة، فإن على المسؤولين في الرياض أن يكونوا ممتنين الآن للحكمة العمانية التي نأت بنفسها عن المشاركة في عاصفة الحزم. حقيقة أن المملكة العربية السعودية، أغنى دولة عربية وأكبر مستورد للأسلحة في العالم، لا يمكنها هزيمة التمرد من أكثر المناطق العربية فقرا هي مصدر كبير للإذلال، وفقا للصحيفة.

ويختتم الكاتب مقاله بالتأكيد على أنه سوف يكون من الحكمة أن يستفيد السعوديون من المساحة الدبلوماسية التي تتيحها عمان لهم في هذا الظرف الصعب. مؤكدا أن استمرار هذا النزاع لا يفيد المصالح طويلة الأجل لأي من السعوديين واليمنيين أو العمانيين.

  كلمات مفتاحية

السعودية سلطنة عمان اليمن عاصفة الحزم السلطان قابوس الحوثيين إيران المملكة حرب اليمن

انطلاق المناورات العسكرية بين سلطنة عمان وإيران في مضيق «هرمز»

بالفيديو.. سلطنة عمان تبرر عدم مشاركتها في «التحالف الإسلامي» بسبب «الدستور»

الملك «سلمان» يتسلم رسالة من سلطان عمان

أنباء عن مفاوضات سرية بين السعودية وإيران برعاية عمانية في مسقط

الحوثيون يشاركون في محادثات تمهيدية في سلطنة عمان لحل الأزمة اليمنية

«ياسين»: دور سلطنة عمان في الأزمة اليمنية ليس موفقا منذ البداية

العلاقات العمانية الإيرانية: هل تغرد السلطنة خارج السرب؟

سلطنة عمان تطلب من أقارب المخلوع «صالح» مغادرة أراضيها

عمان .. السلطان والدولة المنسية