استطلاع رأي

أي من هذه الدول تمارس الدور الأكثر إيجابية في حرب غزة؟

السعودية

مصر

قطر

إيران

تركيا

أهم الموضوعات

طبقات اليمين الإسرائيلي وبصيرة دا سيلفا

عن أوهام التفاؤل الأميركي

أزمة اقتصاد مصر وانتظار الفرج من الخارج

نحو وقف الحرب على غزة

سيناريو اليوم التالي للحرب

الصحوة العاجزة

الأربعاء 30 ديسمبر 2015 06:12 ص

ـ 1 ـ

هذا هو العام الذي وصلت فيه «صحوة السلطوية» إلى ذروتها.

البلاد التي طالبت بالتغيير، وثارت على صفقاتها مع حكّام الأقدار الدامية، لم تجد أملاً إلا في «صحوة» استبدادها القديم، لإنقاذها من «الحرب الأهلية» أو التفتت أو الانهيار الكامل.

كان «عبد الفتاح السيسي» عنوان هذا الأمل في «صحوة السلطوية»، ورغم أن ذلك بدا عبثياً، إلا أن «نجاح القادم من مؤسسة السلاح» كان قدراً أو مخرجاً من «حكم القبيلة» الإخوانية.

التجربة القصيرة العابرة، أنهت أوهام ما سمي منذ السبعينيات «الصحوة الإسلامية» تخيلاً بأن الخروج من نفق «الدولة الفاشلة» التي عاشت احتضارها الطويل بعد «هزيمتها» بسبب السلطوية لا المؤامرات كما تلوك أجهزة البروباغندا.

الدولة التي عشناها بعد نهاية الاستعمار، بالنسبة للسلطوية، ليست إلا «القناع الجنائزي» (والتعبير للفيلسوف الألماني فالتر بنيامين) تحمل موت «الفكرة» وهي تعلنها.

ومنذ أن بُنيت دولة «التحرّر» على السلطوية، وبرغم شعاراتها النبيلة، ونحن نعيش الطقوس البروتوكولية للبس «الأقنعة الجنائزية».

لذلك لم أفهم حالة الصدمة الشديدة من «البرلمان الجديد» في مصر... البرلمان مثل بقية السلطات الثلاث في تركيبة الدولة مجرد «قناع» تكتمل به صورة «الدولة الحديثة» وجنازتها.

هي «دولة ولا دولة» في الوقت ذاته، توزع فيها «العصبة السلطوية» ما تراه من هامش على مؤسسات كي تعمل، لتحقيق عملية الضبط، ناعماً وخشناً، وهكذا فالبكاء على البرلمان (الذي لم يكن بعيداً عن لعبة الأقنعة)، مثل المرثيات عن استقلال القضاء، في لحظة الضبط الخشن، بينما المرحلة تلك ليست إلا ضبطاً ناعماً بتوسيع الهامش للمؤسسات القضائية، كي تعمل بتراث المؤسسات في دول الضبط الناعم، ثم تعود إلى تذيل «العصبة السلطوية» ممثلة السلطة المطلقة التي يعلو فيها الرئيس جسماً بيروقراطياً يلعب أدواراً أمنية وسياسية، جاثماً على الدولة، حتى أنه ابتلع «الدولة» تقريباً، خاصة مع نزوعها المملوكي..

البرلمان في الموقع نفسه مجرّد «قناع» لتوزيع المنح والرخَص على نادي الحظ (..الذي يتخذ أشكالاً على هيئة أحزاب سلطة من الاتحاد الاشتراكي إلى الحزب الوطني..)، ومن هنا فالبرلمان والقضاء في تماهٍ مع السلطوية (في صحوتها)، من حيث الدور والرؤية والبنية... وهنا فالتردي الذي يبدو عليه برلمان 2015 هو علامة على عجز السلطوية عن توليد سلالات جديدة، أو عبور هزتها الكبرى في يناير/ كانون الثاني 2011 بقدرات جديدة... بمعنى ما فهذا «آخر ما لدى السلطوية».

ـ 2 ـ

وبعد 5 سنوات كاملة، تبدو السلطوية اليوم متهتكة (بفعل العجز والتحلل عبر زمن طويل) وذكية (بحكم سيطرتها منفردةً، كاقتراح قدري، وحيد) وقادرة بغريزتها الاحتكارية على الدفاع عن نفسها، بالوقوف أمام جمال مبارك، وإظهار تأييدها لإزاحة مبارك الذي ترك «جناحه العائلي المتحالف مع جناح مالي كان يهدّد هندسة الجسم البيروقراطي»، ثم في تعطيلها أوهام الإخوان المسلمين بالقفز من أعلى، وإدارة الدولة بسلطوية منافسة، تحتل مواقع القيادة، وتستبدل بالتدريج شرعية الدولة من «القوة» (والغالب راكب على الطريقة المملوكية) حيث مؤسسة السلاح هي «النواة الصلبة»، بشرعية «وكلاء الله» حيث مؤسسة الإرشاد هي القيادة الروحية للدولة.

الحاكم في هذه المعادلة سلطوي عابر، مساهمته في تجديد «السلطوية» يعتمد على شعبية جارفة، كانت مكافأة «الانحياز إلى إسقاط الإخوان» أو بمعنى شعبوي «إنقاذنا من الإخوان».

وهنا يبدو الالتباس هو أساس خطاب يجعل محاولة الجسم البيروقراطي استرداد «الدولة» أو إعادتها إلى وضع ما قبل ظهور جمال مبارك، متماشياً مع محاولة الإخوان أنهم فصيل ثوري، برغم أن كل أحلامهم من يناير (كانون الثاني 2011) كانت توسيع هامشهم.

(اكتمل الهامش بعد لقاء عمر سليمان وجلوسهم على الطاولة نفسها مع الدولة المتعالية التي تفاوضهم وتعقد معهم الصفقات في الخفاء لكنها بعد يناير ومن أجل استيعاب صدمة الخروج الكبير من أجل إسقاط النظام دعتهم إلى طاولاتها تحت أضواء الكاميرات)..

لأن الالتباس لا يستطيع حمل خطاب يهيمن على الناس، لم تبق أمام «السلطوية» لتعيد البناء، إلا التخلص من الجميع، أو العودة إلى مستوى «الثقة» في المجموعة الصغيرة الحاكمة، تاركة التفاصيل للمؤسسات أو ما نشط منها دفاعاً عن «سلطوية منهارة» فتحوّلت المؤسسات إلى طوائف بعد تورطها في أفعال خارج مهام عملها...

تتعامل المؤسسات على أنها طوائف تقوم بدور في استعادة «الدولة» أو بالمعنى الصحيح «صحوة السلطوية» التي ترث «الصحوة الإسلامية» في ترويج خطاب خادع يفسر «الانتكاس» أو «الانحطاط»...

وكما اعتمدت «الصحوة الإسلامية» تفسير انتكاسة حضارية على أنها سبب البُعد عن الإسلام (صانعة صورة افتراضية لحياة إسلامية في عصر ذهبي) فإن «الصحوة السلطوية» اعتمدت على تفسير الأزمات على أنها نتيجة طبيعية للخروج على النظام أو كسر هيبة حاكم وعصبته أو إرادة التغيير وطلب الحرية والعدالة... (وكأن من المفروض القبول باستمرار نظام العصابة بقمعيته وفشله ووصوله إلى قمم الانحطاط والركاكة... أو قبول الفوضى)...

ـ 3 ـ

خطاب «صحوة السلطوية» أمام فشل ذريع... لأن «الصحوة» فكرة تصلح في مناطق الظل، أو الهامش، لكنه عندما يصل إلى الحكم فإنه يتعرى تماماً أمام فشله، كما تعرى خطاب الصحوة الإسلامية، ولم يعد أمامه إلا النزوع الفاشي، وإقصاء الجميع، ليتبقى أمامه مجموعات مصالح تريد مصالحها من دون سياسة، أي بالمعنى الشائع شعبياً: «تقسيم التورتة»...

البرلمان التعس هو موديل مصغر على «الفراغ» السياسي الذي تشغله استعراضات بهلوانية، ومسارح بطولات صوتية تعتمد على البذاءة سلاحاً لقتل الخصومة، أو محاولات شلل الضباط المتقاعدين أداء دور «عساكر المراسلة» من أجهزتها في إدارة الصراعات عن بُعد.

  كلمات مفتاحية

مصر السيسي الدولة الحديثة الدولة الانقلاب حكم العسكر

مصر.. عودة السلطوية بقيادة الجيش وانتكاس الحياة العامة لحالة قمع غير مسبوقة

لكي تنعتق مصر من ظلم السلطوية وهزلها

مصر.. ليس سقوط طائرة فحسب

إفلاس السلطوية العربية

الأصولية السلطوية وانهيار «الدولة» العربية