استطلاع رأي

أي من هذه الدول تمارس الدور الأكثر إيجابية في حرب غزة؟

السعودية

مصر

قطر

إيران

تركيا

أهم الموضوعات

طبقات اليمين الإسرائيلي وبصيرة دا سيلفا

عن أوهام التفاؤل الأميركي

أزمة اقتصاد مصر وانتظار الفرج من الخارج

نحو وقف الحرب على غزة

سيناريو اليوم التالي للحرب

قوة النظام.. ونظام القوة!

الأحد 21 أغسطس 2022 03:55 م

قوة النظام.. ونظام القوة

ماذا يحدث حين تتحول "قوة النظام" الذي يتبعه الناس طوعا لاتساقه مع المبادئ وقيم الخير إلى "نظام القوة" مفروضا بالقوة والإكراه والفساد؟

هل يحقق الانقلاب العسكري الروسي الصيني العدل والسلام أم تكون النتيجة مزيدا من الفوضى والمجاعات والصراعات المسلحة والاستقطاب بين دول العالم؟

تبين بما لا يقبل الشك أن أمريكا متمسكة بقيادة العالم منفردة، وها هي الصين تنتظر اللحظة المناسبة لتشارك روسيا هذا الانقلاب على أرض "تايوان".

انتظرت روسيا طويلا ورتبت بتأن لـ"الانقلاب العسكري" على النظام العالمي الأمريكي الغربي وأعلنت عن مكان الانقلاب ومسرح الأحداث وهو أوكرانيا.

العالم بحاجة لنظام عالمي جديد قوي بقيمه الأخلاقية وإرسائه قواعد العدل والمساواة بين الدول، لتحقيق السلام والتعاون بعيدا عن الهيمنة والاحتكار ومافيا السلاح.

يصنف "فيسبوك" الكيانات العسكرية المقاومة لإسرائيل كيانات إرهابية بينما لا يصنف الاحتلال الإسرائيلي كيانا إرهابيا رغم ممارسته الإرهاب ضد شعب فلسطين.

*   *   *

فيسبوك يفرض نظامه

كل الكيانات العسكرية المقاومة لإسرائيل يصنفها "فيسبوك" كيانات إرهابية، في حين لا يصنف دولة الاحتلال الإسرائيلي كيانا إرهابيا رغم ما تمارسه من إرهاب في حق شعب فلسطين الأعزل، وهذا أمر مؤسف لكنه واقع.

حين فكرت بروية وجدت أن "فيسبوك" وضع نظاما ولائحة وقواعد وعرضها بشفافية على من يريد الانضمام إليه، ومن حق من يريد الانضمام إلى هذه المنصة أن يرفض أو يقبل هذه الشروط، قبل أن يضغط على زر "موافق"، لكننا جميعا نضغط على زر "موافق" دون قراءة التعليمات التفصيلية، لأننا محكومون بمحدودية الخيارات، وما زال نظام "فيسبوك" بشروطه ذات المعايير المزدوجة، يمنحنا مساحة من حرية التعبير لا تتوفر لنا في إعلام بلادنا.

وتذكرت موقف الفيلسوف سقراط، الذي حُكم عليه بالموت بتناول السم، بتهمة زعزعة استقرار المجتمع وسخريته من العادات والأعراف والقوانين والنظام الديمقراطي السائد حينها وإفساد عقول الشباب.

ظل سقراط فترة في السجن قبل تنفيذ الحكم فيه، وعرض عليه تلاميذه الهرب ولكنه رفض لأن ذلك يخالف مبادئه في اتباع القوانين السائدة ولو كانت ظالمة.

فرغم أن سقراط كان يحاول أن يسلط الضوء على مساوئ النظام السائد فإنه لم يخالف قوانين هذا النظام، لأن طاعة الأنظمة سبب من أسباب استقرار المجتمعات.

وهناك عبارة أتذكرها رغم جهلي بقائلها تقول: "إن الناس تقدر النظام أكثر مما تقدر الحق والحرية"، وهذا صحيح مع الأسف، فالناس عادة يفضلون ما استقروا عليه وألفوه، وقد ذكر الله تعالى ذلك في كتابه: "وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا مَا أَنزَلَ اللَّهُ قَالُوا بَلْ نَتَّبِعُ مَا أَلْفَيْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا ۗ أَوَلَوْ كَانَ آبَاؤُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ شَيْئًا وَلَا يَهْتَدُونَ".

لكن ماذا لو فشل النظام؟

ماذا يحدث حين يصبح النظام الذي يحكم: أسرة، مؤسسة، دولة أو العالم، عائقا أمام الحياة الناس الطبيعية؟

ماذا يحدث حين يعرقل النظام مسيرة التطور والنمو ويخيب آمال الناس ويصادر إبداعهم؟

ماذا يحدث حين تركن الأنظمة إلى قوة أيّ كان من خارجها في محاولة لإخفاء هشاشتها وخوائها الداخلي؟

ماذا يحدث حين يتحرك النظام من مربع "قوة النظام" الذي يتبعه الناس طوعا لأنه متسق مع المبادئ والقيم التي تحقق لهم الخير، إلى مربع "نظام القوة" الذي يفرض نفسه بالقوة إجبارًا للناس، ويكون نظاما ظالما فاسدا، لا يحقق العدل ولا يؤمن بتكافؤ الفرص للجميع، يتبعه البعض طمعا والأغلبية خوفا؟

حين يفشل النظام تنتشر الفوضى وتنهار قواعده، ولا يصبح هناك معايير واضحة للصواب والخطأ، ويعيش الناس في بلبلة مفاهيم متضاربة وحجج متعارضة، ويعاني الجميع حتى يبدأ التغيير ويحل نظام جديد محل النظام الجديد المتهالك، وهو ما نشهده على الساحة الدولية الآن، وهو ما ذكره التاريخ في أضابيره وما رواه الثقات.

الانقلاب العسكري على النظام العالمي

الأنظمة الفاشلة يعريها الزمن ويكشف عوراتها. بعد الحرب العالمية الثانية تم تأسيس منظمة الأمم المتحدة التي تضم الآن 193 دولة وتم وضع ميثاق عمل لها من المفترض أن تلتزم به جميع الدول الأعضاء، لكن حق الفيتو أضر كثيرا بمصداقية ونزاهة هذه المؤسسة الأممية، وكذلك انحيازها للممولين الكبار، وبدت المنظمة التي تأسست لحماية السلم الدولي عاجزة تماما عن تحقيقه، ووجدنا دولا تخرق القانون الدولي ولا يتحرك مجلس الأمن لردعها أو عقابها أو حتى سؤالها في حين يسمح بالتدخل العسكري في دول أخرى تصنف على أنها مارقة ويتم تأديبها عسكريا بعنف!!

الحلفاء الذين خرجوا منتصرين من الحرب العالمية الثانية توافقوا على نظام عالمي متعدد الأقطاب يضم معسكرين، معسكر غربي وآخر شرقي يتقاسمان إدارة العالم، هذا النظام دام قرابة أربعة عقود حتى تم تغييره دون إراقة قطرة دم واحدة، بتحفيز وإغراء المعسكر الغربي للزعيم السوفيتي غورباتشوف وشعوب أوروبا الشرقية على التمرد على الحكم الشيوعي الشمولي، وسقط سور برلين ومن بعده انهار الاتحاد السوفيتى، وتصدرت أمريكا منفردة المشهد وأصبح النظام العالمي غربي الهوى رأسمالي العقيدة.

لكن هذا النظام الأحادي القطب ثبت فشله أيضا، صدر النظام الحالي مفهوما مضللا للعالم بأن تميزه كان نتيجة صلابة مبادئه وقيمه الرفيعة التي تحترم كرامة الإنسان وحقوقه وحرياته وتدعم الديمقراطية في شتى أنحاء العالم، لكن الواقع أثبت أنه حقق تفوقه بسبب القوة العسكرية الأمريكية الهائلة واستيلائه على ثروات العالم الثالث، كما أظهر انفراد أمريكا بقيادة العالم وجهها القبيح ونزعتها النرجسية ومعاييرها المزدوجة في التعامل مع الصراعات في العالم.

عدد كبير من دول العالم أصبح تابعا لهذا النظام طمعا وخوفا، لكن روسيا، وريثة الاتحاد السوفيتي السابق، انتظرت طويلا ورتبت بتؤدة لـ"الانقلاب العسكري" على هذا النظام العالمي الأمريكي الغربي، وأعلنت عن مكان الانقلاب ومسرح الأحداث وهو أوكرانيا، بعد ما تبين بما لا يقبل الشك أن أمريكا متمسكة بقيادة العالم منفردة، وها هي بكين تنتظر اللحظة المناسبة لتشارك روسيا هذا الانقلاب على أرض "تايوان".

العالم بالفعل بحاجة إلى نظام عالمي جديد قوي بقيمه الأخلاقية وإرسائه لقواعد العدل والمساواة بين الدول، توّاق لتحقيق السلام والتعاون الدولي بعيدا عن السيطرة والهيمنة والاحتكار ومافيا السلاح، لكن هل يحقق الانقلاب العسكري الروسي الصيني ذلك أم تكون النتيجة مزيدا من الفوضى والمجاعات والصراعات المسلحة والاستقطاب بين دول العالم؟ سؤال يصعب التكهن بإجابته.

* مي عزام كاتبة وصحفية مصرية

المصدر | الجزيرة مباشر

  كلمات مفتاحية

روسيا الصين أمريكا الغرب أوكرانيا الانقلاب العسكري النظام العالمي قوة النظام نظام القوة فيسبوك الأنظمة الفاشلة