أكدت مصادر طبية، السبت، سقوط قتلى وجرحى جراء اشتباكات متفرقة بين ميليشيات متناحرة في العاصمة الليبية طرابلس ليلة السبت، بينهم الممثل الكوميدي "مصطفى بركة".

جاء ذلك في ضوء صراع متبادل بين قوات تابعة لرئيس الحكومة المكلفة من مجلس النواب "فتحي باشاغا"، وأخرى تابعة لرئيس حكومة الوحدة الوطنية "عبدالحميد الدبيبة"، وسط تخوفات من اندلاع مواجهات عسكرية في العاصمة طرابلس وضواحيها، حسبما أفادت شبكة "روسيا اليوم".

وتزامنت إفادة المصادر مع نشر تقارير صحفية عن "حرب مشاة" اندلعت في مناطق باب بن غشير وشارع الزاوية، وسط طرابلس، بين قوات جهاز دعم الاستقرار، التابعة لحكومة "الدبيبة"، بقيادة "عبدالغني الككلي"، المعروف بـ"غنيوة"، والكتيبة 77، التابعة لحكومة "باشاغا"، بقيادة "هيثم التاجوري".

وسيطرت قوة جهاز دعم الاستقرار على مقري الكتيبة 92 والكتيبة 777 و مقرات أخرى تابعة لمجموعات موالية لحكومة "باشاغا"، بحسب المصادر.

وذكرت بوابة "الوسط" الليبية أن "قوة حماية الدستور" أغلقت الطريق الساحلي الرابط بين العاصمة طرابلس ومصراتة، وبالتحديد عند بوابة وادي كعام.

وقالت صفحات ليبية على "فيسبوك" إن هذا التحرك جاء عقب وصول أخبار عن تحرك قوة عسكرية بقيادة الفريق أول "سالم جحا" نحو العاصمة، فيما أشارت تقارير لاحقة إلى فتح جزء من الطريق الساحلي ومرور عدد من الشاحنات منه.

ومن جانبه، قال اللواء "أسامة الجويلي"، آمر غرفة العمليات المشتركة بالمنطقة الغربية، المحسوب على "باشاغا"، إنه يرفض التفاوض مع التشكيلات المسلحة المقربة من "الدبيبة"، ورأى أن أغلبها "يسعى لذلك بمنطق المال والمكاسب"، وطالب في المقابل بضرورة انسحاب كافة التشكيلات المسلحة من مقرات الحكومة وتسليمها دون شروط.

فيما أوردت صحيفة "ليبيا أوبزرفر" بيانا منسوبا لـ "باشاغا" يعلن فيه ما أسماها بعملية "الصيد المتين" لدخول العاصمة طرابلس.

كما نقلت وسائل إعلام محلية عن مصدر من حكومة "باشاغا" أن قواتها لن تبادر باستخدام القوة، وقال إنها قد تكون فقط لـ"رد العدوان"، مشيراً إلى أن هدف هذه القوة هو التوجه نحو المقار الحكومية لتأمينها، وتمكين الحكومة من ممارسة مهامها.

في المقابل، رصدت المصادر الإعلامية ذاتها تفعيل عدد من القيادات الموالية لـ"الدبيبة" ما كان يعرف باسم "مجلس طرابلس العسكري"، تزامناً مع تحركات لأرتال تابعة لـ"الدبيبة" بهدف تأمين مداخل ومخارج المدينة الجنوبية والغربية والشرقية، بالإضافة إلى إغلاق الطرق المؤدية إلى مطار طرابلس المغلق.

كما نقلت وكالة "الأناضول" التركية للأنباء عن مصدر عسكري، تابع لحكومة "الدبيبة"، أنه تم نشر قوات عسكرية تتبع لحكومة "الدبيبة" في المناطق الجنوبية للعاصمة، تحسباً لأي هجوم محتمل من قبل كتائب مسلحة تتبع حكومة "باشاغا"، مشيراً إلى أن هذا التحرك جاء بعد الاجتماع، الذي جمع "محمد الحداد"، رئيس أركان الميليشيات الموالية لـ"الدبيبة"، مع بعض الكتائب المسلحة بالمنطقة الغربية.

وبدوره، أعلن "عبدالغني الككلي" حالة النفير في منطقة أبوسليم جنوب طرابلس، كما أعلن "محمد بحرون"، الملقب بـ"الفار"، تشكيل غرفة مشتركة من كتائب المناطق العسكرية من طرابلس، والمنطقة الوسطى والساحل الغربي، وتجهيز كافة الكتائب التابعة لقوات الزاوية المسلحة للمشاركة في العملية المرتقبة لحسم الأمور، متعهدا بوقف من وصفهم بـ"المجرمين الخارجين عن القانون، الذين لا تهمهم حياة المواطنين وأمنهم".

يأتي ذلك فيما أفاد مراسل التلفزيون العربي بمقتل الممثل الكوميدي "مصطفى بركة" بعد إصابته برصاصة طائشة نتيجة الاشتباكات الدائرة وسط طرابلس وضواحيها.

وكان الممثل الشاب يصور الاشتباكات العنيفة في شوارع العاصمة الليبية لتوثيقها، وقال في آخر بث مباشر له: "صورة أخيرة قبل أن نموت".

وشارك "بركة" في مسلسلات عرضت في شهر رمضان، وعرفه الجمهور الليبي للمرة الأولى عام 2014، من لعبه دور البطولة في مسلسل "العشوائيون".

ومن جانبه، أكد السفير الأمريكي في ليبيا، "ريتشارد نورلاند"، السبت، أنه اتفق مع رئيس المجلس الرئاسي الليبي "محمد المنفي" على ضرورة وقف التصعيد ووقف الاشتباكات في طرابلس.

وذكر "نورلاند" عبر "تويتر": "ناقشنا أنا ورئيس المجلس الرئاسي المنفي يوم أمس أهمية تجنب الاشتباكات العنيفة في طرابلس وضرورة وقف التصعيد".

وأَضاف: "واتفقنا على الحاجة الملحة لوضع اللمسات الأخيرة على قاعدة دستورية والتقدم نحو الانتخابات، وكذلك على أهمية اتخاذ الخطوات لتعزيز الشفافية والمساءلة في إدارة عائدات النفط الليبي".

يذكر أن اللجنة المشتركة المشكلة من رئاسة الأركان العامة، التابعة لحكومة "الدبيبة"، وعدد من الحكماء والمشايخ والأعيان من مصراتة وطرابلس، طالبت جميع الأطراف الليبية، الأربعاء الماضي، بنبذ استخدام القوة واللجوء للحوار وتحكيم العقل، وصولا إلى خارطة طريق تنهي الصراعات السياسية والأمنية الحالية.