هل هناك أمل بمصالحة فلسطينية؟

الخميس 6 أكتوبر 2022 06:37 ص

هل هناك أمل بمصالحة فلسطينية؟

تفاؤل بالجهد الجزائري في ظل ظروف تتسابق فيها دول عربية على التخلّي عن فلسطين وإقامة علاقات التطبيع الأمنية الحميمة مع إسرائيل.

يُفترض بهذا الجهد أن يُقابل من المشاركين في الحوار الوطني بتجاوز الخصومة التقليدية، ونزعات السيطرة واحتكار القرار الفلسطيني.

يؤمل ألا تكون المصالحة المأمولة، إذا تحققت، مصالحة تكتيكية يقتضيها المقام الجزائري، وأن تعود الأمور، بعد فترة، إلى ما كانت عليه.

سيعقد الحوار الوطني الفلسطيني الشامل بالجزائر خلال أيام وسيستخدم قادة الجزائر بمن فيهم الرئيس ووزير الخارجية حكمتهم وقدرتهم على اقتراح حلول عملية، لتحقيق اختراق.

*   *   *

تجتهد آلة الدبلوماسية الجزائرية، منذ أشهر، على جمع القوى الفلسطينية، في محاولة لإجراء مصالحة عامة تنهي الانقسام الفلسطيني الذي سجّل صيف عام 2007 إشارته الفارقة مع حسم حركة «حماس» الوضع في قطاع غزة لمصلحتها.

وبذلك تحوّلت الخصومة الأيديولوجية بين التيارين الفلسطينيين الكبيرين، إلى انقسام جغرافي سياسيّ تقود فيه حركة «فتح» (باعتبارها الجسم الأكبر في «منظمة التحرير الفلسطينية») السلطة المعترف بها دوليا في الضفة الغربية، وتدير فيه حركة «حماس» القطاع من مدينة غزة.

سيعقد الحوار الوطني الفلسطيني الشامل، إذن، في الجزائر، خلال بضعة أيام، وسيستخدم الساسة الجزائريون، بمن فيهم الرئيس عبد المجيد تبون، ووزير خارجيته رمطان لعمامرة، حكمتهم، وقدرتهم على اقتراح حلول عملية، لتحقيق إنجاز سيحتسب لبلد الثورة الجزائرية، وسيكون أحد العناصر المميزة في القمة العربية المقبلة هناك.

إحدى الروافع الكبرى، التي يُفترض أن تكون العامل الرئيسي في تلك المصالحة المأمولة، هو الحاجة الوجودية لمجابهة الخطط الإسرائيلية المتلاحقة لاحتلال مزيد من الأرض الفلسطينية لبناء المستوطنات، ومحاصرة القدس، وفصلها وزرع ضواحيها بالكتل الاستيطانية، وتحويل هجمات اليهود المتطرفين على الأقصى إلى حق مفروض بالقوة بعد أن سنّته المحاكم الإسرائيلية، إضافة إلى التطاول على مقدّسات إسلامية أخرى مثل الحرم الإبراهيمي في الخليل، وقبر يوسف شرق مدينة نابلس.

مفروغ منه أن إسرائيل تعمل على تفتيت الفلسطينيين، وتستفيد من خصوماتهم، بغض النظر عن أماكن تواجدهم، ومن نافل القول أيضا إن تلك الانقسامات، سواء في داخل أراضي 1948 (التي أدت لظهور ثلاث قوائم انتخابية للكنيست)، أو الضفة وغزة، أو أراضي الشتات، يجب أن تكون العامل الذي يفرض نفسه، وأن تسعى التيارات الفلسطينية إلى تكريس الوحدة التي يكافح الفلسطينيون، في كل أماكن تواجدهم، على إظهارها، ويجاهدون للحفاظ عليها، رغم الحواجز والحدود والسور العنصري والمستوطنات.

من الطبيعي أن نتفاءل بالجهد الجزائري، وهو جهد نادر، في ظل الظروف الحالية، التي تتسابق فيها بعض الدول العربية على التخلّي عن الفلسطينيين، وإقامة علاقات التطبيع الحميمة مع إسرائيل، على الصعد الأمنية والعسكرية والسياسية والاقتصادية.

يُفترض بهذا الجهد أن يُقابل من المنظمات الفلسطينية المشاركة في الحوار الوطني بتحدّي نزعات الخصومة التقليدية، ونزعات السيطرة واحتكار القرار الفلسطيني، وهو تحدّ لا نعرف إن كان قادة المنظمات قادرين على الصعود إليه، فهو يقتضي، عمليا، أكثر من مجرد قبول فكرة المصالحة، ويمكن أن يصل لإعادة التفكير في هياكل تلك المنظمات، والأسس التي تُدار فيها، فمن غير الممكن أن تكون قادرا على مصالحة المختلف معك سياسيا، وأنت لا تتقبل الاختلاف داخل المنظمة نفسها.

ما نأمله أيضا ألا تكون المصالحة المأمولة، إذا تحققت، مصالحة تكتيكية يقتضيها المقام الجزائري، وأن تعود الأمور، بعد فترة، إلى ما كانت عليه.

المصدر | القدس العربي

  كلمات مفتاحية

فلسطين الجزائر مصالحة حماس فتح الدبلوماسية الجزائرية القمة العربية الخصومة السياسية الحوار الوطني الفلسطيني الشامل