الاضطرابات الجيوسياسية تؤثر على مساعي فرنسا للتقارب مع الجزائر

الأربعاء 12 أكتوبر 2022 08:03 م

تطمح فرنسا لانشاء "شراكة متجددة" مع الجزائر بعد 60 عاما من العلاقات المؤلمة، لكن عليها أن تأخذ في الاعتبار الاضطرابات الجيوسياسية التي تعصف بغرب المتوسط والتوترات الجزائرية المغربية حسب خبراء.

قالت رئيسة الوزراء الفرنسية "إليزابيت بورن" الإثنين بعد زيارة للجزائر استمرت يومين، إن البلدين "تقدما" نحو "شراكة متجددة طويلة الأمد" .

وقالت "داليا غانم" المحللة في معهد دراسات الأمن في الاتحاد الأوروبي، إن "لدى فرنسا رغبة قوية في إيجاد حليف" وليس مجرد "شريك" في أكبر دولة في إفريقيا التي تملك أكبر جيش في المغرب العربي.

وأوضحت لوكالة فرانس برس "بينما كانت أوروبا تتمتع دائما بعلاقة مميزة مع المنطقة المغاربية نرى اليوم أن نفوذها يتراجع في المغرب العربي لصالح جهات أخرى مثل تركيا والصين...".

وقال المدير العام لمؤسسة المتوسط للدراسات الاستراتيجية الأميرال السابق "باسكال أوسور"، "لو كنت مكان الرئيس (الجزائري) عبد المجيد تبون أو رئيس أركانه فترى العالم يشهد تقلبات سريعة ولا نعرف حقا إلى أين يتجه، لكن هذا الامر يخلف الفوضى والعنف".

وتابع: "نحن محاطون بالنيران ولا ندري في أي اتجاه ستهب الرياح. في أي حال هذا مقلق للغاية" ذاكرا التراجع المعمم للنفوذ الغربي وتوسع الحركات الجهادية في منطقة الساحل عند ابواب الجزائر.

وقال "باسكال أوسور" إنه في هذا السياق "تصبح المشكلة النفسية مع فرنسا ثانوية" بالنسبة للقادة الجزائريين ورثة نظام ولد من حرب الاستقلال الدموية (1954-1962). 

وأضاف أن الوقت وحده كفيل بأن يظهر ما إذا كان ذلك سيحثهم على تجاوزها للنظر إلى "المصالح المشتركة" مع قوة الاستعمار السابقة. 

"الديناميكيات تتغير" 

قالت "رافاييلا ديل سارتو" الاستاذة لشؤون الشرق الأوسط في كلية الدراسات الدولية المتقدمة لأوروبا في جامعة جونز هوبكنز "إنها فترة فراغ" بين نظام قديم وآخر جديد لم يتم تحديده بعد. 

وأضافت "من الصعب جدًا القيام بتوقعات حول الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في الوقت الراهن لأن الديناميكيات تتغير".

وذكرت "رافاييلا ديل سارتو"، "في الأشهر القليلة الماضية استعادت الجزائر موقعها كلاعب اساسي في غرب المتوسط". 

وأوضحت "تسعى عدة جهات دولية أو أوروبية إلى التقرب منها" مثل إيطاليا التي نوعت إمداداتها من الغاز بفضل اتفاق ابرم في يوليو/تموز.

دعت المفوضة الأوروبية للطاقة "كادري سيمسون" الثلاثاء إلى "شراكة استراتيجية طويلة الأمد" مع الجزائر إحدى الجهات المزودة للغاز "الأكثر موثوقية" في أوروبا التي استعانت بها لتعويض تراجع الإمدادات الروسية بعد غزو أوكرانيا.

وكتبت صحيفة "ليكسبريسيون" الجزائرية القريبة من أوساط السلطة أن "أوروبا تدلل الجزائر".

وكتبت الصحيفة "الجزائر وفرنسا يجب أن تقتصا من مجموعات الضغط الاستعمارية التي فوتت على المجتمعين (الفرنسي والجزائري) ستين عاما. تقوم مصلحة الدول على السير باتجاه التاريخ وفتح الطريق بالقوة إذا اقتضت الحاجة"، متوقعة نشوء "تحالف غير مسبوق بين ضفتي المتوسط" في المستقبل.

"ضمان الاستقرار في الجوار" 

ترى وزيرة الخارجية الإسبانية السابقة "ارانتشا غونزاليس لايا" إن "القاسم المشترك اليوم لجميع الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي هو ضرورة توطيد علاقات الجزائر مع الاتحاد الاوروبي".

وتقول ولكالة فرانس برس "يجب ضمان الاستقرار في الجوار المباشر في ظل الاضطرابات الجيسيوسياسية الحاصلة".

وقالت لوكالة فرانس برس "أولا لأنه في لحظة الاضطرابات الجيوسياسية يجب ان نضمن الاستقرار في المنطقة المجاورة مباشرة".

إلا أن الأزمة المفتوحة بين الجزائر والمغرب اللذين يتنازعان منذ عقود حول الصحراء الغربية وقطعتا علاقاتهما الدبلوماسية في عام 2021، تعقد المعادلة.

وقالت "داليا غانم" إن "مسألة الصحراء الغربية تبقى شوكة في خاصرة الاتحاد الاوروبي والاتحاد الافريقي والمغرب العربي خصوصا لأنه ملف يؤثر على مستقبل 85 مليون مغاربي".

لكنها "تعتقد أن فرنسا لا ترغب في تهديد علاقتها المميزة مع المغرب" من خلال دعم الموقف الجزائري.

في نهاية سبتمبر/أيلول حذر "علي بوعبيد" الباحث والمندوب العام لمؤسسة "عبد الرحيم بوعبيد" مركز الابحاث المغربي لصالح الديموقراطية، من أن "المغربيين لن يقبلوا أبدا من فرنسا سعيها بطريقة أو بأخرى لارضاء الجزائر في ملف الصحراء الغربية".

المصدر | فرانس برس

  كلمات مفتاحية

فرنسا الجزائر الاضطرابات الجيوسياسية

شراكة متجددة بين فرنسا والجزائر.. ما الذي سيتحقق في الواقع؟

حزب الأغلبية الجزائري يطالب باعتذار فرنسي عن مجزرة باريس التاريخية

تبون يدعو إلى فتح عهد جديد من العلاقات الفرنسية الجزائرية