استطلاع رأي

أي من هذه الدول تمارس الدور الأكثر إيجابية في حرب غزة؟

السعودية

مصر

قطر

إيران

تركيا

أهم الموضوعات

طبقات اليمين الإسرائيلي وبصيرة دا سيلفا

عن أوهام التفاؤل الأميركي

أزمة اقتصاد مصر وانتظار الفرج من الخارج

نحو وقف الحرب على غزة

سيناريو اليوم التالي للحرب

تونس.. كيف تحولت إلى دولة بائسة؟

الخميس 13 أكتوبر 2022 02:57 م

تونس... كيف تحولت إلى دولة بائسة؟

سخط عام بين التونسيين جراء ارتفاع أسعار الغذاء الحاد ونقص السلع خلال الفترة الماضية.

باتت العملة التونسية مرشحة لمزيد من التهاوي مع هبوط احتياطات البلاد الأجنبية إلى أدنى مستوى في 3 سنوات.

تجاوز معدل التضخم 9.1% في سبتمبر، وهو ما دفع البنك المركزي لزيادة سعر الفائدة في محاولة لاحتوائه.

راهنت حكومة قيس سعيّد على مساعدات خليجية ضخمة لم تأت بعد ويبدو أنها لن تأتي أصلا رغم الفوائض المالية لدى دول الخليج.

تفاقم البطالة وانهيار مستمر بقيمة العملة التونسية مقابل الدولار مما يرجح قرب تعويمها ضمن شروط صندوق النقد الدولي لاقتراض 4 مليارات دولار.

على قيس سعيّد أن تحمل مسؤولية إحدى أسوأ الأزمات المعيشية والاقتصادية في تونس، وإفساح المجال لسلطة منتخبة جديدة لإنقاذ السفينة قبل غرقها.

*   *   *

تحولت تونس إلى دولة بائسة في نظر مواطنيها، فالطوابير في كل مكان، وغلاء الأسعار يطحن المواطن ويزيد فقره ويضغط على قدراته الشرائية، والأزمات المعيشية تتسع رقعتها يوما بعد يوم.

وهناك حالة سخط عام جراء الارتفاع الحاد في أسعار المواد الغذائية ونقص السلع خلال الفترة الماضية حيث تختفي سلع تموينية مهمة مثل السكر والزيت النباتي والأرز، وحتى الأدوية وزجاجات المياه المعبأة تختفي من أرفف الصيدليات والمتاجر الكبرى ومحال البقالة.

وهناك زيادة في معدلات البطالة وانهيار مستمر في قيمة العملة المحلية مقابل الدولار بشكل أوحى بقرب تعويمها في إطار المفاوضات مع صندوق النقد الدولي لاقتراض 4 مليارات دولار، ومعدل التضخم تجاوز 9.1% في سبتمبر، وهو ما دفع البنك المركزي لزيادة سعر الفائدة في محاولة لاحتوائه.

والتونسيون يقفون في صفوف لساعات أمام المخابز والمحال التجارية لشراء السلع الغذائية المدعومة من الحكومة والتي زاد سعرها بشكل ملحوظ، بشكل يجعل الكثيرين منهم عاجزين عن سداد ثمنها المرتفع.

وهذه الأيام تشهد شوارع تونس طوابير طويلة أمام محطات الوقود، حيث تشهد أغلب المحطات نقصا ملحوظا في البنزين والسولار، ما نتج عنه طوابير للعربات أمام المحطات لا تزال تتوفر فيها مشتقات بترولية.

الأزمة مرشحة للتفاقم، وخاصة أن المخزونات من الوقود لا تكفي سوى أيام، كما قال الكاتب العام للجامعة العامة للنفط التابعة لاتحاد الشغل التونسي، يوم الاثنين، والذي خرج بتصريح صادم قال فيه إن احتياطي تونس من الوقود يكفي أسبوعاً واحداً فقط بعد أن كان المعدل في حدود 60 يوماً.

يحدث ذلك الاختناق على الرغم من زيادة الحكومة سعر الوقود 4 مرات خلال العام الجاري، آخرها في سبتمبر/ أيلول الماضي.

الأزمات لا تقف عند هذا الحد، فتونس التي تصنف على أنها ثالث أكبر مصدر عالمي لزيت الزيتون تعاني من أزمة في زيت الطهي وقفزات في سعره واختفائه من الأسواق، فقد ارتفعت أسعاره إلى مستويات قياسية خلال الأشهر الماضية فاقت 21% خلال شهر واحد.

أزمة أجبرت المواطن على الوقوف في طوابير طويلة لشراء زجاجة زيت مدعم بسبب الظروف المعيشية الصعبة وعدم القدرة المالية على اقتناء زيت الزيتون مرتفع السعر والذي يوجه عادة للتصدير.

وإضافة إلى الأزمات السابقة، تواجه تونس أزمة اقتصادية ومالية حادة، وندرة في النقد الأجنبي مع هروب الاستثمارات الأجنبية والسياح وتراجع الصادرات، حيث بلغ العجز التجاري للبلاد خلال النصف الأول من العام الجاري 3.6 مليارات دولار، بنسبة زيادة 56%.

والعملة باتت مرشحة لمزيد من التهاوي مع هبوط احتياطات البلاد الأجنبية إلى أدنى مستوى في 3 سنوات لتصل قيمتها إلى 7.16 مليارات دولار في شهر سبتمبر الماضي، وهو مبلغ ضعيف مقارنة بالتزامات البلاد الخارجية من سداد أعباء ديون وفاتورة واردات الأغذية والوقود.

كما تعاني البلاد صعودا في معدل الجرائم الاجتماعية وفي مقدمتها الرشى والعمولات والسمسرة والفساد المالي مع ضعف الرواتب وغلاء الأسعار.

الحكومة تقف عاجزة أمام الأزمة المعيشية والاقتصادية، بديلها الوحيد من وجهة نظرها هو الاستدانة واللجوء لصندوق النقد الدولي وغيره من الدائنين الدوليين.

ودائما ما تلقي الحكومة الأزمة على الغير، وحجتها جاهزة وهي أن السبب الأساسي لكل تلك الأزمات المعيشية المتلاحقة وغيرها هو انتشار السوق السوداء وتفشي الفساد وتداعيات أزمتي حرب أوكرانيا والتضخم العالمي.

لكنها لا تتحدث بالطبع عن مسؤوليتها المباشرة عن تلك الأزمات المستفحلة، وكيف أدخلت حكومة قيس سعيّد البلاد في نفق مظلم عقب انقلاب 25 يوليو/ تموز 2021، وكيف تسببت سياساتها المتهورة في ارتفاع منسوب الغموض السياسي وزيادة المخاطر الجيوسياسية في البلاد.

وكيف أن سياسات الحكومة ساهمت بشكل مباشر في هروب المستثمرين الأجانب وحتى السياح، وكيف راهنت على مساعدات خليجية ضخمة لم تأت بعد ويبدو أنها لن تأتي أصلا رغم الفوائض المالية لدى دول الخليج، وكيف أنها أوجدت شرخا كبيرا في بنيان المجتمع ونظامه السياسي، ومارست اعتداء صارخا على المؤسسات الدستورية وتجربة ديمقراطية وليدة.

على حكومة قيس سعيّد أن تتحمل مسؤوليتها تجاه إحدى أسوأ الأزمات المعيشية والاقتصادية التي تعيشها تونس، وأن تفسح المجال لسلطة منتخبة جديدة ربما تحاول إنقاذ السفينة قبل غرقها.

*مصطفى عبد السلام كاتب صحفي اقتصادي

المصدر | العربي الجديد

  كلمات مفتاحية

تونس التضخم أسعار الغذاء العملة التونسية انقلاب قيس سعيد أزمة الوقود الأزمات المعيشية نقص السلع

لثالث ليلة.. تجدد الصدامات بين محتجين وقوات الشرطة في تونس