استطلاع رأي

أي من هذه الدول تمارس الدور الأكثر إيجابية في حرب غزة؟

السعودية

مصر

قطر

إيران

تركيا

أهم الموضوعات

طبقات اليمين الإسرائيلي وبصيرة دا سيلفا

عن أوهام التفاؤل الأميركي

أزمة اقتصاد مصر وانتظار الفرج من الخارج

نحو وقف الحرب على غزة

سيناريو اليوم التالي للحرب

أي إصلاحات لتشجيع الاستثمار في مصر؟

الجمعة 8 يناير 2016 07:01 ص

ماذا يمكن توقّعه للاقتصاد المصري خلال العام الجديد، بعد التحولات السياسية والاقتصادية خلال الشهور بل السنوات الماضية، منذ ثورة كانون الثاني (يناير) 2011؟

ثمة تراجع بيّن في إيرادات العديد من القطاعات المحورية، مثل السياحة والصناعات التحويلية والزراعة والنفط، ناهيك عن تراجع تحويلات العاملين في الخارج. لذلك، يمثّل انخفاض رصيد النقد الأجنبي في المصرف المركزي المصري، وهو نتيجة طبيعية لأداء الاقتصاد المصري بكل قطاعاته، مشكلة مهمة للحكومة التي ستعاني في تسديد قيمة واردات السلع والبضائع الأساسية، خصوصاً المواد الغذائية الأساسية مثل القمح والأرز واللحوم.

وكان المصرف المركزي المصري أعلن أن حجم الاحتياط من النقد الأجنبي لمصر بلغ 16.4 بليون دولار نهاية تشرين الثاني (نوفمبر). فهل يمكن هذا الاحتياط أن يساعد في مواجهة الالتزامات الدولية؟ يُذكَر أن الاحتياط تراجع خلال 2015 بمقدار 4.8 بليون دولار نظراً إلى تسديد الالتزامات، وأهمها أقساط الدَّين الخارجي لنادي باريس. ويأمل المسؤولون الاقتصاديون المصريون بأن تتمكن البلاد من جني إيرادات جديدة لتحسين مستوى الاحتياط النقدي.

الاقتصاد المصري مثقل بالمشاكل الهيكلية المعقدة، والتي تستلزم إصلاحات بنيوية واسعة النطاق. وأهم هذه الإصلاحات ما يتعلق بالسياسات المالية، إذ يتعين الأخذ في الاعتبار مطالب صندوق النقد الدولي والبنك الدولي المتّصلة بخفض مخصصات الدعم السلعي، ودعم مشتقات الوقود، وترشيد التشغيل في القطاع العام والدوائر الحكومية. فهل يمكن الحكومة بعد الانتخابات التشريعية الأخيرة، أن تعمل لإنجاز إصلاحات كهذه وخفض قيمة الموازنة السنوية، بما يؤدي إلى خفض نسبة العجز في الناتج المحلي الإجمالي؟

كان مجلس الوزراء المصري أقرّ موازنة 2015 - 2016 بنفقات تساوي 873 بليون جنيه (110 بلايين دولار)، في مقابل إيرادات تبلغ 599 بليون جنيه، ما يعني أن العجز سيتجاوز 275 بليون جنيه أو 10 في المئة تقريباً من الناتج المحلي الإجمالي، وهي نسبة تمثل مصدراً مشروعاً لقلق المسؤولين عن الإدارة الاقتصادية المصرية تدفعهم إلى البحث عن أدوات تمويل لمواجهة العجز.

من هـــذه الأدوات، الضـــرائب على المداخيل والمبيعات لرفع الإيرادات السيادية، لكن هل يمكن تعديل قوانين الضرائب لرفع التزامات المواطنين والشركات والمؤسسات في ظل أوضاع اقتصادية صعبة وأحوال معيشية منهكة؟ إن الواقع المعيشي والاقتصادي في مصر قد لا يكون مواتياً لرفع الضرائب، فيما السلطات لا تريد أن تواجه غضباً شعبياً.

يُقدَّر الإنفاق الجاري بنسبة 80 في المئة من إجمالي قيمة الموازنة، ويشمل الرواتب والأجور وفوائد الدَّين العام ونفقات الدعم والأعباء الاجتماعية الأخرى. ويعني ذلك أن مخصصات الإنفاق الرأسمالي، أو الاستثماري، لا تزيد عن 20 في المئة من قيمة الموازنة، أو 22 بليون دولار، في العام المـــالي الحـــالي. وهذه المخصصات قد لا تكون كافية لمواجهة متطلبات تطوير البنية التحتية ومرافق الكهرباء والمياه والاتصالات والنقل والإسكان، ناهيك عن متطلبات تطوير قطاعي التعليم والرعاية الصحية.

ويُعَد الإنفاق الرأسمالي أمراً مهماً في بلد مثل مصر تباطأت فيه التنمية البشرية لأمد طويل، بسبب فشل السياسات الاقتصادية وارتفاع أعداد سكان البلاد على مدى عقود. ويشير تقرير صدر أخيراً عن جهاز التعبئة والإحصاء، إلى أن عدد سكان مصر يراوح حول 94 مليون شخص، يعيش 86 مليون منهم داخل مصر، في حين يعيش ثمانية ملايين في بلدان أخرى.

ولفت في التقرير إيراده أن عدد المصريين زاد حوالى مليون شخص خلال ستة أشهر. وشدّد وزير التخطيط والمتابعة والإصلاح الإداري أشرف العربي، على أن معدل النمو السكاني في مصر أصبح مثيراً للقلق، إذ بلغ 2.6 في المئة سنوياً. وأوضح عدد من المسؤولين أن غالبية الولادات تتحقق لدى الفئات الشعبية الأشد فقراً وذات المستويات التعليمية المتدنية. لذلك، أصبح تأمين الرعاية الصحية والتعليم وتطوير البنية التحتية للارتقاء بنوعية الحياة لهذه الفئات، من المسؤوليات الأساسية للحكومة.

وثمة جانــــب مهم للإصلاح الاقتصادي في مصر يتجاوز إصلاح السيـــاسات المالية الحكومية، على رغم أهميتها، وهو تعزيز دور القطاع الخــــاص في العملية الاقتصادية، فالقطاع، منذ منتصف سبعينات القرن العشـــرين، تمكّن من تحسين دوره في الاقتصاد المصري بعدما فقد ذلك الدور في خـــضم عمليات التأميم والمصادرة وتعطيل الاستثمار الأجنبي.

بيد أن القطاع الخاص يجب أن يؤدي دوراً محورياً في كل القطاعات، خصوصاً قطاعي الصناعات التحويلية والزراعة، ليصبح مسؤولاً عن إيجاد فرص عمل للملايين من المصريين بما يحل مشكلة التخمة الوظيفية في الدوائر الحكومية ومؤسسات القطاع العام والوظائف الهامشية خارج تلك الدوائر والمؤسسات. ويجب أن تتوافر لدى القطاع الخاص قدرات لإنجاز المشاريع الكبيرة في بيئة تنافسية ملائمة. لذلك يجب أن تتحسن شروط الاستثمار والمشاركة بين القطاع الخاص المصري والمستثمرين والشركات الأجنبية.

وغني عــن البيـــان أن الاستــثـــمار في مصــــر، سواء من رجال الأعــــمال المصـــريين أو الأجانب، يتطلّب مناخاً سياسياً مواتياً وأوضاعاً أمنيــــة ملائمة. وستكون الأوضاع الاقتصادية واعدة فور اعتماد سياسات اقتصادية ومالية جيدة وتأمين استقرار سياسي وأمني.

* عامر ذباب التميمي كاتب متخصص بالشؤون الاقتصادية

  كلمات مفتاحية

مصر الإصلاحات الاقتصادية الفساد الاستثمار الاقتصاد المصري البنك المركزي المصري أزمة العملات الصعبة الديون السيادية