فورين بوليسي: كيف تستخدم إيران والسعودية الصراع بأوكرانيا لإضعاف المصالح الغربية؟

الخميس 27 أكتوبر 2022 05:49 ص

"إيران والسعودية تستخدمان الصراع في أوكرانيا لإضعاف المصالح الغربية".. هكذا خلص تحليل لمجلة "فورين بوليسي" الأمريكية، قال إنه رغم الخلافات السياسية الحادة بين الرياض وطهران، لكن سياسات البلدين تظهر تناغما في دعم روسيا، حتى لو كان ذلك من دون تنسيق مشترك.

وتضرب المجلة مثالا بالقول: "بالتزامن مع توفير طهران أسلحة وطائرات مسيرة لموسكو، تساهم الرياض في خفض إنتاج النفط في السوق العالمية، ما يدعم إبقاء روسيا قادرة على تعظيم إيراداتها من الطاقة".

ووفق المجلة، فإن هناك عدة عوامل تدفع بالرياض وطهران لتقوية موقفيهما، إذ تشير سياسات البلدين إلى أنهما يتطلعان لعلاقات "ذات اتجاهين" مع الغرب، الأمر الذي يتطلب من الولايات المتحدة أن تتبع استراتيجية جديدة لمواجهة هذا الأمر.

ويلفت التحليل إلى أن رفض السعودية التعاون مع الولايات المتحدة في السياسة النفطية، لا يعني الوقوف إلى جانب روسيا، خاصة أنها صوتت ضد موسكو في جميع قرارات الأمم المتحدة، وقدمت دعما لكييف بمئات ملايين الدولارات، ودعمت صفقة الإفراج عن أسرى أجانب اعتقلتهم روسيا في أوكرانيا.

ولهذا فإن تحركات الرياض الأخيرة يدفعها عدم الانحياز لواشنطن "التي تشعر أنها لم تعد شريكا يمكن الاعتماد عليه"، مشيرا إلى أن سياسة "النفط مقابل الأمن" لم تعد كما كانت من قبل.

كما ترسل الرياض العديد من الرسائل من خلال سياساتها الأخيرة، بأنها تريد إعادة التفاوض بشأن الشراكة في منطقة الشرق الأوسط، والتي أصبحت متعددة الأقطاب، حيث ترى المملكة أنها مؤهلة لتكون لاعبا رئيسيا، فيما تضغط طهران من جانبها تجاه علاقات اقتصادية أكبر مع الصين وتوسع شراكتها العسكرية مع روسيا.

ويدعو التحليل واشنطن إلى الاعتراف بواقع الحال بظهور نظام متعدد الأقطاب في الشرق الأوسط، وإعادة ضبط تفكيرها، بعيدا عما سبق عندما كانت مبنية على أساس "فرضية الهيمنة الأمريكية على الشرق الأوسط".

ويتابع أنه من الواضح أن المزيد من العقوبات الغربية "لن تغير سلوك إيران"، ويجب على واشنطن والدول الأوروبية التركيز على رصد واعتراض شحنات الأسلحة الإيرانية التي تصدرها إيران، إضافة لاتخاذ خطوات ملموسة لدعم الشعب الإيراني.

وينصح التحليل باستغلال المحادثات للاتفاق النووي للتأثير على إيران، فقد تكون الفوائد الاقتصادية حافزا لطهران للعودة بسبب الضغوط المحلية المتزايدة من ناحية الاحتجاجات، والضغوط الدولية من ناحية الانتهاكات التي تقوم بها إيران في إمداد روسيا بطائرات الدرون، وهو ما يعني انتهاك قرارات مجلس الأمن.

أما فيما يتعلق بالسعودية، فيجب على واشنطن القبول بفرضية أن علاقتها مع الرياض تحتاج إلى إعادة ضبط، والتركيز على المصالح الأساسية لكلا الجانبين، والابتعاد عن نهج التدابير العقابية التي ستغرق العلاقة بين الطرفين في دوامة، ستدفع بأسعار الطاقة للارتفاع.

ويدعو التحليل واشنطن إلى تبني "تدابير إبداعية" لتعزيز قدرتها على الصمود في مواجهة منتجي الطاقة، وتسريع وضع حد أقصى لأسعار النفط الروسي، وتكثيف التعاون مع أوروبا بشأن إمداد الغاز المسال، وإعادة النظر في قانون مكافحة الاحتكار لاستهدف "كارتلات إنتاج النفط الأجنبية"، والحفاظ على صناعة الطاقة الأمريكية.

ويشدد التحليل على ضرورة اتباع الغرب "سياسات جديدة أكثر إبداعا وفعالية للرد على القوى الإقليمية في النظام العالمي متعدد الأقطاب الذي سرعه الصدام مع روسيا".

وفي الوقت الذي يدعو فيه هذا التحليل إلى البحث عن "سياسات إبداعية"، تشير تقارير أخرى إلى الحاجة "لضبط العلاقة" بين واشنطن والسعودية، ولكن من خلال قرارات عقابية، والبدء بتجميد "مبيعات الأسلحة" للرياض.

وسبق لمجلة "فورين أفيرز" الأمريكية في تقرير، أن قالت إن "واشنطن عليها أن تكون مستعدة لوقف مبيعات الأسلحة بشكل دائم" إذا استمرت الرياض في تعظيم علاقتها مع موسكو، مشيرا إلى أن "السعودية تحتاج للأسلحة الأمريكية أكثر مما تحتاج الولايات المتحدة للنفط السعودي".

واعتبر التقرير أن السعودية "تواصل استغلال العلاقة التاريخية" مع الولايات المتحدة، وهو ما يتطلب "إعادة تقييم العلاقات الدفاعية بين البلدين"، والذي قد يؤدي إلى "وقف أسطول المملكة الدفاعي بأكمله في غضو أشهر" نظرا لأن أنظمة الأسلحة الأمريكية غير قابلة للتبديل، وقد تحتاج إلى عقود للانتقال من أنظمة الأسلحة الأمريكية لأنظمة أخرى.

ويتفق تحليل آخر نشرته مجلة "ناشونال إنترست" مع هذه التوصيات بضرورة "إخضاع النظام السعودية للمساءلة، وعدم السماح للحجج حول الفوائد الاستراتيجية والاقتصادية المزعومة للعلاقة بين البلدين بأن تقف في طريق ذلك".

وخلال اليومين الماضيين، صدرت تصريحات مختلفة من الإدارة السعودية، فبعد ترحيب البيت الأبيض بخطوات اتخذتها السعودية لمساعدة أوكرانيا في حربها مع روسيا، اعتبرت الخارجية الأمريكية هذه التحركات لا تعوض عن دعم الرياض لقرار "أوبك+" بخفض إنتاج النفط.

والثلاثاء، رحبت المتحدثة باسم البيت الأبيض "كارين جان بيير"، بالخطوات التي اتخذتها السعودية في الأيام الأخيرة لدعم أوكرانيا.

لكن وزير الخارجية الأمريكي "أنتوني بلينكن"، قال الأربعاء، خلال حدث نظمته شبكة "بلومبرج"، إن "هذه التحركات لا تعوض عن دعم الرياض لقرار أوبك+ بخفض إنتاج النفط".

وجدّد "بلينكن" التأكيد على أن السعودية اتّخذت "قرارا خاطئا" رافضا الحجج التي قدّمتها الرياض لتبرير الخطوة بوصفها استجابة لديناميات السوق.

كذلك، أكد "بلينكن" أن إدارة الرئيس "جو بايدن" تجري إعادة تقييم للعلاقة مع السعودية، من دون إعطاء مزيد من التفاصيل.

ولفت إلى أن عملية إعادة التقييم ستجري "بالتشاور مع أعضاء الكونجرس"، بما يضمن أن "تعكس العلاقة بشكل أفضل مصالحنا الخاصة".

وكان تحالف "أوبك+" الذي يضمّ أعضاء منظمة الدول المصدرة للنفط "أوبك" بقيادة السعودية و10 دول أخرى منتجة للنفط تقودها روسيا، قرّر مطلع أكتوبر/تشرين الأول الجاري خفض إنتاج النفط بمقدار مليوني برميل في اليوم، اعتباراً من نوفمبر/تشرين الثاني، ما أدى إلى ارتفاع الأسعار قبيل الانتخابات الأمريكية.

وخطوة خفض الإنتاج من شأنها زيادة عائدات موسكو التي تخوض حربا في أوكرانيا.

ونفى المسؤولون السعوديون بشدة هذا الاتهام، لكن "بايدن" توعد السعودية بـ"عواقب" لهذه الخطوة، وقال مساعدوه إن الرئيس الأمريكي سيعيد التفكير في علاقات واشنطن طويلة الأمد مع المملكة.

وسبق أن ذكر وزير الاستثمار السعودي "خالد الفالح"، في منتدى بالرياض أن بلاده والولايات المتحدة ستتجاوزان خلافاتهما "غير المبررة" بشأن إمدادات النفط.

يشار إلى أن "بايدن" تعهّد خلال حملته الرئاسية جعل السعودية دولة "منبوذة" على خلفية انتهاكات لحقوق الإنسان تسجّل على أراضيها بما في ذلك جريمة قتل الصحفي "جمال خاشقجي" في قنصلية بلاده في إسطنبول.

لكن "بايدن" وبعدما تولى سدّة الرئاسة الأمريكية، أجرى في يونيو/حزيران الماضي، زيارة للمملكة التقى خلالها ولي العهد الأمير "محمد بن سلمان"، الحاكم الفعلي للبلاد.

وكان مسؤولون أمريكيون يعوّلون على الزيارة للتوصل إلى تفاهم بشان أسعار النفط وسط ضغوط يواجهها "بايدن" على خلفية ارتفاع الأسعار ومعدل التضخم، لكن ذلك لم يتحقق.

المصدر | الخليج الجديد + متابعات

  كلمات مفتاحية

السعودية إيران روسيا الحرب في أوكرانيا أوكرانيا

وزير الدفاع السعودي: اتهامنا بدعم روسيا لم يأت من أوكرانيا نفسها

واشنطن: مراجعة علاقاتنا مع السعودية لن تجعلنا نغض الطرف عن إيران

أوكرانيا تعلن إسقاط أكثر من 300 طائرة مسيرة إيرانية

جيوبوليتكال: هكذا تؤثر حرب أوكرانيا على علاقات السعودية مع القوى العظمى

موازنات الدول العربية وإسرائيل.. لماذا يواصل حلفاء أمريكا خذلان أوكرانيا؟