تداعيات حرب أوكرانيا.. مساحة نفوذ متزايدة لدول الخليج وتراجع لفرص الاتفاق النووي

السبت 29 أكتوبر 2022 08:07 ص

"زادت مساحة النفود السياسي لدول الخليج في الحرب".. هكذا أوجزت "إليونورا أرديماجني"، الباحثة بالمعهد الإيطالي للدراسات السياسية الدولية (ISPI)، رؤيتها لتداعيات حرب أوكرانيا وعلاقتها بدور دول الخليج إقليميا ودوليا، مشيرة إلى متغيرات "عسكرية" تعزز من نفوذ إيران وأخرى دبلوماسية تعزز من نفوذ السعودية والإمارات وقطر.

وذكرت "أرديماجني"، في تحليل نشرته بموقع المعهد، أن تزويد إيران روسيا بالطائرات المسيرة وتعزيزها بالمساعدة التدريبية يؤشر إلى إمكانية تكرار مخطط التنسيق العسكري بين طهران ومسوكو، الذي سبق تجربته في سوريا.

وفي المقابل، يسلط النشاط الدبلوماسي للأنظمة الملكية الخليجية تجاه روسيا وأوكرانيا الضوء على أن دور الوساطة الذي يمكن أن يلعبه القادة الذين لم تفرض دولهم عقوبات على موسكو، بحسب تحليل "أرديماجني".

وعلى سبيل المثال، سمحت وساطة السعودية، في 23 سبتمبر/أيلول الماضي، بالإفراج عن 10 من أسرى الحرب الأجانب، أسرهم الروس في أوكرانيا، بما في ذلك مواطن أمريكي وآخر بريطاني.

وبعد تبادل الأسرى بين روسيا وأوكرانيا، نُقل المعتقلون السابقون من روسيا إلى السعودية، وفي 15 أكتوبر/تشرين الأول الجاري، تعهد ولي العهد السعودي "محمد بن سلمان" بتقديم 400 مليون دولار من المساعدات الإنسانية لأوكرانيا، بعد اتصال هاتفي مع الرئيس الأوكراني "فولوديمير زيلينسكي"، كما أعربت الرياض عن استعدادها لمواصلة جهود الوساطة لخفض التصعيد.

وعلى التوازي، توجه الرئيس الإماراتي "محمد بن زايد" إلى سان بطرسبرج للقاء الرئيس الروسي "فلاديمير بوتين"، في 11 أكتوبر/تشرين الأول الجاري، وكان ملف أوكرانيا على رأس جدول الأعمال.

ورغم أن الاجتماع لم يسفر عن أي نتائج ملموسة، لكن وكالة الأنباء الإماراتية الرسمية "وام" ذكرت أن الموضوعات التي تمت مناقشتها تضمنت التهدئة العسكرية والتداعيات الإنسانية وآفاق السلام. كما تعهدت الإمارات بتقديم 100 مليون دولار إضافية كمساعدات إنسانية لأوكرانيا.

وفي 13 أكتوبر/تشرين الأول الجاري، التقى أمير قطر "تميم بن حمد آل ثاني" بالرئيس الروسي في منتدى الدول المصدرة للغاز في أستانا، عاصمة كازاخستان.

وتهدف الدوحة للعب دور دبلوماسي في أوكرانيا، لكن موقفها من الحرب، الذي بدا في بعض المراحل أقرب إلى موقف كييف منه إلى موسكو، أدى إلى تعقيد علاقتها مع الكرملين.

وهنا تشير "أرديماجني" إلى أن "الاصطفاف السياسي القوي لإيران وتعاونها العسكري مع روسيا في أوكرانيا ليس مصدر قلق مباشر لممالك الخليج"، فعواصم الخليج تنظر إلى الحرب في أوكرانيا على أنها "صراع بعيد"، تمامًا بنفس الطريقة التي ينظر بها الأوروبيون لحروب سوريا أو اليمن، رغم أن الحرب في أوكرانيا لها آثار عالمية على الطاقة والتضخم والغذاء والأمن.

وترى الباحثة الإيطالية أن الأهداف الرئيسية للرياض وأبوظبي والدوحة في أوكرانيا تتمثل في "حماية مصالحها الاقتصادية، ومحاولة تحقيق مكاسب دبلوماسية عبر وساطة من شأنه توسيع النفوذ الجيوسياسي".

ومع ذلك، تؤكد "أرديماجني" أن الدور العسكري الإيراني في أوكرانيا له تداعيات محتملة على التوازنات الأمنية في الخليج. إذ يزيل توفير الصواريخ والطائرات المسيرة لروسيا الفرص الأخيرة لإحياء الاتفاق النووي الإيراني لعام 2015.

وأشارت إلى أن إعلان البيت الأبيض أن إحياء الاتفاق "ليس في نطاق التركيز الأمريكي حاليا" ليس من قبيل الصدفة، ما يعني أن طهران ستكثف على الأرجح سياستها في "التطلع إلى الشرق"، فضلاً عن أنشطتها المزعزعة للاستقرار في الشرق الأوسط، على حساب الأمن القومي لممالك الخليج.

وتلفت الباحثة الإيطالية، في هذا الصدد، إلى أن إيران ودول الخليج تتنافس في جميع ساحات القتال بالشرق الأوسط بعد عام 2011، سواء بالمال أو عبر الحلفاء المحليين، مشيرة إلى أن وجود الجماعات الشيعية المسلحة الموالية لإيران في المنطقة يزيد من تعقيد الأمور.

فالأمر لا يقتدر على مشاركة هذه الجماعات في المشاعر المعادية للولايات المتحدة، ولكن في تعزيزها للعلاقات الإيرانية الروسية، وانخراط بعضها في علاقة تعاون مباشر مع موسكو.

وهنا تذكر "أرديماجني" أن "حزب الله" اللبناني تعاون بالفعل على الأرض مع القوات العسكرية الروسية في سوريا، كما تعاونت قوات الحشد الشعبي مع موسكو في العراق، ضد ما يسمى بـ"الإرهاب الجهادي".

كما فتح الحوثيون في اليمن قناة اتصال مع الروس، وزارت بعض قيادتهم موسكو، ما يشكل مثلثا مناهضة للولايات المتحدة في المنطقة، الأمر الذي يزيد من مخاطر وقوع حوادث إقليمية، لا سيما في البحرين المتوسط والأحمر، بحسب الباحثة الإيطالية.

وفي المقابل، يمثل النشاط الدبلوماسي لدول الخليج العربية فرصة حذرة للولايات المتحدة، خاصة في حال دخول المفاوضات بين روسيا وأوكرانيا ضمن جدول الأعمال الدولي.

وخلصت "أرديماجني" إلى أن جزءا كبيرا من الاتجاه الاستراتيجي للمنطقة سيعتمد على الطريقة التي ستقرر بها دول الخليج استخدام مساحة نفوذها السياسي التي تكتسبها ببطء في الأزمة الروسية الأوكرانية.

المصدر | المعهد الإيطالي للدراسات السياسية الدولية - ترجمة وتحرير الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

السعودية إيران الإمارات قطر تميم بن حمد آل ثاني محمد بن سلمان محمد بن زايد الخليج روسيا أوكرانيا

متوالية أوكرانيا الجيوسياسية من إيران إلى الخليج