محللون: 4 أسباب وراء إحجام الدول الإسلامية عن تمويل المساعدات بأفغانستان

الأحد 30 أكتوبر 2022 12:06 م

"باع بعض الأفغان أعضاءهم وحتى أطفالهم".. بهذه الكلمات الصادمة قدم المحلل السياسي "أكمل الداوي" خلاصة الوضع الإنساني بالغ البؤس في أفغانستان، بعد أكثر من 10 أشهر على إطلاق الأمم المتحدة أكبر نداء للتخفيف من الأزمة الإنسانية بالبلاد، والذي لاقى استجابة تقل عن نسبة 50%، مشيرا إلى 4 أسباب وراء ذلك.

وأورد "الداوي"، في تحليل نشره بموقع إذاعة "صوت أمريكا"، حكومات الدول الإسلامية غائبة بشكل واضح عن قائمة المانحين الرئيسية لأفغانستان، مشيرا إلى أن المبعوث الأوروبي الخاص "توماس نيكلاسون" حذر، بعد زيارته لأفغانستان أوائل أكتوبر/تشرين الأول الجاري، من أن البلاد "ستواجه شتاءً قاسياً".

وحث "نيكلاسون"، الصين وروسيا ودول منظمة التعاون الإسلامي على أن تحذو حذو المملكة المتحدة والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، من خلال زيادة المساعدة الإنسانية لأفغنستان.

وأشار "الداوي" إلى أن نداء المبعوث الأوروبي ذو دلالة خاصة، إذ غرقت أفغانستان في مزيد من براثن الفقر منذ انهيار الحكومة المدعومة من الولايات المتحدة، العام الماضي، حيث يواجه نظام حركة طالبان عقوبات اقتصادية دولية خانقة.

ووفقًا للأمم المتحدة، فإن جميع الأفغان تقريبًا يعيشون حاليا تحت خط الفقر، ورغم ذلك لم تعلن أغلب الدول الإسلامية الغنية إلا عن مساعدات هزيلة.

ففي الأسبوع الماضي، أعلنت السعودية أنها ستقدم 400 مليون دولار كمساعدات إنسانية لأوكرانيا، في مقابل تعهدها السابق بـ 11 مليون دولار فقط لأفغانستان هذا العام.

كما أن الدول الإسلامية الثرية الأخرى، مثل الإمارات وقطر وتركيا، إما غائبة أو متأخرة في قائمة المانحين للنداء الإنساني في أفغانستان، حسبما يؤكد "الداوي".

فالإمارات قدمت أكثر من 309 ملايين دولار استجابة للنداءات الإنسانية للأمم المتحدة في 23 دولة، منها 171 مليون دولار لإثيوبيا و 1.9 مليون دولار فقط لأفغانستان.

فيما قدمت قطر، التي تتمتع بأحد أعلى معدلات نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي في العالم، أقل من مليون دولار لنظام الأمم المتحدة للنداءات الإنسانية العالمية في عام 2022، منها حوالي 500 ألف دولار للكاميرون.

وفي ديسمبر/كانون الأول 2021، وافق وزراء الخارجية الذين حضروا مؤتمر منظمة التعاون الإسلامي في إسلام أباد على إنشاء صندوق ائتماني إنساني خاص بالبنك الإسلامي للتنمية؛ استجابة للأزمة الإنسانية في أفغانستان، ورغم ذلك أعلن البنك عن منح 525 ألف دولار فقط للاتحاد الدولي لجمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر لإنفاقها على الأنشطة الإنسانية الفورية في أفغانستان.

ونقل "الداوي" عن الأستاذة المشاركة في الشؤون الدولية بجامعة جورج واشنطن "ديلو فري" تفسيرها لموقف الدول الإسلامية من أفغانستان: "من الناحية الجيوسياسية ، قطعت السعودية العلاقات مع طالبان منذ هجمات 11 سبتمبر/أيلول، واتهمت الحركة بالتشهير بالإسلام وإيواء الإرهابيين (..) هناك بعض المخاوف من التعرض للعقوبات الأمريكية" في حال مساعدة السلطات القائمة في أفغانستان.

وأشارت إلى أن الولايات المتحدة فرضت عقوبات على قادة طالبان ومؤسساتها، كما جمدت 9 مليارات دولار من أصول البنك المركزي الأفغاني على أساس أن حكام طالبان الفعليين قد يستخدمون الأموال لرعاية الإرهاب.

أما "أليكس دي وال"، المدير التنفيذي لمؤسسة السلام العالمي بجامعة "تافتس"، فأشار إلى انتقادات لنظام الاستجابة الإنسانية الذي تقوده الأمم المتحدة، واتهامات له بـ "الانتقائية" وعدم إعطاء أولوية التمويل للاحتياجات الأكثر إلحاحًا.

وأوضح: "لدينا نظام يشبه اصطفاف المتسولين خارج باب المسجد، على أن يختار المصلي المتسول الذي سيعطيه المساعدة، معتقدًا أن هذا الذي اختاره يستحق أكثر من غيره"، مضيفا: "إنها معاملة تعتمد بالكامل على أهواء المتبرع".

وإزاء ذلك، فإن السعودية ودول الخليج الأخرى حذرة بشكل عام من نظام المساعدات الذي تقوده الأمم المتحدة، ولديها تصور بأن مؤسسات هذا النظام "مهتمة بالبقاء التنظيمي أكثر من اهتمامها بالمساعدات"، وأن "معظم الأموال تذهب إلى تكاليف موظفي ومستشاري المؤسسات، الذين ينتمون إلى الدول الغربية".

وهنا أشار "الداوي" إلى أن الشكوك بشأن نظام المساعدة الذي تقوده الأمم المتحدة لا يقتصر على الدول ذات الأغلبية المسلمة، التي ليس لها مقعد دائم في مجلس الأمن، بل تشمل دولتان قويتان، هما الصين وروسيا، وكلاهما عضو دائم في مجلس الأمن، حيث وصفت كل منهما نظام الأمم المتحدة بأنه "غير فعال ومتلاعب به".

كما لفت "الداوي" إلى أن أفغانستان ليست حالة الطوارئ الإنسانية الوحيدة بالنسبة لما يقدر بنحو 1.8 مليار مسلم في العالم، إذ تواجه دول أخرى، كاليمن وسوريا والصومال، كوارث تتطلب استجابات إنسانية عاجلة.

أما "جينس رودبيك"، الأستاذ في مركز الشؤون العالمية بجامعة نيويورك، فلفت إلى زاوية أخرى وراء الاستجابة الإسلامية الضعيفة للمساعدة الإنسانية في أفغانستان، وهي "توفر البنية التحتية التنظيمية الضامنة لتوجيه الأموال" في الدول الغربية، وليس في البلدان الإسلامية، التي تضم مؤسسات مدنية مقيدة أو متحكم فيها من قبل الدول.

ورغم وجود بعض منظمات الإغاثة الإسلامية الدولية، إلا أن مواردها التمويلية والبنية التحتية محدودة، بسحب "رودبيك".

وإزاء ذلك، خلص "الداوي" إلى أن كافة المعطيات القائمة ترجح أن يؤدي نقص التمويل، خاصة من جانب الدول الإسلامية، إلى تفاقم المعاناة الإنسانية في أفغانستان.

المصدر | إذاعة صوت أمريكا - ترجمة وتحرير الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

الدول الإسلامية السعودية أفغانستان طالبان الإمارات قطر تركيا

"أين المال؟".. 3 عوامل وراء فشل استراتيجية المساعدات الإنسانية في اليمن