البديل بجودة أقل.. صدام الحكومة المصرية مع شركات الأرز يتسبب في اختفائه من الأسواق

الأربعاء 9 نوفمبر 2022 09:02 ص

تشهد الأسواق المصرية، منذ أيام، شحّاً كبيراً في مادة الأرز، على خلفية صدام بين الحكومة والشركات المنتِجة، أدى إلى توقّف خطوط الإمداد والتوريد.

واندلع الصدام بسبب قرار رئيس الوزراء "مصطفى مدبولي"، فرض مليون جنيه (41.07 ألف دولار) غرامة على الشركات الممتنِعة عن توريد الأرز بالأسعار الرسمية (12 جنيهاً للسائب منه/ 15 جنيهاً للمعبّأ)، التي تفوقها بـ30% تلك التي كانت تُباع بها هذه المادّة في الأسواق خلال الشهور الماضية.

وتنتج مصر سنوياً نحو 4.4 مليون طنّ من الأرز الذي يُعتبر سلعة أساسية، فيما يصل متوسّط استهلاك الفرد سنوياً منه إلى 40 كيلوجراما، فيما يبلغ ما تحتاجه البلاد نحو 3.2 ملايين طن سنوياً، ما يعني القدرة على تحقيق الاكتفاء الذاتي بالكامل، وإتاحة جزء للتصدير، لكن الشركات الكبرى متوقّفة عن العمل بشكل شبه كامل من دون إعلان رسمي.

وتُراهن الشركات على عدول رئيس الحكومة عن القرار تحت وطأة الضغوط المتزايدة والشكاوى المتصاعدة، خصوصاً أن التجّار أيضاً باتوا يفضّلون شغْل أماكن العرض بمنتجات أكثر ربحية، مقارنةً بالأرز الذي سيكون عليهم عرضه بهامش ربح محدود للغاية.

في المقابل، وكعادتها في الأزمات، لم تعترف الحكومة بالمشكلة المتفاقمة، بل صدر عنها بيان رسمي ينفي اختفاء الأرز من الأسواق، مع إعلان توافره في المجمعات الاستهلاكية عبر وزارة التموين التي تتيح منتَجات بجودة أقل.

وهكذا، باتت هذه السلعة الاستراتيجية رهينة شدّ وجذب بين الحكومة التي ترغب في تحديد سعرها، وبين الشركات التي تهدّد بترك السوق متعطّشة لها، مُراهنةً على العجز الحكومي عن الوفاء بجميع الكمّيات المطلوب طرحها في الأسواق.

مصدر في وزارة التموين المصرية قال لـ"عربي بوست"، إن "الوزارة كان هدفها تأمين احتياجاتها من الأرز؛ لذلك حددت للمزارعين نسبة الربع من الإنتاج ليباع إلى الوزارة بسعر أقل من سعر السوق".

وأضاف: "الأرز سلعة استراتيجية في مصر؛ لذلك كان ينبغي على الوزارة أن تضع آليات للسيطرة على عملية بيعه حتى لا يهيمن عليه التجار".

وتابع المسؤول الذي رفض الكشف عن هويته، أن منع توريد الأرز من بعض الشركات إلى الأسواق والمحلات التجارية "ما هو إلا وسيلة للضغط على الحكومة، كي تتراجع عن قرارها"، وهو ما اعتبره الرجل "ممارسات غير أخلاقية".

من جهته، قال "أحمد عبداللاه" (اسم مستعار)، مدير تنفيذي لأحد مصانع الأرز الشهيرة في مصر: "الوزارة تجبرنا على البيع بسعر تقرره هي دون النظر إلى أي اعتبارات، وكأنها تريد أن تكبدنا خسائر فادحة".

وتابع: "ليس من المنطقي أن تجبرني الوزارة على البيع بسعر 15 جنيهاً للكيلو الواحد، في حين أن السعر كان يتراوح بين 19 و24 جنيهاً للكيلو الواحد، الوزارة خلقت الأزمة، وينبغي عليها أن تحلها".

ووفق مصادر، تَجرى مفاوضات بين الطرفَين بهدف إيجاد تسوية ما، حيث لا تزال الشركات التي تبرّر توقّفها عن العمل بالتحديث الخاص بأنظمة التشغيل، ترفض اعتماد التسعير الحكومي، بالنظر إلى ارتفاع مصاريف التشغيل ومستلزمات الإنتاج بشكل كبير، نتيجة تراجع قيمة العملة وزيادة التضخّم.

وفي المقابل، تلوّح الحكومة بعمليات مصادَرة للكميات المخزّنة، وطرحها جبراً في الأسواق، مع توقيع العقوبة على المخالفين، لكن هذا التهديد لم يسفر عن نتائج، في ظلّ تأكيد الشركات وفاءها بالتزاماتها، واستمرار العمل في مصانعها وفق طاقتها الإنتاجية الاعتيادية.

يشار إلى أنه لا توجد عقود مبرمة بين الشركات والحكومة على كمّيات محدّدة يجب إنتاجها، وفق سقف زمني محدّد، ما يزيد من تعقيد الموقف.

ويتوقع مراقبون، أن تطرح الشركات المصنّعة للأرز منتجات بجودة أقل، حتى تتمكن من تعويض الخسائر التي مُنيت بها، سواء كانت بنفس الاسم أو بنزول علامات تجارية جديدة إلى الأسواق المصرية تحل الأزمة، وتستطيع أن تلتزم بالسعر الذي حددته الحكومة المصرية.

المصدر | الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

مصر الأرز صدام أزمة سلع أساسية

مصر: مخزون الأرز يكفي حتى نوفمبر 2021

بعد اختفائه من الأسواق.. برلماني مصري يطالب بملاحقة متحكري الأرز

إلغاء تسعيرة الأرز يثير غضب المصريين.. وناشطون: الحكومة تخضع للتجار