مخاوف استخباراتية متزايدة في واشنطن من تداعيات التأثير الإماراتي على السياسة الأمريكية

الخميس 17 نوفمبر 2022 04:56 ص

أصبحت جهود الإمارات للتأثير على السياسة الخارجية الأمريكية لصالحها تحديًا حقيقيا للأمن القومي للولايات المتحدة، لذلك أصبح هذا الأمر في بؤرة اهتمام مجلس الاستخبارات الوطني الأمريكي الذي يعتمد على معلومات من 18 وكالة استخبارات أمريكية ويعمل كجسر بين مجتمع الاستخبارات وصناع السياسة.

وبالفعل، صدر مؤخرا تقرير سري بشأن جهود الإمارات للتأثير على السياسة الأمريكية، ومما يشير إلى أن مجتمع الاستخبارات يتابع عن كثب جهود الدولة الخليجية لكسب النفوذ في واشنطن.

بعبارة أخرى، ارتفعت المخاوف من تدخل الإمارات في السياسة الأمريكية لدرجة تهدد الأمن القومي وهو الأمر الذي يتقاسمه حاليا مجتمع المخابرات الأمريكي.

ويعد هذا التدقيق من قبل وكالات الاستخبارات أمرا غير معتاد إلى حد كبير حيث تختص هذه الوكالات بالتركيز على التهديدات الخارجية وتجنب الانخراط في الأنشطة التي يمكن اعتبارها دراسة للسياسة الأمريكية أو تتبع للمسؤولين الأمريكيين.

وفي صحيفة "واشنطن بوست"، كتب "هدسون" تقريرا عن الحوارات التي أجراها مع مصادر في مجتمع الاستخبارات قرؤوا التقرير السري.

وتشمل الأنشطة التي غطاها التقرير، ووصفها 3 أشخاص قرؤوه للصحيفة، واشترطوا عدم الكشف عن هوياتهم، محاولات غير قانونية وأخرى قانونية لتوجيه السياسة الخارجية الأمريكية بشكل موات لصالح الإمارات.

وقال هؤلاء الأشخاص إن هذا يكشف عن محاولة الإمارات، التي تمتد عبر إدارات أمريكية متعددة، استغلال نقاط الضعف في نظام الحوكمة الأمريكي، بما في ذلك الاعتماد على المساهمات في الحملات، والقابلية لشركات الضغط القوية، والتراخي في تطبيق قوانين الإفصاح التي تهدف إلى الحماية من تدخل الحكومات الأجنبية.

وفي حين أن تقرير مجلس الاستخبارات الوطني كان مطلعا على معلومات سرية حول تدخل الإمارات غير القانوني في أمريكا، تظهر المعلومات المتاحة للجمهور أن الإمارات تدير واحدة من أكبر عمليات التأثير القانوني في الولايات المتحدة.

وكما تم توثيقه في موجز لمعهد "كوينسي"، كشف قانون تسجيل الوكلاء الأجانب عن معلومات مثيرة بشأن نشاط جماعات الضغط وشركات العلاقات العامة التي تعمل نيابة عن الإمارات في عامي 2020 و2021 حيث جرى تسجيل أكثر من 10 آلاف نشاط سياسي نيابة عن الإمارات.

وشمل ذلك التواصل غير العادي مع مكاتب الكونجرس. وفي الواقع، اتصلت جماعات الضغط الإماراتية بكل مكاتب الكونجرس تقريبًا للمساعدة في دفع ملف مبيعات الأسلحة إلى الإمارات، وتعزيز المزيد من انعدام الثقة في إيران، والترويج للعديد من القرارات الإماراتية باعتبارها في صميم السياسة الخارجية للولايات المتحدة في الشرق الأوسط.

كما وجد موجز معهد "كوينسي" أن نفس أعضاء الكونجرس الذين اتصل بهم أعضاء جماعات الضغط الإماراتية كانوا يجمعون مساهمات مالية خلال الحملات الانتخابية من شركات الضغط نفسها.

وقدمت الشركات المسجلة لصالح الإمارات نحو 500 ألف دولار لحملة أكثر من 100 عضو في الكونجرس اتصلت بهم هذه الشركات في عامي 2020 و2021.

في حين أن البعض قد يعتبر هذه الممارسات غير قانونية، لكنه يجري التلاعب عبر تقديمها كدعم شخصي وليس نيابة عن الإمارات، ما يحمي أعضاء جماعات الضغط من اتهامات بأنهم يساعدون عملاءهم الإماراتيين على انتهاك حظر لجنة الانتخابات الفيدرالية على المساهمات الانتخابية من الرعايا الأجانب.

تعتبر مراكز الفكر عنصرًا مهمًا آخر في جهود التأثير القانوني لدولة الإمارات في الولايات المتحدة حيث تنفق أبوظبي مئات الملايين من الدولارات على التبرعات للجامعات ومراكز الفكر الأمريكية، والتي بدورها تنتج أوراق سياسات تخدم الإمارات.

وتعد الإمارات واحدة من أكبر الجهات المانحة الأجنبية للمؤسسات البحثية الأمريكية، حيث تقدم كل عام ملايين الدولارات كتمويل لمراكز الفكر الأكثر نفوذاً في أمريكا، بما في ذلك "أتلانتك كاونسل"، ومعهد "بروكينجز"، ومركز الدراسات الاستراتيجية والدولية.

وتحاول هذه المراكز التزام الموضوعية لكن في بعض الحالات تقدم تعليقات وكتابات تتماشى مع مصالح مموليها الإماراتيين، حتى إن بعض مراكز التفكير كتبت تقارير محددة بناءً على طلب حكومة الإمارات.

وتم توثيق حالة واحدة على الأقل لتكليف موظف سابق في سفارة الإمارات للمشاركة سرا لكتابة تقرير يقدم المشورة لصانعي السياسات بشأن استراتيجية الولايات المتحدة في الشرق الأوسط.

وهناك مطالبات بالعديد من الإصلاحات المنطقية لتحسين الشفافية والمساءلة بشأن تمويل مؤسسات التفكير والرأي، عبر إجبار هذه المراكز على الكشف علنا عن مصادر تمويلها.

وبالرغم من السجل الموثق لتدخل الإمارات في صنع السياسة الأمريكية لدرجة استدعت اهتمام مجتمع الاستخبارات، فلا يوجد مؤشر واضح على أن الإمارات تواجه أي عواقب أو حتى إنها واجهت على أفعالها.

وقد تحدث "هدسون" مع نائب أمريكي قرأ التقرير السري وأعرب عن قلقه بشأن دور الأموال الإماراتية في التأثير على الديمقراطية الأمريكية. وقال النائب: "يجب وضع خط أحمر واضحا للغاية ضد لعب الإمارات في السياسة الأمريكية.. لست مقتنعًا بأننا تحدثنا في ذلك مع الإماراتيين على مستوى عالٍ".

المصدر | إيلي كليفتون و بن فريمان | ريسبونسبال ستيتكرافت -  ترجمة وتحرير الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

اللوبي مراكز البحث العلاقات الإماراتية الأمريكية جون هدسون النفوذ الإماراتي جماعات ضغط حملات انتخابية مجتمع الاستخبارات مراكز تفكير

مبعوث الطاقة الأمريكي: العلاقة مع الإمارات قوية ومستدامة