هكذا أصبح مونديال 2022 بوابة قطر لتعزيز قدراتها الأمنية

الأحد 20 نوفمبر 2022 09:43 ص

بالنسبة لقطر، لا تتعلق استضافة مونديال 2022 بالقوة الناعمة فقط، حيث تحاول الدوحة الاستفادة من الحدث العالمي في تنفيذ استراتيجية أمنية وطنية أوسع، تركز على بعدين استراتيجيين مترابطين وهما تعزيز قدرات الأمن الداخلي والتعاون مع الشركاء الإقليميين والدوليين مع مراعاة العلاقة بين الأمن والهوية الوطنية.

ومنذ فوز قطر بحق الاستضافة في عام 2010، عملت القيادة القطرية على الاستفادة من الحدث لدفع استراتيجية الأمن القومي، ودفعت المقاطعة التي فرضتها الرباعية على قطر في يونيو/حزيران 2017 القيادة القطرية إلى تسريع هذه الخطط، حيث واجهت البلاد عزلة مفاجئة.

وفي مقابلة أجريت معه عام 2019، قال رئيس أركان القوات المسلحة القطرية، إن التحديات والصراعات المتزايدة في المنطقة، وكذلك انتشار الإرهاب، تدفع قطر إلى تعزيز مؤسساتها العسكرية والأمنية.

وأشار إلى أن هذا يتم من خلال "تطوير العنصر البشري باعتباره المحور الأساسي لتنفيذ استراتيجية الدفاع والأمن". وفي الوقت نفسه، أشار إلى أهمية التعاون الاستراتيجي و "ضرورة توحيد الجهود لتعزيز الأمن والسلام والاستقرار".

وقد وضعت قطر استراتيجية أمنية لجميع جوانب بطولة كأس العالم، حيث تم تصميم برنامج أمن وسلامة الحشود الرياضية لتدريب قوات الأمن الحكومية والخاصة.

وعقدت برامج ودورات تدريبية وتمارين مشتركة لبناء وتطوير قدرات الكوادر الأمنية القطرية. وأجرى مستشارو الشرطة الأوروبيون واليوروبول تدريبات لأفراد الأمن لمعالجة الأزمات المحتملة أو سيناريوهات الطوارئ.

ويبلغ عدد سكان قطر حوالي 3 ملايين نسمة، وتتوقع قطر أن تستضيف أكثر من مليون مشجع. ومع عدد سكانها الصغير نسبيًا، كانت قطر بحاجة إلى شركاء دوليين.

وتم تنظيم هذه العملية من خلال شراكة مع دول مثل الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وفرنسا وإيطاليا وتركيا وباكستان، لحماية المجال الجوي والمياه الإقليمية لدولة قطر من التهديدات الإرهابية وغيرها.

وفي 23-27 أكتوبر/ تشرين الأول، أجرت هذه الدول، من بين عدة دول أخرى (بما في ذلك السعودية والكويت والأردن)، تدريبات أمنية مشتركة في قطر للمرة الثانية.

وشارك في تمرين "وطن" الأمني ​​المشترك 32 ألف عنصر أمني حكومي و17 ألف عنصر من قطاع الأمن الخاص.

وتعالج الدول الشريكة مشكلة نقص أفراد الأمن وكذلك نقص الخبرة.

وقد وقّعت قطر عدة اتفاقيات أمنية مع دول شريكة بحيث تلتزم الدوحة بتغطية التكاليف المالية المتعلقة بنشر الأفراد الأجانب، بينما ستكون كل وحدة أجنبية تحت قيادة بلدها الأصلي.

على سبيل المثال، تخطط تركيا لإرسال 3000 من قوات شرطة مكافحة الشغب للمساعدة في تأمين الملاعب والفنادق، و50 متخصصًا في القنابل، و80 من الكلاب البوليسية. 

وستقدم أنقرة أيضًا دعما لأفراد الأمن القطريين في العمليات الخاصة والتخلص من القنابل والتدابير الأمنية ضد التهديدات الكيميائية والبيولوجية والإشعاعية والنووية.

وسيتم نشر قوة عمل مشتركة من القوات البرية والبحرية التركية، إلى جانب سفينة حربية تركية لتأمين الشواطئ القطرية.

كما خطط المغرب لإرسال ما يقدر بنحو 6000 عنصر أمني، مكلفين بشكل أساسي بدعم فرق الاستخبارات والأمن السيبراني. فيما ستقدم الولايات المتحدة دعما في مواجهة التهديدات من أنظمة الطائرات بدون طيار.

وقد وافقت الحكومة الباكستانية على إرسال قوات، بما في ذلك ضباط الجيش وضباط الصف الصغار. وعرضت مديرية الأمن الأردنية وظائف في مونديال قطر لجنود أردنيين متقاعدين تحت سن 45.

وتلعب الدول الأوروبية أيضًا دورًا مهمًا في دعم طاقم الأمن القطري.

وقالت وزارة الداخلية الفرنسية إنها ستنشر حوالي 220 من ضباط إنفاذ القانون لتوفير "خبرة عالية المستوى ودعم لوجستي متخصص"، لا سيما من الدرك المتخصصون في العمليات المضادة للطائرات بدون طيار وعمليات إزالة الألغام.

وتساعد المملكة المتحدة في حفظ الأمن البحري والجوي من خلال سرب تايفون المشترك، الذي تأسس في عام 2020 ومقره في المملكة المتحدة في سلاح الجو الملكي، ويتم تشغيله بشكل مشترك من قبل أفراد القوات الجوية الملكية والقوات الجوية الأميرية القطرية.

وسيركز السرب على مكافحة الإرهاب من خلال عمليات الأمن الجوي.

وبالرغم من الشراكة، أكد بيان صادر عن وزارة الدفاع البريطانية أن القوات الجوية الأميرية القطرية ستشرف على الأمن الجوي لكأس العالم.

وستشارك إسبانيا وإيطاليا أيضًا في الجهود الأمنية، حيث تساهم مدريد بـ 115 ضابطًا من شرطة مكافحة الشغب وتقدم روما 560 جنديًا من القوات المسلحة والشرطة، مع 46 مركبة برية وسفينة وطائرتين.

وبالنسبة لقطر، توفر استضافة كأس العالم فرصة غير مسبوقة لبناء خبرة أمنية محلية أقوى من خلال برامج التدريب والتمارين المشتركة ونقل المعرفة.

وقالت عضو البرلمان الفرنسي "أميليا لاكرافي" إن "الاستفادة الأكبر لقطر ستكون في نقل الخبرة والمهارة والمعرفة".

على سبيل المثال، قام الناتو وسلوفاكيا بتدريب القوات القطرية على التهديدات التي تشكلها المواد الكيميائية والبيولوجية والإشعاعية والنووية.

وقدمت رومانيا التدريب لحماية الشخصيات البارزة ومواجهة التهديدات القادمة من الأجهزة المتفجرة المتحركة.

وتم إطلاق مشروع مع الإنتربول في عام 2012 - بتمويل من الدوحة - لمساعدة الدول الأعضاء على التعامل مع الكوارث الأمنية ولأحداث الرياضية الكبرى.

وأجرت أكاديمية الشرطة الوطنية التركية تدريبات وقدمت دورات لـ 960 ضابط شرطة قطري قبل كأس العالم.

وشمل التدريب تحليل السلوك، وإدارة الأزمات، ومكافحة جرائم الكراهية، والحفاظ على السلامة الرياضية والنظام العام في المناسبات الكبرى.

كما استضاف المعهد الملكي المغربي للشرطة وفدا أمنيا قطريا لتدريبهم حول إدارة الحشود وحماية الشخصيات رفيعة المستوى.

وفي مايو/أيار، جلب مؤتمر "الميل الأخير نحو مونديال قطر 2022" ممثلين أمنيين من 32 دولة تأهلت منتخباتها الوطنية إلى كأس العالم.

وأنشأ المؤتمر مركز التعاون الشرطي الدولي لتبادل المعلومات والإشراف على الأنشطة الشرطية خلال الحدث.

ويندرج هذا المركز تحت إشراف اللجنة العليا للمشاريع والإرث برئاسة رئيس الوزراء ووزير الداخلية القطري "خالد بن خليفة بن عبد العزيز آل ثاني".

ويوفر كأس العالم أيضًا فرصة لقطر لعرض إمكانياتها كدولة، وإرسال رسالة إلى الجمهور المحلي والدولي. ولهذا أطلق القادة القطريون على التدريبات الأمنية المشتركة اسم "وطن".

وعلى مدار العقد الماضي، كان بناء الدولة يمثل أولوية بالنسبة لأمير قطر والحكومة (كما هو موضح في رؤية قطر الوطنية 2030)، خاصة منذ عام 2017.

وفي هذا السياق، فإن أحد أوضح الإجراءات التي تربط بين الأمن وبناء الدولة من خلال استضافة كأس العالم هو التجنيد الإجباري المرتبط بالحدث في قطر (تم إدخال الخدمة العسكرية الإجبارية في عام 2013).

ويشمل أفراد الأمن في قطر مدنيين ملتحقين بالخدمة العسكرية الإلزامية ودبلوماسيين عادوا من الخارج.

ويحضر المجندون إلى معسكر الخدمة الوطنية 5 أيام في الأسبوع، ويحضرون الدورات التدريبية التي يجريها مسؤولون من اللجنة العليا للمشاريع والإرث.

وبحسب تقرير لرويترز، قال المسؤولون للمجندين إن "واجبهم الوطني" هو دعم البلاد خلال كأس العالم.

ولضمان الأمن القومي خاصة عند استضافة الأحداث الدولية الكبرى، تحتاج قطر إلى الخبرة الفنية والمساعدة من الشركاء؛ ومع ذلك لن يكون هذا كافيًا بدون شعور واسع بالانتماء إلى المجتمع.

وتأمل قطر أن تساعدها استضافة كأس العالم على تعزيز كل هذه العناصر لتطوير قدراتها الأمنية الداخلية.

المصدر | إليونورا أرديماغني/ معهد دول الخليج العربي - ترجمة وتحرير الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

قطر كأس العالم الأمن استراتيجية قطر الأمن القومي مونديال 2022

رئيس فيفا ردا على الانتقادات الغربية الموجهة لقطر: منافقون

لمتابعة المونديال.. قطر تقيم صالات للاجئين والنازحين في 8 دول