خبراء: المونديال تعزيز لقوة قطر الناعمة.. وحزمة الإصلاحات تحسم نجاحها

السبت 19 نوفمبر 2022 11:51 ص

سلط خبراء بالشأن الإقليمي الضوء على انعكاسات تنظيم قطر لبطولة كأس العالم لكرة القدم للرجال، التي تنطلق الأحد، وأهمها تعزيز قوة قطر الاقتصادية والناعمة، وتحسين قدرتها على تنفيذ إصلاحات حقوقية، لاسيما في مجال العمالة الوافدة.

واعتبر "دانيل ريتش"، الباحث الزائر بمركز الدراسات الدولية والإقليمية "CIRS"، أن استضافة قطر لكأس العالم يمثل تتويجاً لاستراتيجية طويلة الأمد تتعلق بالرياض وكرة القدم في العقدين الماضيين، حيث استثمرت الدوحة بشكل كبير في الرياضات الدولية، التي أصبحت أداة للقوة الناعمة، حسبما أورده موقع المعهد الإيطالي للدراسات السياسية الدولية.

وأوضح أن قطر لا تهدف فقط إلى تقديم نفسها مكانا رئيسيا للأحداث العالمية الكبرى ولا تستهدف فقط جذب الاستثمارات الأجنبية، بل تنفيذ استراتيجية أوسع تتعلق بالدور الخارجي للدولة، خاصة بعد الدرس الذي خلفته الأزمة الخليجية وحصارها من جانب جيرانها، السعودية والإمارات والبحرين.

فمونديال 2022 من شأنه تعزيز العلاقات الإقليمية بشكل كبير، إذ يستعد جيران قطر لاستقبال تدفق كبير من جماهير الكرة، حيث ستتمكن الدولة الخليجية الصغيرة من استضافة حوالي 1.5 مليون زائر فقط بشكل متزامن.

وعلى المستوى الاقتصادي، تقدم قطر نموذجا للطريقة التي يمكن من خلالها استخدام القوة الصلبة بشكل استراتيجي لتحقيق مكاسب القوة الناعمة، حسبما يرى "ريتش".

وأوضح أن قطر لديها قدرات عسكرية محدودة، لكن قدراتها الاقتصادية كبيرة بفضل مواردها الغنية بالنفط والغاز الطبيعي، ولذا فهي في وضع أفضل بكثير من العديد من البلدان الأخرى فيما يتعلق الأمر بالقوة الناعمة.

وأضاف: "من الواضح أن قطر يمكن أن تخصص مبالغ كبيرة لدفع قوتها الناعمة، ويمكنها أيضًا المزايدة على الدول الأخرى في هذا الإطار عبر الاستثمار بعالم الرياضة العالمية"، لافتا إلى أن إستراتيجية القوة الناعمة في قطر ترتكز على 3 ركائز رئيسية، هي: استضافة الأحداث الرياضية، والاستثمارات الرياضية الخارجية، والاستفادة من التميز المحلي".

وفي السياق، نوه المحاضر بجامعة لوزان، "سفين دانيال وولف"، إلى دور استثمار قطر في الأحداث الرياضية العالمية في تعزيز أداة قوية لقوتها الناعمة، موضحا: "الدول مستعدة لدفع مبالغ طائلة لاستضافة الأحداث الضخمة. ويرجع ذلك أساسًا إلى أن هذه الاستضافة تحظى باهتمام عالمي، ويمكن استخدامها لتقديم الصورة الوطنية أو إعادة تأطيرها".

لكن "وولف" يشير إلى أن القوة الناعمة التي تستهدفها قطر "ليست قابلة للقياس الكمي ولا مستقرة"، وقد تتحول بمرور الوقت، وبالتالي لا ضمانات لنتائجها لنتائج الفعلية التي ترغبها السلطات.

كما ترى الباحثة غير مقيمة في معهد دول الخليج العربية في واشنطن، "كيت دوريان"، أن مونديال قطر يثبت أنه "لا يزال بإمكان دولة صغيرة ذات طموح كبير أن تحقق ما قال الكثيرون أنه مستحيل".

وأضافت أن استضافة كأس العالم انتصار من نوع خاص بالنسبة لقطر، خاصة بعد أزمة حصارها من جيرانها، وتمثل إثباتا واضحًا لقوتها الناعمة مع النفوذ الكبير لمكانتها كواحدة من دول مجلس التعاون الخليجي، ومن أكبر 3 دول مصدرة للغاز الطبيعي المسال في العالم.

وأشارت "دوريان" إلى الدور الذي لعبه الارتفاع الأخير في أسعار الغاز في زيادة الإيرادات القطرية إلى أعلى مستوى لها منذ عام 2013، وبالتالي قدرتها على استضافة كأس العالم، مشيرة إلى أن تلك الإيرادات بلغت، بين يناير/كانون الثاني وسبتمبر/أيلول الماضيين، أكثر من 100 مليار دولار، وهو مستوى لم تحققه منذ عام 2014، ومن المرجح أن ترتفع حتى نهاية العام.

وأشارت إلى أن قطر ليست المستفيد الوحيد من استضافة المونديال، إذ تستعد دول الخليج العربية الأخرى لتدفق مشجعي كرة القدم، وبدأت الفنادق في دبي وأبوظبي وعواصم الخليج العربي الأخرى في استقبالهم.

وسيشهد خط دبي-الدوحة 48 رحلة جوية يوميًا من وإلى العاصمتين، بينما تخطط المملكة العربية السعودية لاستخدام 5 مطارات لنقل المشجعين إلى العاصمة القطرية.

وهنا تلفت "دوريان" إلى أن الاستثمار الرياض بات أداة مهمة لتعزيز القوة الناعمة لدول الخليج عموما، وليس قطر فقط، التي استحوذت على نادي باريس سان جيرمان الفرنسي عام 2011، إذ استحوذت أبوظبي على نادي مانشستر سيتي، واشترت السعودية مؤخرًا نادي نيوكاسل يونايتد.

أما "بروك شيرمان"، منسق برنامج الشرق الأوسط بمركز "ويلسون" الأمريكي، فيرى مونديال قطر من زاوية أخرى، تتمثل في الإصلاحات التي مضت الدوحة قدما في تنفيذها لتكون جديرة باستضافة الحدث العالمي.

ففي الـ 12 عامًا الماضية، منذ أن فازت قطر باستضافة مونديال 2022، واجهت الدولة الخليجية الصغيرة رد فعل عنيف بسبب سجلها في معاملة العمال الأجانب، الذين يمثلون أكثر من 95% من القوى العاملة بالقطاع الخاص القطري.

ودفعت الانتقادات قطر في نهاية المطاف إلى التنسيق مع منظمة العمل الدولية وتنفيذ تدابير لمواجهة الآثار السلبية لنظام الكفيل، لكن هذه التدابير لم تسفر عن تغير جوهري في ظروف العمل الشاقة، والتعويضات المتأخرة أو غير المكتملة للعمال، والقيود المفروضة على حرية التنقل، حسبما يرى "شيرمان".

واعتبر الباحث بمركز ويسلون أن قطر أمام "فرصة إصلاحية" لتظهر أنها قادرة على إصلاح نظام الكفيل، و"إلا فمن المحتمل أن تترك وصمة عار دائمة على سمعتها وتخلق جوًا مثيرًا للانقسام حول مشهد عالمي يهدف إلى التقريب بين الناس".

المصدر | المعهد الإيطالي للدراسات السياسية الدولية - ترجمة وتحرير الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

قطر مونديال قطر الحصار القوة الناعمة السعودية الإمارات

"قطر رفعتوا الراس".. مغردون يشيدون بقرار الدوحة حظر الخمور بملاعب المونديال

بوستر رافض للشواذ في شوارع قطر: أستغفر الله العظيم