100 يوم من التدخل الروسي في سوريا، كانت كفيلة لتحقيق تحذيرات المعارضة السورية، التي قالت إن التدخل الروسي سيصب في مصلحة «بشار الأسد»، ولن يواجه تنظيم الدولة الإسلامية كما هو معلن من الجانب الروسي.
الغارات الروسية التي بدأت في 30 سبتمبر/أيلول 2015، تحت ذريعة «الحرب على تنظيم الدولة الإسلامية»، لم تقهر خلالها التنظيم، بل أوقفت تقدم المعارضة السورية في عدة جبهات، وكانت سببا في سيطرة نظام «الأسد» على العديد من المناطق، بالإضافة لمقتل 1000 مدني على الأقل، وتهجير أكثر من 100 ألف من منازلهم، بحسب إحصاء لوكالة الأنباء التركية «الأناضول».
وبدأت الغارات الروسية مركزة في شهرها الأول على محافظات إدلب، وحماة، وحمص، وحلب، إلا أنه بدءا من النصف الثاني لشهر أكتوبر/تشرين الأول، وحتى نهاية نوفمبر/تشرين الثاني، استهدفت الغارات الروسية، الريف الجنوبي والشمالي لحلب، والريف الجنوبي لإدلب، والتركمان في منطقة بايربوجاق بريف اللاذقية.
ومنذ ديسمبر/كانون الأول، وحتى الآن، يتعرض ريفا حلب الجنوبي والشمالي، ومنطقة باير بوجاق، وريف إدلب لغارات روسية متواصلة.
تأثير هذا القصف لم يستهدف تنظيم الدولة الإسلامية، ولم يتسبب في انكفاء مسلحي التنظيم وتقهقرهم، بل على العكس، فبعد إسقاط تركيا للطائرة الروسية التي اخترقت أجواءها في 24 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، حقق التنظيم من ناحية، وحزب الاتحاد الديمقراطي من ناحية أخرى، تقدما بالقرب من الشريط الحدودي مع تركيا، شمال حلب، بدعم روسي، بعدما انقطع الممر الواصل بين الحدود التركية، ومدينة حلب.
تنظيم الدولة الإسلامية وجد الفرصة، بالتقدم نحو الممر الواصل بين الحدود التركية، وحلب، من جهة الشرق، ووصوله إلى مسافة 3 كيلومترات، من مدينة عزاز.
كما تسبب القصف الروسي، في تقدم تنظيم الدولة الإسلامية على حساب المعارضة المسلحة، من بلدة صوران، حتى جنوب مدينة عزاز، وسيطرته على قرية كفرا.
وأثبت استهداف روسيا بغاراتها الجوية، فصائل المعارضة الفاعلة في مقاتلة التنظيم، عكس ادعائها بمحاربة التنظيم، حيث استهدفت روسيا بغاراتها الفصائل المعارضة التي تقاتل التنظيم وهي: الفوج الأول في جبهة دير جمال شمالي حلب، والجبهة الشامية في جبهة المالكية، والسلطان مراد في كفرا، ولواء المعتصم، وصقور الجبل في إدلب، وأحرار الشام، وفيلق الشام، ولواء نور الدين الزنكي في حلب، وجيش الإسلام، الذي طرد داعش من مناطق عديدة في ريف دمشق.
وفي 25 ديسمبر/كانون الأول، قتلت طائرات روسية، قائد جيش الإسلام «زهران علوش»، بعد قصف استهدف مقر اجتماع لقادة الجيش في ريف دمشق، كما سقط عدد آخر من القتلى والجرحى في القصف.
وتمكنت أيضا، قوات النظام السوري من التقدم برا في عدة مناطق، تحت غطاء جوي روسي، بينما تحولت قوات المعارضة إلى موقع الدفاع.
وقبيل تدخل روسيا في سوريا، كانت قوات المعارضة تحقق تقدمًا في العديد من الجبهات، فقد كانت على مشارف السيطرة على كامل محافظة إدلب، بعد سيطرتهم على مطار أبو الظهور، وحصارهم لقريتي كفريا والفوعة، كما حققت تقدما في سهل الغاب بريف حماة الشمالي، وتقدمت إلى معقل النظام في اللاذقية.
وفي درعا كانت انتصارات المعارضة السورية متتالية، وأهمها سيطرتهم على قرية شيخ مسكين مطلع 2015، وفي مارس/آذار، سيطروا على مدينة بصرى الشام التاريخية، وفي أبريل/ نيسان سيطروا على معبر نصيب الحدودي مع الأردن.
وسيطر النظام بدعم جوي روسي على بلدات خان طومان، وعيس، وتل عيس، وبلدة حاضر، وعابدين، وقرية بانيس، وعشرات القرى والمزارع، في الريف الجنوبي لحلب.
وفي سهل الغاب، تمكن النظام من استعادة السيطرة على قرى منصورة، وبحصة وفورو، وفي اللاذقية سيطرت على قرى آجي صو «النبع المر» وغمام، وزويك، وسراي، وقيزل داغ، وبرج القصب، وجبل النوبة، وبيت عوان، والكبير.
أمام المعارضة، فسيطرت قوات النظام على 4 نقاط في ريف حماة الشمالي، وهي أتسان، ومورك، ومعن، بالإضافة إلى 4 مناطق تابعة لصوران، في ريف حماة الشرقي.
أكثر من تضرر من التدخل الروسي خلال الأيام المئة الماضية، هم المدنيون، حيث فقد خلالها ألف شخص على الأقل حياتهم، في هذه الغارات، وتسببت الغارات الروسية المتزامنة مع هجمات برية لقوات النظام على مواقع المعارضة بموجة نزوح كبيرة تجاه الحدود التركية.
وبحسب إحصاءات أممية في نوفمبر/تشرين الثاني، وصل عدد المهجرين من منازلهم في موجة اللجوء هذه عددهم 123 ألف شخص.
وأقامت روسيا منذ أكتوبر/تشرن الأول الماضي، علاقة خاصة مع تنظيم حزب الاتحاد الديمقراطي، امتداد تنظيم «بي كا كا» في سوريا، وبعد لقاءات التنظيم مع المسؤولين الروس في باريس وموسكو، بدأ حزب الاتحاد الديمقراطي على الأرض بتلقي دعم فاعل من الطيران الروسي. ففي الثاني من ديسمبر/كانون الأول الماضي، ألقت طائرة شحن روسية 5 أطنان من الأسلحة والذخيرة، على منطقة الشيخ مقصود، التي تسيطر عليها قوات حزب الاتحاد الديمقراطي، وتزامن ذلك مع دعم التنظيم في التقدم على جبهات اعزاز، وجرابلس، الحدوديتين مع روسيا.
ويسعى تنظيم الاتحاد الديمقراطي، للسيطرة على مدينة جرابلس، التي تخضع لسيطرة تنظيم الدولة الإسلامية، من أجل العبور إلى غربي نهر الفرات، إلى جانب هجماتهم المتكررة على المعارضة في جبهة عزاز.