مونديال قطر 2022.. هكذا هز المشجعون العرب شباك اتفاقيات التطبيع مع إسرائيل

السبت 3 ديسمبر 2022 09:07 ص

خلال الدقيقة 48 من مباراة تونس وأستراليا في مونديال قطر، رفع المشجعون التونسيون علمًا ضخمًا كتب عليه: "فلسطين حرة"، وفعل المشجعون المغاربة الشيء نفسه في اليوم التالي خلال مباراة فريقهم ضد بلجيكا.

بالنسبة للفلسطينيين، يمثل الرقم 48 ذكرى رئيسية في تاريخ نكبتهم، حيث يشير إلى عام 1948 أو عام النكبة، عندما قُتل أجدادهم وطُردوا من وطنهم لإنشاء دولة إسرائيل. ويستخدم الكثير من العرب هذا الرقم للتعبير عن حبهم ودعمهم للفلسطينيين.

وجاء رفع المشجعين التونسيين والمغاربة للافتات تؤيد الفلسطينيين في وقت اشتكى فيه المذيعون الإسرائيليون من عدم الترحيب الذين لاقوه من المشجعين العرب في قطر. وأظهرت مقاطع فيديو عديدة مشجعين عربا يرفضون التحدث إلى القنوات الإسرائيلية ويعبرون عن دعمهم للفلسطينيين.

وكانت المغرب من بين الدول العربية التي وقعت في عام 2020 اتفاقات تطبيع مع إسرائيل بوساطة أمريكية. لكن الأنباء الواردة من الدوحة تظهر أن العديد من المشجعين العرب أظهروا بطاقة حمراء لما يسمى بـ"اتفاقات إبراهيم"، بالرغم من جهود الإمارات والبحرين لتصوير الاتفاقيات على أنها تحظى بشعبية.

ومنذ الربيع العربي عام 2011 وما تلاه من ثورة مضادة، تعرضت وسائل التواصل الاجتماعي لرقابة متزايدة من قبل الأنظمة الاستبدادية. وتم إسكات وسجن المعارضين في دول الخليج، بينما وجهت جيوش الذباب الإلكتروني الخطاب السياسي، وجاءت "اتفاقات إبراهيم" في جو من القمع غير المسبوق، ما مكّن القوى الخليجية من صناعة صورة مصطنعة من الدعم لها.

مساحة للتعبير

وبالرغم من هذه المحاولات للسيطرة على النقاش الوطني، فقد أظهر استطلاع حديث أجراه معهد واشنطن أن الغالبية العظمى من الناس في 7 دول عربية - حوالي 80%- ينظرون إلى "اتفاقيات إبراهيم" على أنها "سلبية للغاية" أو "سلبية إلى حد ما".

ويوفر كأس العالم في قطر اليوم مساحة مفتوحة للشعوب العربية - من المغرب إلى السعودية - للتعبير عن أنفسهم بشأن عملية التطبيع مع إسرائيل حيث يمكن للناس قول رأيهم في مدرجات كرة القدم ومناطق المشجعين وفي الشوارع.

ويظهر أحد مقاطع الفيديو المنتشرة مراسلاً إسرائيليًا يشكو من رفض المشجعين العرب التحدث معه بسبب جنسيته الإسرائيلية، وبالفعل أظهرت العديد من مقاطع الفيديو من مناطق المشجعين في الدوحة، عددا من الحضور العرب وهم يصرخون في المراسلين، عندما يدركون أنهم يعملون لصالح القنوات الإسرائيلية.

وبعد تطبيع المغرب مع إسرائيل، يحمل الاستعراض المهيب للعلم الفلسطيني من قبل المشجعين المغاربة رسالة سياسية لاذعة بشكل خاص. كما أظهر مقطع فيديو مشجعين مغاربة وهم يغنون لفلسطين بقوة وعاطفة، وقد اكتسب المقطع رواجا كبيرا على وسائل التواصل الاجتماعي.

وتظهر مثل هذه الفيديوهات الواقع الحقيقي للجماهير العربية الرافضة لاتفاقيات التطبيع مع إسرائيل والتي فرضتها الأنظمة العربية، وكشفت الصدمة التي عبر عنها الصحفيون الإسرائيليون زيف الواجهة التي حاول السياسيون الإسرائيليون بناءها.

وبنى رئيس الوزراء الإسرائيلي "بنيامين نتنياهو" (الذي أعيد انتخابه في وقت سابق من هذا الشهر) جزءًا كبيرًا من إرثه على الادعاء بإقامة علاقات جيدة مع الدول العربية، دون حل الصراع الفلسطيني.

ومؤخرًا، كتب "نتنياهو" في صحيفة "هآرتس": "على مدى السنوات الـ25 الماضية، قيل لنا مرارًا وتكرارًا إن السلام مع الدول العربية لن يتحقق إلا بعد حل النزاع مع الفلسطينيين. لكن الطريق إلى السلام لا يمر عبر رام الله، بل يلتف حولها".

النفاق الغربي

يرى بعض المعلقين والسياسيين الأمريكيين أن القضية الفلسطينية لم تعد مهمة للعرب، ما يشير إلى أن إسرائيل يمكن أن تتمتع بسلام وعلاقات طبيعية مع الدول العربية دون حل القضية الفلسطينية. لكن اللقطات الأخيرة من كأس العالم في قطر تكذب هذا الادعاء، حيث تظهر أنه في حين أن الأنظمة العربية قد تكون موافقة على التطبيع، لكن الجماهير العربية ترفض ذلك.

وإلى جانب مشاعر التضامن تجاه الفلسطينيين، أدى التحالف العلني الوثيق بين السياسيين الإسرائيليين والديكتاتوريين العرب الفاسدين إلى تنامي العداء تجاه الدولة الإسرائيلية بين الجماهير العربية، حيث يرى الكثير أن الجانبين يعملان جنبًا إلى جنب لقمع طموحات وأحلام الشعوب العربية فيما يتعلق بحقوق الإنسان والكرامة والديمقراطية والازدهار.

وفي استطلاع للرأي أجراه "المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات" في 2019-2020، قال 79% من العرب إن القضية الفلسطينية قضية عربية وليست فلسطينية فقط. وفي نفس الاستطلاع، اعتبروا أن إسرائيل أكبر تهديد للدول العربية بشكل يتجاوز الولايات المتحدة وإيران.

وبينما تجاهلت وسائل الإعلام الغربية إلى حد كبير الدعم الموجه للفلسطينيين خلال فعاليات كأس العالم، ركزت التغطية الغربية على قضايا حقوق العمال وحقوق "الشواذ" في قطر، وخططت بعض الفرق الأوروبية لارتداء شارات تروج لحقوق "الشواذ" قبل أن يتراجعوا عن ذلك بعد أن حذرت الفيفا من أنهم سيحصلون على بطاقات صفراء  في حال أقدموا على هذه الخطوة.

وأشعلت وزيرة الداخلية الألمانية الجدل من خلال ارتداء شارة تدعم "الشواذ" في المدرجات ونشر صورتها على "تويتر"، بينما وضع اللاعبون الألمان أيديهم على أفواههم أثناء التقاط صورة للفريق احتجاجًا على قيود الفيفا. لكن نشطاء أدانوا نفاق هذه التحركات خاصة مع قمع ألمانيا للنشاط الفلسطيني بصورة كاملة على أراضيها.

ويتمتع مشجعو ولاعبو كرة القدم العرب بتاريخ طويل من التعبير عن الدعم لفلسطين، من ترديد الأغاني الداعمة إلى رفع شعارات التضامن مع غزة، بالرغم من العقوبات المفروضة على الرسائل السياسية.

وخلال النسخة الحالية من كأس العالم، يظهر مقطع فيديو على وسائل التواصل الاجتماعي العربية "يوتيوبر" سعوديًا يبيع أعلام دول مختلفة، ويمنح الزبائن علما فلسطينيا إضافيا كهدية، ولكن نادرا ما تحظى مثل هذه القصص باهتمام وسائل الإعلام الغربية.

وفي حين يُطلب من المشجعين العرب في كثير من الأحيان عدم خلط الرياضة بالسياسة، فإن الفرق والمشجعين الأوروبيين انتهزوا الفرصة هذا العام لإظهار الدعم لأوكرانيا في أعقاب الغزو الروسي. ويتضح من ذلك أنه يتم تطبيق معايير مختلفة حسب القضية المثارة، ما يبرز الحاجة لأن ينظر الصحفيون إلى ما وراء الفقاعة الغربية.

المصدر | فراس أبو هلال | ميدل إيست آي - ترجمة وتحرير الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

موندبال قطر التطبيع اتفاقيات أبراهام فلسطين إسرائيل منتخب ألمانيا وسائل الإعلام الغربية المغرب السعودية LGBTQ مونديال قطر

مونديال قطر.. إسرائيليون يتفاجؤون بوجههم القبيح في مرآة الشعوب العربية

وهم التطبيع الشعبي يفشل في قطر.. وإحراج المراسلين الإسرائيليين يغضب تل أبيب (فيديو)

قناة إسرائيلية: الجماهير العربية بمونديال قطر ترفض التطبيع

ممثل إسرائيلي يهرب من قطر بعد الكشف عن هويته العسكرية

تفنيد صورة العرب النمطية في الإعلام الغربي.. أهم مكاسب مونديال قطر

ن. تايمز: اتفاقات أبراهام تأثيرها محدود.. والدليل مونديال قطر

من سيد المترو حتى المشجع الإنسان.. 5 بسطاء كسبوا قلوب الملايين بمونديال قطر

ذي إنترسبت: مونديال قطر أثبت فشل أهداف كوشنر من التطبيع العربي مع إسرائيل

تقرير استخباري: شركة طيران قبرصية تضيف خطوة نحو التطبيع الإسرائيلي القطري