مع تقويض نفوذ روسيا الإقليمي.. حرب أوكرانيا تنذر باضطراب خطير في الشرق الأوسط

السبت 3 ديسمبر 2022 10:11 ص

كيف تؤثر إطالة أمد الحرب في أوكرانيا جيوسياسيا على دول الشرق الأوسط؟

سؤال استحوذ على اهتمام أستاذ العلوم السياسية بجامعة "جورج ماسون" الأمريكية، "مارك.ن.كاتز"، الذي أكد أن التداعيات الجيوسياسية للحرب تقوض نفوذ روسيا الإقليمي وتنذر باضطراب خطير في الشرق الأوسط.

وذكر "كاتز"، في تحليل نشره بموقع المعهد الإيطالي للدراسات السياسية الدولية، وترجمه "الخليج الجديد"، أن دبلوماسية الرئيس الروسي "فلاديمير بوتين" نجحت، قبل حرب أوكرانيا، في تطوير علاقات جيدة مع جميع حكومات الشرق الأوسط الموالية للغرب، لكن تداعيات الحرب قد تدفع تلك البلدان إلى خيارات أخرى غير روسيا.

وأوضح أن بعض الحكومات الموالية للغرب في المنطقة رأت أن التعاون مع روسيا مفيد في وقت تزايد فيه التنافس الروسي الغربي باعتباره محفزا للغرب، خاصة الولايات المتحدة الأمريكية، على الاستمرار في المشاركة بإدارة الشرق الأوسط وعدم التخلي عن التأثير فيه.

وأضاف أن التعاون مع روسيا كان أيضًا وسيلة للحكومات الشرق أوسطية كي تحفز موسكو على أخذ مصالحها في الاعتبار، بدلا من دعم إيران ضدها، وضمان مورد بديل للأسلحة، لا يشترط مطالب غير مرحب بها بشأن الديمقراطية وحقوق الإنسان.

وفي هذا الإطار، كان امتناع دولة الإمارات العربية المتحدة عن التصويت على قرار مجلس الأمن الدولي الذي يدين الغزو الروسي لأوكرانيا، ودعمت السعودية خفض تكتل منظمة الدول المصدرة للبترول وحلفائها "أوبك+" لإنتاج النفط بنحو مليوني برميل يوميا.

وحتى إسرائيل، الشريك الأقرب لأمريكا في المنطقة، لم تفعل شيئًا يذكر لمساعدة أوكرانيا، بسبب رغبتها في تجنب استعداء روسيا ورغبتها في استمرا تغاضي موسكو هجماتها الجوية على مواقع إيران وحزب الله في سوريا.

لكن التقارير تفيد بأن مقتضيات الحرب في أوكرانيا أدت إلى قيام روسيا بتقليص وجودها في سوريا، فضلاً عن تسليم المزيد من المسؤولية إلى إيران هناك، ما يعني أن روسيا أصبحت أقل قدرة على الحفاظ على التوازن في سوريا بين إسرائيل، من جهة، وإيران وحلفائها من حزب الله من جهة أخرى، وبين تركيا ونظام الأسد والقوات الكردية السورية.

وإزاء ذلك، فإن الحرب في أوكرانيا قد تقود إلى أن تصبح روسيا شريكًا أقل فائدة لدول الشرق الأوسط، خاصة بعدما أصبحت أقل استعدادًا وقدرة على تصدير الأسلحة، بسبب مشاكل الإنتاج الناشئة عن العقوبات الغربية.

كما أن اعتماد روسيا على استيراد طائرات إيرانية مسيرة لاستخدامها في حرب أوكرانيا أن موسكو باتت أقل استعدادًا أو قدرة على الحفاظ على التوازن بين طهران من جهة وخصومها في الشرق الأوسط من جهة أخرى.

وهنا يشير "كاتز" إلى أن خصوم إيران في الشرق الأوسط قد يضاعفون جهودهم، على المدى القصير، لمغازلة موسكو كي توازن اعتمادها على إيران، لكنهم قد يجدون روسيا، على المدى الطويل، شريكًا أقل فائدة، خاصة إذا كانت غير قادرة على كبح السلوك الإيراني العدائي.

ويتوقع أستاذ العلوم السياسية ألا تكون روسيا في وضع يمكنها من زيادة وجودها العسكري في الشرق الأوسط طالما استمرت الحرب في أوكرانيا، ومع ذلك، فـ"ليس من الواضح إلى أي مدى يمكن للغرب، بما في ذلك الولايات المتحدة، تقديم المساعدة لدول الشرق الأوسط التي تشعر بالتهديد من إيران، إذ تركز أمريكا وأوروبا بشكل أكبر على الصراع مع روسيا في أوروبا والصين في آسيا".

وإذا لم تجد دول المنطقة الغرب أو روسيا قادرين على الحفاظ على النظام الإقليمي، فقد تشعر بالحاجة إلى "التصرف بمفردها"، ما يعني احتمال نشوب اضطراب خطير في الشرق الأوسط، حسب توقعات "كاتز"، الذي نوه أيضا إلى أن طول أمد الحرب في أوكرانيا يعني زيادة احتمالية عودة نقص صادرات الحبوب، إما نتيجة للحصار الروسي المتجدد على صادرات الحبوب الأوكرانية، أو بسبب انخفاض قدرة المزارع الأوكرانية، المتأثرة بالحرب المستمرة، على إنتاج نفس القدر من الحبوب.

وختم "كاتز" تحليله بالإشارة إلى أن تداعيات الصراع في أوكرانيا قد تسفر في النهاية عن "انهيار النظام في الشرق الأوسط"، وهو ما لا يستطيع الغرب ولا روسيا منعه أو السيطرة عليه.

المصدر | المعهد الإيطالي للدراسات السياسية الدولية - ترجمة وتحرير الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

أوكرانيا روسيا الشرق الأوسط إيران سوريا إسرائيل

فير أوبزرفر: هزائم روسيا بأوكرانيا ستقلب الموازين في الشرق الأوسط

نصف كييف بلا كهرباء.. القصف الروسي يشتد والجنائية الدولية ترفض محكمة خاصة لموسكو

بلينكن يؤكد تأييد واشنطن لإطلاق محادثات سلام بشأن أوكرانيا

تزويد أوكرانيا بمنظومة باتريوت الأمريكية.. هل يقلب موازين الحرب؟

أوكرانيا عطلتها.. دبلوماسية السلاح الروسية تتعمق في الشرق الأوسط (تحليل)

مثل الفاتيكان.. وثائق بريطانية قبل 46 عاما: السعودية رفضت مقترح دولة دينية بالقدس

تداعيات حرب أوكرانيا.. 3 آثار تحاصر دول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا