إقالة رئيس بلدية تونسية طالب بتعويضات عن جرائم فرنسا.. والمعارضة غاضبة

السبت 3 ديسمبر 2022 06:34 م

أقال الرئيس التونسي "قيس سعيّد"، رئيس بلدية بنزرت (شمال) "كمال بن عمارة"، ما أثار جدلا واسعا بشأن تدخل السلطة التنفيذية في السلطة المحلية المنتخبة مباشرة من قبل المواطنين.

وصدر قرار الإعفاء الخميس، بالجريدة الرسمية، بدعوى "ارتكابه أخطاء جسيمة تنطوي على مخالفة للقانون والإضرار الفادح بالمصلحة العامّة".

بيد أن مراقبين لفتوا إلى أن قرار الإقالة جاء بعد أيام من مطالبته فرنسا بتعويضات عن "جرائمها" في المدينة خلال فترة الاستعمار.

واتهم رئيس بلدية بنزرت المقال، فرنسا بالوقوف وراء إقالته، حيث قال: "'أنا شبه متأكد من أن الدولة الفرنسية ضغطت على تونس من أجل إعفائي من مهامي وذلك على خلفية القضية التي رفعتها البلدية ضدّ الدولة الفرنسية لجبر الضرر بعد الجرائم التي ارتكبتها في الجهة سنة 1961".

وأضاف في تصريح لإذاعة "موزاييك إف إم" (خاصة)، أنه لم يتم إعلامه بخبر إعفائه، بل إنه تلقى الخبر عن طريق صديق، بعد نشره في جريدة "الرائد" الرسمية، قائلا: "هكذا تدار الدولة..".

أما بخصوص الخلافات بين بلدية بنزرت والولاية، فقال: "صحيح أنني مترشح عن حركة النهضة لكنني لست عضوا فيها، وصحيح أنني ضد مسار رئيس الجمهورية قيس سعيد، لكن هذه الخلافات لم تؤثر على عملي على رأس البلدية".

من جانبها، أعربت الجامعة العامة للبلديتين، التابعة للاتحاد العام التونسي للشغل، عن قلقها من صدور قرار إعفاء رئيسها من منصبه بتهمة ارتكاب أخطاء فادحة والإضرار بالمصلحة العامة.

واعتبرت الجامعة أن القرار سابقة خطيرة في تاريخ تونس لمخالفته الصريحة للقانون ولاعتماده على آليات غير منصوص عليها بمجلة الجماعات المحلية.

كما اعتبرت أن هذه الممارسات تمهد لعودة سطوة وزارة الإشراف في العزل والإعفاء من جهة، وتنذر بعودة التسلط مركزيا من خلال أذرعها في الجهات والولايات.

كما أصدر الحزب الجمهوري بيانا، ندد فيه بقرار "سعيد" إقالة رئيس بلدية بنزرت "في مخالفة صريحة لقواعد الحوكمة الرشيدة للتسيير الديمقراطي واحترام استقلالية الهيئات المحلية المنتخبة".

واعتبر الحزب أن القرار "يعتبر تدخلا سافرا في شؤون سلطة محلية منتخبة ومواصلة لثقافة الانقلاب في الهجوم على كل الهيئات والمؤسسات المستقلة والمنتخبة”، مؤكدا “تضامنه الكامل مع كمال بن عمارة والمجلس البلدي ببنزرت، ودعمه لكل الخطوات التي يتخذها للتصدي لهذا القرار الجائر وإبطال مفعوله".

بينما كتب "عادل بن عبدالله" عضو "جبهة الخلاص الوطني" عبر حسابه بموقع "فيسبوك": "إقالة رئيس بلدية بنزرت كمال بن عمارة (لأنه رفع قضية ضد فرنسا لرد الاعتبار لشهداء 1961 وجبر الضرر الاستعماري) وذلك بتفعيل منشور وزاري أصبحت سلطته فوق إرادة الناخبين، وهي سابقة خطيرة ستمهد لإقالة رؤساء البلديات (المغضوب عليهم) من السلطة ومن فرنسا".

كما علّق "العيّاشي زمّال" رئيس حركة "عازمون"، على القرار بقوله: "مع الأسف غيّبنا الكفاءات ورئيس الدولة قيس سعيد انتهج سياسة الولاءات".

وقال "زمال" إن "سعيد يريد بسط نفوذه على السلطة المحلية"، مضيفا: "سعيد تلاعب بالقانون كما أراد. وبمقتضى مرسوم أو أمر رئاسي يفعل ما يريد. فكفى تحيلا على التونسيين".

وأضاف الوزير السابق "رفيق عبدالسلام": "ساكن قرطاج سيستمر في العزل والتجميد والطرد والتعطيل، الى أن يطرده الشعب شرّ طردة لا عودة بعدها، كما فعل مع أسلافه الغابرين".

وتابع: "كل التضامن مع الدكتور كمال عمارة رئيس بلدية بنزرت، المنتخب بإرادة شعبية عامة في مواجهة المنصّبين والمعيّنين والمسترزقين".

فيما كتب النائب عن التيار الديمقراطي "مجدي الكرباعي"، في تدوينة له متندّرًا، أن "وزير الداخلية (المعين) يقوم بإعفاء رئيس بلدية بنزرت (المنتخب)- هكذا الديمقراطية في تونس".

كما أكد المحامي "الناصر الهرابي"، أن "إعفاء بن عمارة رئيس بلدية بنزرت ينم عن جهل السلطة التنفيذية بقوانين الدولة وبخاصة مجلة الجماعات المحلية".

مضيفا في تدوينة له: "رئيس البلدية منتخب مباشرة من ناخبي جهته ويتم إعفاؤه بتقرير من والي بنزرت، والسبب الأول هو عدم تزيين رئيس البلدية لمدينة بنزرت يوم 15 أكتوبر/تشرين الأول عند زيارة قيس سعيّد لها".

وتابع: "أما السبب الثاني فلأن السيد رئيس البلدية كلف مجموعة من المحامين دراسة إمكانية اللجوء للقضاء الدولي وطلب التعويض عما قامت به فرنسا من مجازر في معركة الجلاء ببنزرت"، وخلص إلى القول: "علو شاهق في خرق القوانين".

وتعيش تونس أزمة سياسية حادة، بعدما أصدر رئيس البلاد "قيس سعيد"، صيف العام الماضي إجراءات استثنائية سيطر بموجبها على السلطة التنفيذية وعلق عمل البرلمان، قبل أن يحله قبلها أسابيع.

ومنذ إعلانه عن تدابيره الاستثنائية، دأب "سعيّد" على كيل النعوت والاتهامات للمعارضة، على غرار التآمر على البلاد ومحاولة تفجير الدولة من الداخل والدعوة للتدخل الأجنبي في البلاد، وردت المعارضة باتهام "سعيّد" بالانقلاب على المسار الديمقراطي وإعادة الديكتاتورية للبلاد.

المصدر | الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

إقالة فرنسا تونس بلدية بنزرت قيس سعيد