وصفة الجماهيرية.. هكذا وحد المنتخب المغربي العالم العربي

الجمعة 9 ديسمبر 2022 08:11 م

بعد ساعتين من التوتر، انتصر المغرب على إسبانيا بركلات الترجيح يوم الثلاثاء ليحسم انتقاله التاريخي إلى ربع نهائي المونديال.

وأصبح أسود الأطلس أول منتخب عربي يصل إلى هذه المرحلة من البطولة ورابع منتخب أفريقي فقط، بعد الكاميرون في عام 1990، والسنغال في عام 2002، وغانا في عام 2010.

ولطالما كانت هذه البطولة تُذكر على أنها أول بطولة كأس عالم تقام في الشرق الأوسط، لكنها الآن تتمتع بميزة إضافية تتمثل في تحقيق دولة عربية نجاحًا رياضيًا غير مسبوق.

ولم يكن طريق المغرب إلى دور الثمانية سهلا. وكانت آخر مرة فاز فيها بمباراة في كأس العالم قبل 24 عامًا في سانت إتيان بفرنسا عندما تغلبوا على اسكتلندا 3-0.

ولكن هذه المرة، هزم المنتخب المغربي فريقين في مرتبة أعلى منهم في تصنيفات الفيفا: بلجيكا (المرتبة 2) وإسبانيا (المرتبة 7).

كما خرج المغرب، المصنف في المرتبة 22، بالتعادل مع منتخب كرواتيا الذي وصل إلى المربع الذهبي  (تصنيفه في المرتبة 12).

وترددت أصداء الفرح بالانتصار المغربي في جميع أنحاء المنطقة، مثل الاحتفالات التي جرت بعد فوز السعودية غير المتوقع على الأرجنتين في 22 نوفمبر/تشرين الثاني.

لقد تجاوزت مظاهر الفرح والوحدة هذه الخلافات السياسية التي قسمت الدول العربية لفترة طويلة، وربما بشكل أكثر إثارة للدهشة، المنافسات الرياضية الطويلة في جميع أنحاء شمال إفريقيا.

باختصار، كان الفخر المشترك بإنجاز المغرب عبر الشرق الأوسط أمرا لافتا.

وقد شوهد العديد من اللاعبين المغاربة وهم يحملون العلم الفلسطيني بعد الفوز. وبالرغم أن المشجعين رفعوا الأعلام تضامناً مع الفلسطينيين، فإن رمزية لاعبي كرة القدم الذين يفعلون ذلك على أرض الملعب بعد المباراة مهمة للغاية.

ومن خلال استعراض علم فلسطين في ذروة الاحتفال، نجح المغاربة في تعزيز قضية فلسطين في قلوب وعقول الناس في جميع أنحاء المنطقة. وكما قال "رياض منصور"، سفير فلسطين والمراقب الدائم لدى الأمم المتحدة: "الفائز بكأس العالم معروف بالفعل: إنها فلسطين".

وفي عام 2021، واجه لاعبو كرة القدم في المملكة المتحدة تدقيقاً بل وانتقادات من بعض الجهات لقيامهم بنفس الشيء، سواء كان "بول بوجبا" و"أماد ديالو" على أرض ملعب أولد ترافورد، أو "حمزة شودري" و"ويسلي فوفانا" في ويمبلي.

لقد أصبح المنتخب المغربي يمثل شيئًا أكبر من كرة القدم وأدى ذلك إلى رفع شعبيته ومكانته خارج بلاده.

بالإضافة إلى ذلك، فإن المظاهر الدينيج جعلت الفريق محببا لدى المسلمين في جميع أنحاء العالم، حيث ظهر اللاعبون يرفعون أيديهم بالدعاء قبل المباراة، كما اعتادوا على السجود بعد تسجيل الأهداف، وكان لافتا تلاوة القرآن قبل ركلات الترجيح ضد أسبانيا.

وبعد سنوات من تزايد العنصرية ضد المسلمين، لا سيما في الغرب، كان هذا العرض الواثق والحازم للهوية على المسرح العالمي مثيرًا للإعجاب لدى شعوب المنطقة.

العامل الآخر الذي جعل هذا الفريق المغربي محبوبًا لدى الجماهير في جميع أنحاء العالم العربي والإسلامي هو المشاهد المؤثرة التي شاركت فيها أسرهم.

وبتعليمات من "الركراكي" والاتحاد المغربي لكرة القدم، تمت دعوة أفراد عائلة المتخب في رحلة شاملة إلى قطر. وفي تناقض صارخ مع لقطات الكاميرا المعتادة لشركاء اللاعبين الفاتنين في المدرج، رأينا مشاهد محببة للاعب النجم "أشرف حكيمي" وهو يحتضن والدته بعد مباريات بلجيكا وإسبانيا، ومشاهد مماثلة بين "الرقراقي" ووالدته.

وكان لهذه المشاهد صدى خاص في جميع أنحاء العالم العربي والإسلامي، وتحدث "حكيمي" سابقًا عن دور والديه في نجاحه، قائلا: "أمي نظفت المنازل وكان والدي بائعًا متجولًا. نأتي من عائلة متواضعة تكافح من أجل كسب لقمة العيش. اليوم أقاتل كل يوم من أجلهم. لقد ضحوا بأنفسهم من أجلي".

وعلى أرض الملعب، لدى المنتخب المغربي أيضًا الكثير مما يعجب المشجعين، حيث يتمتع الفريق بأفضل دفاع من بين الفرق المتبقية في البطولة، فقد تم تسجيل هدف واحد فقط في شباكه طوال كأس العالم. كما أن مرونتهم في الدفاع يقابلها تألق فردي لبعض نجومهم، مثل "حكيمي" و"حكيم زياش".

وهناك 14 من أصل 26 لاعباً ولدوا خارج الدولة، وهي أعلى نسبة لأي منتحب في مونديال قطر. وقد ثبت أن هذا يمثّل قوة، حيث جمع أسود الأطلس بين الإبداع والذوق في كرة القدم العربية والقدرة التنافسية التكتيكية للعبة الأوروبية.

لقد زاد ذلك أيضًا من جاذبيتهم، ليس فقط للجماهير في الشرق الأوسط، ولكن لمجتمعات الشتات في جميع أنحاء أوروبا.

وجاء هذا النجاح عن طريق التصميم وليس الصدفة، ففي عام 2014 أطلق الاتحاد المغربي لكرة القدم حملة بعنوان "إعادة المواهب التي تنتمي إلى الأرض" للاستفادة من مجتمع الشتات البالغ قوامه 4 ملايين شخص.

وتجلى نجاح هذه الجهود مساء الثلاثاء حين سدد لاعب من مواليد مدريد ركلة جزاء بثقة ليخرج إسبانيا من البطولة.

ووسط كل هذا، لايزال "الركراكي" في أول 100 يوم من فترة عمله كمدرب رئيسي، ليصبح أول مدرب أفريقي يوجه دولة أفريقية إلى هذه المرحلة من كأس العالم.

ولدى المغرب الآن موعد مع القدر في 10 ديسمبر/كانون الأول ضد البرتغال، وسيسجل هذا المنتخب إنجازا تاريخيا جديدا إذا تمكن من الوصول إلى نصف النهائي.

لقد خلدت هذه المجموعة من اللاعبين ومدربهم أسماءهم كأساطير وأيقونات رياضية، لكن الأهم من ذلك أن الجميع سيتذكرهم لتبنيهم قيمهم وهويتهم بثقة وثبات.

**لقراءة النص الأصلي Joy, faith and Palestine: How Morocco's team united the Arab world

المصدر | مصطفى محمد/ ميدل إيست آي – ترجمة وتحرير الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

كأس العالم منتخب المغرب الرقراقي حكيمي فلسطين مونديال قطر 2022

كيف وصل المنتخب المغربي إلى نصف نهائي المونديال؟.. سنوات من العمل الشاق

المغرب في الصدارة.. أفضل جماهير أندية كرة القدم عالميا