المغرب والبرتغال.. مباراة بحمولة تاريخ ألف عام في مونديال قطر

السبت 10 ديسمبر 2022 06:55 ص

سلط موقع "ميدل إيست آي" الضوء على السياق الثقافي لمباراة ربع النهائي في كأس العالم لكرة القدم بين المغرب والبرتغال، السبت، مشيرا إلى حمولة تاريخية يصل مداها إلى نحو ألف عام.

وذكر الموقع البريطاني، في تقرير ترجمه "الخليج الجديد"، أن مباراة ثمن النهائي، التي فاز فيها منتخب المغرب على نظيره الإسباني بركلات الترجيح، كانت ذات سياق تاريخي وسياسي أيضا، إذ أدت قرون من التوترات والصراع بين البلدين، الممتدة من الفتح الإسلامي للأندلس إلى الاستعمار الإسباني في شمال أفريقيا بالقرن العشرين، إلى زيادة حدة الصراع.

وأضاف التقرير أن سياق مباراة المغرب والبرتغال يحمل طابعا مشابها، يرتبط بالحكم الإسلامي المغربي للبرتغال وموقع اليونسكو للتراث العالمي، الذي بناه البرتغال في المغرب، وتاريخ 3 ملوك قضوا في المعركة بين العدوين السابقين.

ففي عام 711م، عبر "طارق بن زياد"، وهو أمازيغي اعتنق الإسلام وحكم طنجة، مضيق جبل طارق بـ 7000 جندي وبدأ فترة 8 قرون من الحكم الإسلامي على أجزاء مختلفة من شبه الجزيرة الأيبيرية.

وفي حين أن معظم المنطقة المحتلة كانت مكونة من إسبانيا الحديثة، فإن جارتها الغربية (البرتغال) وقعت أيضًا تحت الحكم الإسلامي. وبحلول عام 718، كان المسلمون يسيطرون على كل البرتغال تقريبًا، التي أشير إليها آنذاك بغرب الأندلس.

وبعد انهيار الحكم الأموي للأندلس في منتصف القرن الحادي عشر، تم تقسيم المنطقة، بما في ذلك أجزاء من البرتغال، إلى عدة إمارات إسلامية مستقلة.

وفي ذلك الوقت، استولى المرابطون، وتلاهم الموحدون، وكلاهما من الأمازيغ، على معظم الأراضي التي يسيطر عليها المسلمون في أيبيريا، بما في ذلك أجزاء من جنوب البرتغال.

لكن كلتا الإمبراطوريتين المتمركزتين في المغرب، كافحتا لصد التقدم المسيحي، الذي دعمته البابوية وجذب فرسان صليبيين من جميع أنحاء أوروبا.

سيطرت مملكة البرتغال على العاصمة الحالية خلال حصار لشبونة عام 1147، وعلى منطقة فارو عام 1249، وبذلك أنهت الحكم الإسلامي لغرب الأندلس.

وفي عام 1496، بعد 4 سنوات من سقوط غرناطة، الذي وضع نهاية كاملة لإسبانيا الإسلامية، اتبعت مملكة البرتغال جارتها الأيبيرية من خلال إجبار الأقليات اليهودية والمسلمة على التحول إلى المسيحية أو مغادرة البلاد. واختار الكثيرون الخيار الأخير، واستقروا في المغرب وأجزاء أخرى من شمال أفريقيا.

ترك الحكم الإسلامي للبرتغال آثارا ثقافيًا دائمًة، ظهرت في الشعر وحتى المداخن التي أخذت شكل مئذنة، وفي 19 ألف كلمة وتعبير برتغالي من أصول عربية، وهي آثار حصل الكاتب البرتغالي "أدالبرتو ألفيس" على جائزة اليونسكو - الشارقة للثقافة العربية عام 2008 لتوثيقها.

وبدأ توسع الإمبراطورية البرتغالية في المغرب عام 1415 بغزو مدينة سبتة الساحلية، واستمرت عبر مناطق مختلفة لمدة 3 قرون ونصف أخرى.

تم تبرير الاستعمار في المغرب بأسس دينية، سمحت بحملات صليبية ضد المسلمين في شمال أفريقيا أو غرناطة بين عامي 1341 و1377.

وبحلول عام 1520، احتل البرتغاليون أجزاء كبيرة من الساحل المغربي، بما في ذلك سبتة وطنجة وأصيلة والصويرة وأكادير وأزمور والقصر الصغير.

وأُطلق على الملك "أفونسو الخامس"، الذي غزا مساحات واسعة من هذه المنطقة في منتصف القرن الـ 15، لقب "الأفريقي" بسبب مآثره عبر مضيق جبل طارق.

وبنى المحتلون الأوروبيون عدة حصون عبر البلدات المغربية التي سيطروا عليها، بما في ذلك جزيرة جراسيوزا الصغيرة، في كاستيلو ريال في مدينة موجادور (المعروفة الآن باسم الصويرة) ومازاجان، في مدينة الجديدة المغربية حاليا.

تم تسجيل الجديدة، التي تقع على بعد 90 كيلومترًا جنوب غرب الدار البيضاء، كموقع للتراث العالمي لليونسكو في عام 2004، "كمثال بارز على تبادل التأثيرات بين الثقافات الأوروبية والمغربية، وهو ما انعكس في الهندسة المعمارية وتخطيط المدن".

وفي منتصف القرن الـ16، قاد "محمد الشيخ"، أول سلطان من سلالة السعديين في المغرب، مقاومة البرتغاليين، وتحت قيادته طرد المغاربيون الأيبيريين من معظم قلاعهم على طول ساحل المحيط الأطلسي، بما في ذلك مدينة أغادير التجارية الرئيسية في عام 1541.

وفي معركة القصر الكبير عام 1578، والتي يشار إليها غالبًا باسم معركة الملوك الثلاثة، عانت البرتغال من أسوأ الهزائم العسكرية في عصرها الاستعماري.

فبمساعدة السلطان المغربي المخلوع "أبوعبدالله محمد الثاني"، هبط ملك البرتغال "سيباستيان" في طنجة مع 20 ألف رجل لمواجهة السلطان الجديد "عبدالملك" وقواته البالغ قوامها 50 ألف جندي.

هزم الجنود المسلمون الأوروبيين بقوة، وقتل كل من "سيباستيان" و"محمد" أثناء القتال، كما مات "عبدالملك" نتيجة القتال أيضًا، ومن هنا جاء اسم المعركة.

تسببت وفاة "سيباستيان"، الذي لم يكن له وريث، في أزمة بالبرتغال، وبعد ذلك تم إخضاع المملكة للسيطرة الإسبانية لمدة 60 عامًا. وخلال تلك الفترة تدهورت الإمبراطورية البرتغالية دوليًا.

تم تسليم طنجة لاحقًا إلى إنجلترا عام 1661 وسبتة إلى إسبانيا عام 1668. وكانت الأخيرة تحت السيطرة الإسبانية منذ ذلك الحين، وهي نقطة خلاف رئيسية بين المغرب وإسبانيا حتى يومنا هذا.

وتم تسليم المعقل البرتغالي الأخير (مازاغان) إلى المغاربة في عام 1769، وتم توقيع اتفاق سلام بين البلدين بعد ذلك بـ 5 سنوات.

وعلى عكس علاقته المضطربة مع إسبانيا، ليس للمغرب أي نزاعات إقليمية في الوقت الحاضر مع البرتغال، وقد حافظ البلدان على علاقات ودية على مدى القرنين ونصف القرن الماضيين.

المصدر | ميدل إيست آي - ترجمة وتحرير الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

المغرب البرتغال إسبانيا معركة الملوك الثلاثة مازاغان الأندلس

التايمز: العرب أمام لحظة فرح عربية استثنائية إذا فاز المغرب على البرتغال

العالم العربي يحتفل بتأهل المغرب لنصف نهائي مونديال قطر وقادة دول يهنئون

قفزة للتاريخ.. النصيري يتغلب على ارتقاءة لكريستيانو ويطارد أخرى

كيف وصل المنتخب المغربي إلى نصف نهائي المونديال؟.. سنوات من العمل الشاق