كيف وصل المنتخب المغربي إلى نصف نهائي المونديال؟.. سنوات من العمل الشاق

الأحد 11 ديسمبر 2022 08:30 ص

قد يكون نجاح المغرب في كأس العالم قطر 2022 أفضل قصة للبطولة حتّى الآن، لكنه لم يكن نتيجة حظ وصدفة، بل نتاج خبرة وتخطيط استمر سنوات، وهو ما أكده مدرب الفريق "وليد الركراكي" بعد الوصول إلى نصف نهائي المونديال.

حطم الفريق المغربي بقيادة مدربه الوطني كل الأرقام القياسية التي صنعها العرب والأفارقة خلال 92 عاما في بطولات كأس العالم منذ بدايته عام 1930، ليكبر حلم الأسود ويصل إلى ما هو أبعد من الخيال، وهو الوصول للمباراة النهائية للمونديال.

لعب المنتخب المغربي في مونديال قطر، سادس كأس عالم في تاريخه، وعينه على المشاركة التاريخية التي جاءت في المكسيك عام ١٩٨٦، عندما وصل الفريق إلى دور الـ١٦ كأول مجموعته على حاسب إنجلترا وبولندا والبرتغال.

وعندما وصل الفريق إلى الدوحة، وجد المجموعة التي تنتظره صعبة للغاية، حيث لعب ضد كرواتيا وصيف العالم وبلجيكا صاحبة برونزية ٢٠١٨، ومنتخب كندا القوي.

لكن المغاربة تصدروا مجموعتهم، برصيد 7 نقاط بفوزين على بلجيكا (2-0) وكندا (2-1) وتعادل سلبي مع كرواتيا.

وتعد نتائج المغرب في البطولة غير مسبوقة، حيث أصبح "أسود الأطلس" أول منتخب أفريقي وعربي يتأهل لدور الـ16 من كأس العالم جامعا 7 نقاط، كما أصبح أول منتخب عربي يتصدر ترتيب المجموعة في كأس العالم، ويتأهل دون خسارة، والثاني أفريقيا بعد نيجيريا في عام 1998.

كل هذه النتائج دفعت "الركراكي" للقول بعد نهاية مباريات الدور الأول: "لم لا نفوز بكأس العالم؟".

"الركراكي" الذي لم يسبق له اللعب في كأس العالم من قبل عندما كان لاعبا، لا يكتفي الآن بمجرد المشاركة في البطولة، ليطلق العنان لأحلامه نحو تحقيق الكأس الذهبية، الحلم الذي لم يجرؤ أي مدرب عربي أو أفريقي من قبل في الحديث عنه.

المغرب المصنف 22 عالميا وفقا لآخر تصنيف معلن من "فيفا" قبل انطلاق كأس العالم، فاز على 4 منتخبات تسبقه في التصنيف خلال البطولة.

فقد هزم بلجيكا المصنفة في المركز الثاني عالميا، وكرواتيا صاحبة المركز الـ 12 على مستوى العالم، وإسبانيا الـ7 عالميا (بركلات الترجيح بعد التعادل سلبيا)، وأسقط البرتغال الـ9 عالميا.

في نصف النهائي سيلعب المغرب ضد فرنسا المصنفة الـ4 عالميا، وإذا حقق مفاجآت أخرى صارخة بالصعود إلى النهائي، أو حتى خسر ليلعب على الميدالية البرونزية، سيلعب ضد كرواتيا من جديد، أو الأرجنتين صاحبة المركز الـ3 في التصنيف العالمي.

والآن بعد أن قطع المغرب 5 مباريات من أصل 7 في رحلة المونديا ل، بات على وشك اقتحام المراكز العشرة الأولى في التصنيف العالمي، ليقترب بشدة من تحقيق إنجاز غير مسبوق، بمركز لم يسبق للعرب الوصول إليه في التصنيف.

وحتى على صعيد القيمة التسويقية للاعبين، يحتل المغرب الصدارة عربيا إذ تبلغ القيمة التسويقية للمنتخب المغربي 232.3 مليون يورو، حسب موقع "ترانسفير ماركت" المختص في سوق الانتقالات والقيمة المالية للاعبين.

  • نهضة إصلاح كروية

يُنسب هذا الإنجاز في المقام الأول للاتحاد الملكي المغربي لكرة القدم، فبعد ع قود من الأداء الكروي المتوسط، قرر اتحاد كرة القدم المغربي، مند أكثر من عقد، بدعم من الملك "محمد السادس"، إصلاح هيكل كرة القدم في البلاد.

وفي عام 2009، افتتح الاتحاد المغربي لكرة القدم أكاديمية محمد       السادس لكرة القدم الخاصة به، التي ساعدت في تطوير لاعبين دوليين حاليين مثل "نايف أكرد" و"يوسف النصيري"، بالإضافة إلى محاولة اكتشاف المواهب في الشتات المغربي من خلال توظيف الكشافة من جميع أنحاء أوروبا للعلم بأي لاعب شاب مؤهل في أوروبا.

وبدأ الاتحاد أيضًا الاستثمار في كرة القدم للسيدات، وتطوير كرة القدم في المدارس والأندية بالإضافة إلى إنشاء هيكل دوري وطني.

وبدعم من اتحاد الكرة، يعد المغرب حاليًا البلد الوحيد في العالم الذي لديه مستويين من كرة القدم للسيدات كلاهما احترافي بالكامل.

ومؤخرا، حققت الأندية والمنتخبات المغربية للرجال والسيدات عددًا من الإنجازات على المستوى القاري.

  • وليد الركراكي

ولعل أحد أبر أسباب هذه الطفر ة في أداء المنتخب المغربي خلال البطولة، هو ما استدعى الدهشة قبل أشهر، عندما اتخذ الاتحاد المغربي قرارًا بإقالة "وحيد خليلودجيتش" في أغسطس/آب الماضي، قبل أكثر من 3 أشهر بقليل من نهائيات كأس العالم، بعد أن قاد المدرب البوسني الفريق خلال التأهل إلى مونديال قطر 2022.

لكن با لنسبة لأولئك في المغرب، فقد كان بدلاً من ذلك وريث العرش المغربي يحل محله في الوقت المناسب.

الملقب بـ"رأس أفوكادو" بسبب رأسه الأصلع، كان "وليد الركراكي" مدافعًا صعب المراس، على الرغم من ولادته في فرنسا، اختار تمثيل أمة عائلته، إذ خاض 45 مباراة دولية.

ومنذ أن أصبح مدربًا، حقق "الركراكي" النجاح في كل مكان كان فيه، إذ قاد نادي الفتح الرباطي المغربي وسط الترتيب إلى لقب الدوري الوحيد له على الإطلاق.

وقضى فترة قصيرة في قطر، إذ فاز بالدوري مع الدحيل، قبل أن يعود إلى المغرب ليقود الوداد البيضاوي إلى ثنائية الدوري ودوري الأبطال في وقت سابق من هذا العام.

وكانت مسألة وقت، وليس ما إذا كان سيتولى مسؤولية المنتخب الوطني، اعتقد الكثير من المغاربة أن ذلك قد يحدث بعد كأس العالم أو في غضون سنوات قليلة، لكن لا أحد منهم كان غير سعيد عندما أُعلن أنه سيتولى مسؤولية المنتخب الوطني قبل أقل من 100 يوم من مباراته الأولى في المونديال.

وفي كرة القدم الأفريقية، غالبًا ما يُقارن "الركراكي" بـ"جوزيه مورينيو" بفضل انضباطه التكتيكي ومهاراته في الإدارة، كلاهما كان حاضرًا في كأس العالم.

  • التحضير للبطولة

وقد يكون التنقل في بطولات مثل كأس العالم صعبًا من الناحية العاطفية، فاللاعبون بعيدون عن منازلهم لأسابيع، لكن "الركراكي" تصدى لذلك بالسماح لعائلات اللاعبين بالبقاء مع الفريق في المعسكر في قطر، وهو ما كان له أثر طيب في نفوس اللاعبين الذين اعتا دوا الاحتفال بالانتصار مع أمهاتهم اللاتي يؤازرهم من المدرجات.

ومع ك ل هذا التفاؤل، إلا أن "الركراكي" ورث عن سلفه المدرب البوسني "وحيد خاليلوزيتش" وضعاً صعباً، إذ عرفت فترته الكثير من التغييرات على مستوى التشكيلة الرسمية والنهج التكتيكي، فلم يستقر على فلسفة لعب ثابتة وتشكيلة رسمية، بالإضافة إلى العلاقة المتوترة بينه وبين الإعلام المغربي، وهو ما جعل الأجواء المحيطة بالمنتخب والتحضير لكأس العالم غير سليمة.

ولعل أبرز هذه الأزمات كان استبعاد نجم المنتخب الأول "حكيم زياش" وضغط الجماهير المغربية مطالبة بعودته، وعودة "عبدالرزاق حمد الله" المبعد عن المنتخب منذ سنة 2019، وهو ما تفاداه "الركراكي" بإعادتهما.

كان اختيار المدرب للطاقم التقني للمنتخب المرافق له موفقاً على ما يرى العديد من الخبراء.

واعتمد "الركراكي" على لاعبين مغاربة مجربين سبق لهم خوض كأس العالم بروسيا، حيث اتضح خلال مبارياته في المونديال، أنه استفاد من تجربة روسيا سنة 2018 عندما قدم حينها المغرب كرة جميلة في مبارياته لكن بدون نجاعة هجومية، وهو ما جعله يحصد هزيمتين وتعادلاً، ويخرج خالي الوفاض من المنافسات ويقصَى من الدور الأول.

  • جماهير العرب

سبب آخر، يجب أن يكون له دور فيما وصل إليه منتخب المغرب، وهو الجمهور العربي المساند للفريق.

يقول الإعلامي الرياضي "عبدالإله محب"، إن "الجاحد فقط من  سينكر دور الجماهير العربية في الإنجاز المغربي".

ويضيف: "تنظيم المونديال على أرض عربية ساهم أيضا في إنجاز الأسود".

وبالنس بة لـ"محب" المتواجد في قطر، فإن الجماهير العربية تلعب دورا كبيرا في تشجيع المغرب.

ويتفق معه رئيس القسم الرياضي بقناة "تيلي ماروك" المغربية "حسن البصري"، على دور الجماهير العربية في الإنجاز المغربي، ويقول: "في مونديال قطر اتفق العرب على حب منتخب يمثلهم ويحفظ ماء وجوههم اسمه المنتخب المغربي".

وسلط الإعلام الدولي بدروه على دور الجماهير العربية في تشجيع "أسود الأطلس"، حتى قالت صحيفة "الجارديان" البريطانية إن حتى المعلقين الرياضيين العرب لم يخفوا انحيازهم للمغرب.

وتنقل الصحيفة عن مشجعة عربية: "العالم العربي كله يقف وراءهم: إنه أمر مثير للغاية".

وتقول شبكة "إن بي سي نيوز" إن المغرب عندما يخوض مباراة لا يحظى بتشجيع الجماهير المغربية فقط، بل إن "أمة بأكلمها من  جميع أنحاء العالم العربي تشجعه".

المصدر | الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

منتخب المغرب المغرب وليد الركراكي قطر مونديال قطر

رغم جدل التطبيع.. "أوبزيرفر" تكتب عن فرحة الفلسطينيين بإنجاز المغرب في المونديال

سير سير سير... هتاف سحري لجماهير المغرب في مونديال قطر

ظهور مميز للمغاربة ضمن التشكيلة المثالية لربع نهائي مونديال قطر

بن سلمان يهنئ محمد السادس بإنجاز المغرب التاريخي في المونديال

واشنطن بوست: مواجهة أسود المغرب وديوك فرنسا تحمل أعباء سياسية معقدة

سجال الهوية بمونديال قطر.. انتصارات أسود الأطلس تشعل الجدل حول عروبة المغاربة

منتخب المغرب.. نجاحات سياسية واجتماعية تتجاوز إنجاز رابع المونديال