ميدل إيست آي: حرب أوكرانيا منحت قادة الخليج السوط لإعادة اعتبارهم في واشنطن والغرب

الخميس 22 ديسمبر 2022 07:11 م

اعتبر تحليل نشره موقع "ميدل إيست آي" أن الحرب التي شنها الرئيس الروسي "فلاديمير بوتين" في أوكرانيا منحت قادة الخليج السوط لإعادة ترتيب علاقاتهم مع واشنطن والغرب، بعد سنوات من تراجع الاهتمام الأمريكي والأوروبي بمنطقة الخليج، وهو التراجع الذي أزعج هؤلاء القادة.

واعتبر التحليل، الذي كتبه "بيل لاو" ترجمه "الخليج الجديد"، أن عام 2022 كان بمثابة "تحول تكتوني" في العلاقات الخليجية الغربية (التكتونيات هي أحد مسميات طبقات الأرض ويشير المصطلح إلى عمق التحولات في تلك العلاقات وكأنها تحولات في قشرة الأرض مثل تلك التي ينتج عنها الزلازل والكوارث الطبيعية).

وجاء هذا التحول بعد أن شعر قادة الخليج بالحنق بسبب تراجع الاهتمام بهم في دوائر صنع القرار الأمريكي والغربي، لاسيما خلال عهد الرئيس الأمريكي السابق "باراك أوباما"، الذي تجاهل قادة الخليج عندما مضى لإقرار الاتفاق النووي مع إيران، وحتى خلفه "دونالد ترامب" الذي كان يتعامل مع السعودية كـ"بقرة حلوب مربحة لمبيعات الأسلحة ومصالح عائلته"، على حد وصف الكاتب.

وأوضح أن حرب أوكرانيا كانت بمثابة "العهد الجديد" لزعماء الخليج، حيث واجهت أوروبا أخطر صراعاتها منذ الحرب العالمية، وتسببت العقوبات التي فرضتها على روسيا باشتعال أسعار المحروقات.

ومع سعي أوروبا لفطم نفسها عن إمدادات الطاقة الروسية في وقت عصيب، وجد قادة الخليج السوط في يدهم لإجبار الغرب على إعادة تقييم العلاقات معهم والنظر لهم بشكل أكثر تقديرا واحتراما، يقول الكاتب.

ومع بداية الحرب، حاولت دول الخليج تسويق موقفها على أنه محايد، ورفضت الموافقة على العقوبات الغربية ضد موسكو، لكنها انضمت إلى اقتراحات الأمم المتحدة التي تدين الغزو.

ولكن مع تقدم الحرب، أص بح من الواضح أنهم كانوا يرون ميزة كبيرة في الحياد الموجه بشكل متزايد تجاه الروس، مثل ما حققته سويسرا مع النازيين.

الغرب يهرول

وفي مارس/آذار الماضي، سافر رئيس الوزراء البريطاني آنذاك "بوريس جونسون" إلى الرياض واجتمع مع ولي العهد السعودي الأمير "محمد بن سلمان"، وكانت هذه هي المرة الأولى منذ مقتل الصحفي "جمال خاشقجي" التي يلتقي فيها رئيس وزراء بريطاني مع ولي العهد الذي كان الغرب يريد عزله دوليا.

ويقول الكاتب: لقد كان جونسون هناك لمناشدة "محمد بن سلمان" لزيادة الإنتاج من أجل تخفيف تضخم الطاقة المتفشي الذي يهدد الاقتصاد البريطاني، لكن "جونسون" خرج خالي الوفاض.

ثم في 15 يوليو /تموز ، جاء لقاء "محمد بن سلمان" الشهير بالرئيس الأمريكي "جو بايدن" في جدة.

وفي اليوم التالي في قمة دول مجلس التعاون الخليجي + 3، حث "بايدن "، دون جدوى، على زيادة إنتاج النفط.

حدث نفس السيناريو تقريبا عندما استقبل الرئيس الفرنسي "إيمانويل ماكرون، "محمد بن سلمان" في باريس في وقت لاحق من شهر يوليو/تموز، في لقاء جديد لأول مرة لزعيم غربي مع ولي العهد السعودي بعد مقتل "خاشقجي"، وحينها تم تقديم الطلب مرة أخرى لزيادة الإنتاج وتم رفضه أيضا.

وبعد إقرار "أوبك+" لخفض كبير في الإنتاج في أكتوبر/تشرين الأول، بدا أن "ابن سلمان" حصل على دفعة كبيرة في حملته لإعادة تأهيل صورته دوليا، لكن الغرب لم يتلق شيئًا في المقابل.

ومع تهديدات المسؤولين ال أمريكيين بالانتقام ومطالبات بسحب أنظمة التسليح والحماية من السعودية والخليج، تصاعد القلق بين زعماء المنطقة في وقت يتزايد فيه الخطر الإيراني، لكنهم كانوا مطمئنين لكون تأكدهم من أن التهديدات لا يمكن أن تتحول إلى قرار، حيث سيمثل ذلك خطأ استراتيجيا أمريكيا، وأسهمت إسرائيل في وأد تلك التهديدات، نظرا لأنها تشارك دول الخليج قلقها حيال إيران، بحسب التحليل.

ويرى الكاتب أنه بعد تولي "محمد بن زايد" حكم الإمارات رسميا بعد وفاة شقيقه "خليفة" بات واضحا أنه، مع ولي العهد السعودي، وأمير قطر وملك البحرين وقادة الكويت وعمان لا يرون أنفسهم "عملاء للولايات المتحدة"، لاسيما مع تضاؤل قوة أمريكا إقليمياً وعالمياً، وباتوا منخرطين مع شركاء آخرين، مع قبول أن واشنطن ستحتفظ في المستقبل المنظور بدورها كضامن للأمن.

ومع تراجع أسهم الرئيس الروسي "بوتين" كلاعب جيوسياسي ماهر بشدة بسبب حملته غير الكفؤة في أوكرانيا، كان الرئيس الصيني "شي جين بينج"، هو المؤهل للعب دور الشريك المهم لدول الخليج، وهو لم يتأخر في استغلال الأمر لحصد الصفقات، بحسب الكاتب. 

وفي نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، وقعت شركة "قطر للطاقة" صفقة غاز مسال مدتها 27 عامًا مع شركة "سينوبك" الصينية.

وفي أوائل ديسمبر/كانون الأول الجاري، وصف وزير الطاقة والبنية التحتية الإماراتي، "سهيل المزروعي"، العلاقة بين بلاده والصين بأنها "نموذج عالمي"، حيث يبني "محمد بن زايد" على صفقة تم توقيعها في عام 2019 جعلت من الإمارات مركزًا رئيسيًا للاقتصاد ضمن مبادرة "الحزام والطريق" الصينية.

وفي 8 ديسمبر، استقبل "محمد بن سلمان" الرئيس "شي" في الرياض، حيث أطلقت الطائرات المقاتلة دخانًا أخضر وفرش السعوديون سجادة أرجوانية للرئيس الصيني، الذي وقع هو وولي العهد سلسلة من الصفقات الاستراتيجية، بما في ذلك صفقة مع شركة Huawei ، على الرغم من المخاوف الأمريكية بشأن الشركة والمخاطر الأمنية التي تشكلها للولايات المتحدة.

وجاءت بطولة كأس العالم 2022 لتكمل المشهد، حيث أثبتت أنها منصة مفيدة، ليس فقط لأنها وضعت قطر بقوة على الساحة العالمية، ولكن أيضًا لأنه - مع الهزيمة السعودية الصادمة للأرجنتين ورحلة المغرب العنيدة إلى الدور نصف النهائي - أصبحت مجازًا لصعود منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا.

ويخلص الكاتب إلى أن عام 2023 سيحمل المزيد من "التحولات التكتونية" في العلاقات الخليجية الغربية، وسيستمر قادة الخليج في تعزيز مكاسبهم، وستظل الطاقة هي القوة الدافعة لتلك المكاسب، على الرغم من مساعي تنويع الاقتصاد.

واختتم تحليله بالقول: "باختصار، سيُذكر عام 2022 باعتباره عام التحول؛ العام الذي انتهزت فيه السلالة الجديدة من قادة دول مجلس التعاون الخليجي الفرصة التي منحتها لهم حرب بوتين وأجبرت الغرب على رؤية الخليج بعيون مختلفة".

المصدر | الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

العلاقات الخليجية الغربية العلاقات الخليجية الأمريكية الحرب في أوكرانيا أزمة الطاقة محمد بن سلمان

كيف تؤثر زيارة زيلنسكي إلي واشنطن على مسار الحرب في أوكرانيا؟

سفير أمريكي: سببان لعدم تقيد الخليج بسياسة واشنطن في أوكرانيا وسوريا

بعضها خليجية.. دول متحالفة مع الغرب ترسل ذخيرة إلى أوكرانيا سرا