استطلاع رأي

أي من هذه الدول تمارس الدور الأكثر إيجابية في حرب غزة؟

السعودية

مصر

قطر

إيران

تركيا

أهم الموضوعات

طبقات اليمين الإسرائيلي وبصيرة دا سيلفا

عن أوهام التفاؤل الأميركي

أزمة اقتصاد مصر وانتظار الفرج من الخارج

نحو وقف الحرب على غزة

سيناريو اليوم التالي للحرب

الجامعة والسياسة

السبت 16 يناير 2016 06:01 ص

التوحيد الديني حركة تحرر من كل أشكال الظلم والطغيان، بالرفض المبدئي: «لا إله إلا الله». وإذا كان الدين ليس له مؤسسة كهنوتية حتى لا يتحول إلى سلطة، فإن العلم له مؤسسة هي الجامعة أو المسجد عندما كان يؤدي وظيفة المدرسة.

السؤال الآن حول الصلة بين العلم والسياسة كما كان السؤال من قبل بين الدين والسياسة. وهو ما طرحه الفلاسفة من قبل بين النظر والعمل أو الفقهاء بين العقيدة والشريعة.

ولعل أول سؤال يطرحه الواقع علينا عندما ندخل الجامعة فنجدها أشبه بمعسكر والعربات المصفحة والجنود بالخوذات وبالعصي، هو ذلك الذي طرحه أحد الزوار على رئيس الجامعة: هل أنتم في حرب؟ وكيف يكون الحرم الجامعي حرماً والمتاريس بين طرقاته؟ سؤال من الواقع العملي وليس سؤالا نظرياً من كتب فلسفة الدين أو فلسفة السياسة.

سؤال فرضه الواقع اليومي عندما يدخل الأستاذ ليحاضر أو الطالب ليستمع فيصطدم بالمؤسسة التعليمية. وهل يجوز للطالب أن يسأل سؤالا أو أن يجيب الأستاذ خشية أن يخرج من العلم إلى السياسة؟

هل يمكن التمييز بين هموم الفكر وهموم الوطن؟ هل للإنسان شخصيتان، داخل المدرج كعالم وفي الحرم الجامعي كمواطن؟ وهل للإنسان لغتان، لغة داخل المدرج كعالم ولغة أخرى كمواطن في الشارع؟

في مصر، نشكو منذ وقت طويل من أزمة التعليم الجامعي وعزلته عن الحياة العامة. نشكو هجرة الأوطان إلى بلاد أخرى حتى ولو كان الثمن الغرق في البحر أو الوصول للبر في المعتقل كهجرة غير شرعية. إذا أصبح الأستاذ الجامعي رئيساً استقبل في الجامعة باعتباره الرئيس وأطلقت له 21 طلقة، وصدحت الموسيقى بالسلام الوطني بدلا من استقباله كأستاذ بروبه الجامعي احتراماً للجامعة.

لا فرق بين العلوم الإنسانية والعلوم الطبيعية أو الرياضية، فكلاهما دراسة للإنسان. كليات الآداب والحقوق رمزا الجامعة يمينا ويسارا يمثلان العلوم الإنسانية وكليات العلوم والهندسة والتجارة والطب تمثل أيضا الإنسان في حاجاته العملية، السكن والرزق والعلاج. وحقوق الإنسان موضوع مشترك بين الآداب والحقوق والعمل موضوع مشترك بين الآداب والتجارة. والصحة موضوع مشترك بين الهندسة والعلوم والطب. والحرية موضوع مشترك بين العلوم الإنسانية والسياسية، أصولا وممارسة.

ومن الطبيعي أن يكون في العلوم الإنسانية وجهات نظر متعددة يتم الحوار بينها داخل مدرجات الجامعة. أما الممارسات الفعلية للأحزاب السياسية فإنها تقوم على الجدل والتعصب والمصالح الضيقة، ويستحسن أن يتم النقاش فيها خارج الجامعة. التعصب الحزبي ضد الحياد العلمي، والمصلحة الشخصية لجماعة أو طبقة ضد المصلحة الوطنية العامة.

السياسة جزء من العلوم الإنسانية، مثل الاقتصاد والاجتماع وعلم النفس والأنثروبولوجيا والفلسفة. وتحرص العلوم الإنسانية على التطبيق، لذلك تسمى العلوم السلوكية. والإعلام الذي تعتمد عليه السياسة كثيراً جزء من العلوم السياسية. وإذا كانت غاية الأحزاب النهضة أو الإصلاح أو التقدم أو الثورة.. فكلها موضوعات في العلوم السياسية وأسماء أحزاب في نفس الوقت!

الحرية علم، ولطالما صاغ الفلاسفة نظرياتهم في الحرية والتحرر وفي السياسة في نفس الوقت. والاستبداد علم بالبحث عن أصوله ومصادره، بدايته ونهايته، كما فعل الكواكبي في كتابه «طبائع الاستبداد ومصارع الاستعباد»، وهي مطمح كثير من الأحزاب. والعدالة الاجتماعية وحقوق الإنسان والتعددية السياسية موضوعات علمية وعملية في نفس الوقت.

«حقوق الإنسان» موضوع نظري وعملي في نفس الوقت. هو بحث نظري لمعرفة حقوق الإنسان دون واجباته. وهي ممارسة عملية لمعرفة مدى تطبيقها أو خرقها أو الخروج عليها، وكتابة التقارير عنها في المحافل الدولية. و«التعددية» موضوع فلسفي نظري وممارسة عملية في نفس الوقت بإقامة مجتمع متعدد الآراء، ومختلف الاتجاهات.

و«الأيديولوجيات» موضوع في الفلسفة السياسية النظرية قبل أن تكون تنظيمات حزبية. فالليبرالية لا تحتاج إلى تنظيم لأنها ليبرالية اقتصادية وليست ليبرالية فكرية. وهو المطلوب، «ليبرالية حاملة للنظام الرأسمالي» بما في ذلك الليبرالية الجديدة.

 

* د. حسن حنفي أستاذ الفلسفة -جامعة القاهرة

  كلمات مفتاحية

الجامعة السياسة الأفكار الاجتماعية الأيديولوجيات الليبرالية الاقتصادية

عندما لا تحكم الأخلاق السياسة