هكذا نجحت قطر في إدارة التناقضات المتعلقة بكأس العالم

الأربعاء 4 يناير 2023 11:33 م

وصف معلقو كرة القدم في جميع أنحاء العالم المباراة النهائية في مونديال قطر 2022 بين الأرجنتين وفرنسا بأنها واحدة من أعظم المباريات النهائية، إن لم تكن الأعظم، في تاريخ كأس العالم. وكان رئيس الفيفا "جياني إنفانتينو" أكثر سخاءً، ووصف بطولة 2022 بأنها "أفضل كأس عالم على الإطلاق".

ومثل كل بطولة كأس العالم، لم تكن بطولة 2022 مخيبة للآمال فيما يتعلق بالإثارة وجرعة الأدرينالين التي تقدمها للجمهور. وشاهد أكثر من 1.5 مليار مشاهد المباراة النهائية وحدها، ما يدل على الشعبية الراسخة والمتنامية لهذه الرياضة على الصعيد العالمي.

وكانت هذه البطولة مثيرة للجدل بشكل خاص، حيث اندلعت خلافات حول تدابير حماية العمال، والحظر المتعلق بالخمور في اللحظة الأخيرة. وكدولة مضيفة، تحملت قطر العبء الأكبر من الانتقادات. وكانت استجابتها تستحق التأريخ والتحليل.

ونفى المسؤولون في قطر ادعاء صحيفة "الجارديان" بأن أكثر من 6500 عامل وافد لقوا حتفهم أثناء التحضير للمونديال، فقد التزمت قطر بشكل واضح بإصلاح قوانين العمل ومحاسبة الشركات الخاصة عن الانتهاكات التي تسبب فيها نظام الكفالة.

وبالرغم أنه لا يزال هناك الكثير الذي يتعين القيام به لضمان حصول العمال الوافدين على معاملة عادلة، لكن تخلي الدوحة عن نظام الكفالة في عام 2020 كان خطوة أولى مهمة.

وبقدر ما ادعى كثيرون أن الحظر المفروض على الكحول كان غير معقول، فقد ساهم في واحدة من أكثر بطولات كأس العالم أمانًا في التاريخ، حيث تمكنت النساء والأطفال من الاستمتاع بالأماكن العامة في وقت متأخر من الليل دون خوف، وغابت مشاهد المتفرجين المخمورين والمضطربين وذلك للمرة الأولى في تاريخ كأس العالم.

ومارست قطر قيودا متوازنة على التعبير السياسي في مباريات كأس العالم. فمن ناحية، لم يُسمح بدخول الأعلام الداعمة للاحتجاجات ضد النظام الإيراني في الملاعب، لكن المسؤولين القطريين احترموا أيضًا حق المشجعين في إطلاق هتافات دعمًا للمتظاهرين الإيرانيين.

وبالمثل، بالرغم من نبذ المراسلين الإسرائيليين من قبل آلاف الزوار والعرب في بلد يعارض فيه أكثر من 80% من الناس التطبيع مع إسرائيل، لم يتعرض أي مراسل إسرائيلي للمضايقة أو الأذى.

في غضون ذلك، رأى أعضاء "شباب قطر ضد التطبيع" الحضور الإعلامي المكثف خلال البطولة كمنصة لتأكيد القضية الفلسطينية قبل وبعد كل مباراة.

وبقدر ما قد يكون من المغري اتهام قطر باتباع نهج ذي وجهين في إدارة البطولة والخلافات السياسية التي أحاطت بها، فإن الحقيقة هي أن معظم الدول والمجتمعات يجب أن تتعامل مع تناقضاتها، خاصة عندما تكون تحت الأضواء الدولية.

وينطبق ذلك أيضًا على قطر، التي تلتزم بقيم دينية وثقافية عميقة الجذور، لكنها حريصة أيضًا على معالجة مخاوف ومطالب الشركاء والخصوم وأصحاب المصلحة الآخرين دون نزاع.

وتجاهل النقاد عمداً محاولة قطر تحقيق التناغم بين اللعبة العالمية وقيمها الوطنية. وبدلاً من ذلك، شنوا حملة لتصوير جهود قطر لتنظيم بطولة سلمية على أنها حملة لقمع الحريات وانتهاك حقوق الإنسان.

ومع ذلك، لم تؤت أي من هذه الجهود ثمارها، حيث نجحت قطر في تقديم ما يُنظر إليه الآن على أنه أحد أنجح بطولات كأس العالم بالرغم من الادعاءات المتحيزة المتكررة بأن أي دولة عربية في الشرق الأوسط تفتقر إلى الثقافة والقدرة التنظيمية والمهارة اللازمة لتنظيم مثل هذا الحدث.

وفي الواقع، سيترك مونديال قطر 2022 ذكريات دائمة عن بطولة كانت، بأكثر من طريقة، مختلفة عن أي بطولة أخرى.

**لقراءة النص الأصلي Qatar’s Delicate Balancing Act: The FIFA World Cup and International Pressure

المصدر | مريم الكواري | منتدى الخليج الدولي - ترجمة وتحرير الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

قطر كأس العالم الفيفا التطبيع

قطر تكرم قوات الإسناد التي شاركت بتأمين كأس العالم

أمير قطر: أوفينا بوعدنا بتنظيم بطولة كأس عالم استثنائية

1.4 مليون شخص زاروا قطر خلال بطولة كأس العالم

كأس العالم 2022.. هكذا أوفت قطر بوعد استضافة مونديال استثنائي

ماذا تفعل قطر بإرث كلفها 300 مليار دولار لتنظيم كأس العالم؟