جورج فريدمان: حرب أوكرانيا لن تنتهي حتى يحدث هذا الأمر

الخميس 5 يناير 2023 01:06 م

يبدو كأن الحرب في أوكرانيا لن تتوقف؛ حيث لا يبدو أن أيًا من الجانبين قادر على تدمير قوة الآخر أو الوصول إلى حل وسط من أجل اتفاق سلام.

ومع أن الروس يتحدثون إلى بيلاروسيا والهند، وأي أحد آخر يجدونه، لكن لا يمكن لأحد أن يساعد في ساحة المعركة أو في توفير ذخيرة بكافية لإمالة الكفة لصالحهم.

كما يتحدث الأوكرانيون إلى الولايات المتحدة والناتو وأي أحد آخر حتى يضمنوا استمرار تدفق الأسلحة، لكن أوكرانيا لم تكسر روسيا بعد، كما تشعر بالقلق من احتمال انهيار البلاد بشكل كامل.

أما في ساحة المعركة، فهناك حركة على كلا الجانبين، لكن الحركة لا تحمل معها طعم النصر. إذن، متى تنتهي الحروب إذا لم تتنازل القيادات؟ يتبين من التاريخ أن هناك عدة إجابات على هذا السؤال.

1- تنتهي الحرب عندما يفتقر جانب واحد إلى المواد اللازمة للاستمرار؛ وقد انتهت حملة ألمانيا في الحرب العالمية الثانية عندما لم تتمكن من إنتاج الأسلحة اللازمة لردع قوى الحلفاء.

2- تنتهي الحرب عندما يتم استنزاف معنويات جانب واحد؛ أي عندما يكون الجنود والمدنيون غير راغبين في تحمل عبء الحرب، حتى لو كان النصر ممكنًا، مثلما كان الحال بالنسبة للولايات المتحدة في حرب فيتنام.

3- تنتهي الحرب عندما لا يكون هناك أمل في زيادة جوهرية في القوة العسكرية، وعندما يكون التدخل الأجنبي مستحيلًا. وفي الحرب العالمية الثانية، استمرت بريطانيا مع العلم أنها كانت لا تستطيع هزيمة ألمانيا، ولكنها كانت تلعب على التدخل الأمريكي.

4- تنتهي الحرب عندما تبدو عواقب الهزيمة مقبولة للمدنيين؛ مثلما حدث في الحرب العالمية الثانية، حين رأى الشعب الإيطالي احتلال الحلفاء كبديل أفضل. (وعلى العكس من ذلك، تستمر الدول في القتال عندما تكون تكلفة الهزيمة كارثية)

ومن المؤكد أن هناك ظروفًا أخرى تدفع الأمم للمقاومة أو الاستسلام بسهولة بدلا من تحمل تداعيات الحرب. ولا يتعلق الأمر فقط بقدرة الجيوش على المقاومة، بل بقابلية المدنيين الذين ينتجون مواد الحرب ويتحملون عبء الخسارة والألم.

التركيز على العنصر المدني

لمحاولة فهم كيفية انتهاء حرب أوكرانيا، يجب أن نفكر في كل هذه الأمور وأكثر من ذلك، ولكن مع التركيز بشكل خاص على استعداد المدنيين لمواصلة القتال. لا شك أن كلا الشعبين متعبين؛ الروس بسبب الضحايا والدعوة اللاحقة لمزيد من التجنيد، والأوكرانيون بسبب الهجمات المستمرة على المدنيين والبنية التحتية المدنية. 

يرغب الروس في نهاية الحرب ولكن ليس على حساب الصورة النهائية، فيما يخشى الأوكرانيين من أن يؤدي الاستسلام للروس إلى توغل جديد. لذلك فرغم الإرهاق من الحرب، فإن الجانبين يسيطر عليهما الخوف من تداعيات الهزيمة.

وكلا الجانبين يقاتل حاليًا بمستوى معين من الأسلحة، لكن لم يتمكن أحدهما من كسر الجانب الآخر، وليس هناك سبب للاعتقاد أن الإمدادات الحالية ستفعل ذلك. 

ولدى الروس مصنعهم الخاص، بالإضافة إلى الأسلحة المستوردة من أماكن مثل إيران، أما أوكرانيا فلديها تدفق هائل من الأسلحة من الغرب، خاصة الولايات المتحدة. وقد خلق هذا حربًا لا تنتهي، وإذا استمر هذا، فهناك إمكانية جدية بخسارة المدنيين للروح المعنوية.

لذلك ستحاول موسكو ضمان استمرار سلامة مصانعها وعلاقاتها فيما تسعى لتقويض الشحنات إلى أوكرانيا، أما أوكرانيا فستحاول ضمان استمرار الولايات المتحدة في عمليات تسليم الأسلحة على الأقل مع محاولة تقليل الأسلحة التي تتدفق إلى روسيا من الخارج.

المحادثات أرجح من الاستسلام

بما أن كلا الجانبين يواجه مشكلة في الروح المعنوية لدى المدنيين، فسيحاول كلاهما تقليل خوف المدنيين من الهزيمة، ولكن طالما ظلت أوكرانيا تخشى بشدة أن تهزمها روسيا، فإن الاستسلام مستحيل عملياً.

ولا يمكن قول الشيء نفسه عن روسيا، وبالتالي فإن النتيجة الأكثر ترجيحًا ستكون محادثات السلام، التي تفرضها الاضطرابات المحلية في كلا البلدين. 

وهناك بالفعل بعض الاضطرابات في روسيا، لكن أوكرانيا لديها القليل، ولم يتمكن الروس من إثارة الاضطرابات هناك، لذلك سيحاولون تنفيذ حملة أكثر كثافة من الإرهاب.

لكن محادثات السلام لن تحدث حتى يكون هناك شعور بعدم التوازن على كلا الجانبين، ويجب أن ينطوي الأمر على عنصر من الإكراه. وبالتالي فإن المفتاح هو التلاعب بالسكان المدنيين في الجانب الآخر، والدفاع عن السكان المحليين وإدخال أسلحة جديدة وعملية من شأنها أن تفرض الألم دون أن تؤدي إلى تدخل أجنبي.

وبمرور الوقت، فإن الشعور باستحالة النصر سيؤدي إلى تحفيز محادثات السلام، ولكن حتى يحدث هذا الأمر ستستمر الحرب.

المصدر | جورج فريدمان | جيوبوليتيكال فيوتشرز - ترجمة وتحرير الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

حرب أوكرانيا روسيا الناتو محادثات السلام

حرب أوكرانيا.. جورج فريدمان: روسيا تبحث عن لحظة حاسمة