نهج واقعي أم تضارب مصالح.. لماذا اختارت الإمارات سلطان الجابر رئيسا لكوب 28؟

الخميس 2 فبراير 2023 12:18 م

جدل واسع ذلك الذي أثاره إعلان دولة الإمارات العربية المتحدة في 12 يناير/كانون الثاني الماضي تعيين مبعوثها للتغير المناخي "سلطان أحمد الجابر" رئيسا للدورة الـ28 من مؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ "COP28"، الذي تستضيفه دبي خلال الفترة من 30 نوفمبر/تشرين الثاني حتى 12 ديسمبر/كانون الأول 2023، ما سلط مزيدا من الضوء على دور "الجابر" المتصاعد في المصالح الاستراتيجية للدولة الخليجية.

فـ"الجابر"، الذي يحمل الدكتوراه في الاقتصاد والإدارة من جامعة كوفنتري بالمملكة المتحدة، وماجستير إدارة المشاريع والاقتصاد من جامعة ولاية كاليفورنيا، وبكالوريوس العلوم في هندسة الكيمياء والبترول من جامعة جنوب كاليفورنيا، يشغل حاليا منصب وزير الصناعة والتكنولوجيا المتقدمة منذ يوليو/تموز 2020.

وإلى جانب مهامه الوزارية، يشغل "الجابر" منصب الرئيس التنفيذي لشركة بترول أبوظبي الوطنية "أدنوك"، ومجموعة شركاتها، كما يترأس مجلس إدارة شركة موانئ أبوظبي، ومجلس إدارة شركة أبوظبي لطاقة المستقبل "مصدر".

وتولى "الجابر" قيادة مشاركة "مصدر" في العرض الذي تقدمت به دولة الإمارات، لاستضافة مقر الوكالة الدولية للطاقة المتجددة "آيرينا" في أبوظبي.

وزير ووظائف أخرى

انضم "الجابر" إلى الحكومة الاتحادية في الإمارات عام 2013 كوزير دولة، وتولى منذ ذلك التاريخ إدارة عدد من الملفات الاستراتيجية ذات الطابع الاقتصادي والسياسي والتنموي، مثل: الإعلام، والطاقة، والبنية التحتية، والتنمية المستدامة، والتي تعمل على تعزيز مكانة الإمارات إقليمياً وعالمياً.

يرى مؤيدو "الجابر" التعدد الكبير في وظائفه دليلا على كفاءته وحضوره البارز، بينما ينتقده آخرون، باعتبار استحالة ضمان الكفاءة مع شغل هذا عدد من الوظائف، ما يعني أن كونه من "أهل الثقة" هو سبيله لتولي المناصب.

وانعكس هذا التباين على الموقف من إعلان تعيين "الجابر" رئيسا لمؤتمر المناخ المقبل، فنشطاء البيئة في حالة استياء من اختيار الإمارات لرئيس شركة بترول رئيسا لمؤتمر المناخ المقبل، في سابقة هي الأولى من نوعها منذ انطلاق مؤتمر المناخ في برلين عام 1995، والذي قادته وزيرة البيئة الألمانية حينها "أنجيلا ميركل".

لكن مؤيدي "الجابر" يرونه جديرا برئاسة المؤتمر لما يتمتع به من خبرة بمجال العمل الصديق للبيئة، إضافة لما قام به من دور محوري في تنمية محفظة أصول الطاقة المتجددة لبلاده، رغم كونه مديرا لشركة نفطية، ويشيرون إلى إشرافه على تسريع استراتيجية خفض الانبعاثات الكربونية في "أدنوك"، التي تم إقرارها أواخر 2022.

وفي هذا السياق، وصفت "زينة خليل الحاج"، مديرة الحملات في منظمة "org.350" غير الحكومية، والتي تعنى بالبيئة وقضايا المناخ، تعيين "سلطان الجابر" بأنه أشبه بتعيين "رئيس شركة تبغ لقيادة مؤتمر لمعالجة السرطان"، حسب ما أوردته وكالة الأنباء الفرنسية.

وقالت "زينة": "من الصعب تقبل أن يكون مدير شركة نفط هو من يقود مؤتمرا لمعالجة مشاكل المناخ. فنحن نعرف أن شركات النفط هي السبب الأساسي للمشكلة والمأساة المناخية التي نعيشها في حياتنا اليومية. السنة الماضية في مؤتمر كوب 27 بمصر، كان هناك تخوف من أن كثيرا من القرارات لن تتجه نحو المنحى المناسب، حيث كان أكثر من 300 داعم لشركات النفط ضمن فرق عمل الدول المشاركة. فكيف الحال إذا ما كان رئيس المؤتمر هو من شركات النفط! هذا هو سبب تخوفنا".

كما انتقد آخرون ازدواجية مناصب "الجابر" من زاوية تتعلق بالشفافية والمحاسبة، خاصة في ضوء ما أوردته مصادر موقع "إنتليجنس أونلاين"، المعني بالشأن الاستخباراتي، بأنه يلعب دورا محوريا في العلاقات التجارية بين الإمارات وفرنسا مؤخرا، وذلك بعد إطلاق أول مجلس أعمال مشترك للبلدين في يوليو/تموز الماضي، ويرى المعارضون هذا الوضع مثالا نموذجيا لـ"تضارب المصالح".

نهج واقعي

وفي المقابل، قال "عمر شوشان"، رئيس اتحاد الجمعيات البيئية في الأردن والمختص في سياسات المناخ، إن "تعيين سلطان الجابر لرئاسة مؤتمر الأطراف بكل تأكيد جاء لخبرته التراكمية في مجال التغير المناخي من الناحية السياسية والفنية منذ سنوات طويلة، وانخراطه في الهيئات الاستشارية للتغير المناخي لدى الأمم المتحدة".

واعتبر "شوشان" الانتقادات الموجهة لـ"الجابر" من الناشطين في مجال المناخ "لا يأتي بسبب التعيين بحد ذاته وإنما بسبب استضافة المؤتمر لأحد أعضاء منظمة أوبك الكبار المصدرين للوقود الأحفوري (الإمارات) وهذا ما شهدناه في مؤتمر جلاسكو التي تستضيف العديد من شركات النفط العالمية"، حسب قوله.

وتشير تصريحات "شوشان" إلى حقيقة أن مناصب "الجابر" تمثل المزيج الذي تتبناه دولة الإمارات بشأن الطاقة، إذ تتبنى نهجا يمزج بين مختلف القطاعات بما في ذلك النفط والطاقة النظيفة.

ويقوم هذا النهج على انتقال "واقعي" للطاقة بحيث تواصل الهيدروكربونات لعب دور لضمان أمن الطاقة مع الالتزام في الوقت نفسه بخفض الانبعاثات الكربونية. وفي هذا الإطار، تعهدت أبوظبي بالوصول بصافي الانبعاثات للصفر بحلول 2050.

وأيا ما كان موقف المؤيدين والمعارضين لـ"الجابر"، فالمؤكد أن مؤتمر "كوب 28" سيكون ذا زخم كبير، في مرحلة بالغة الأهمية، نظراً للآثار السلبية التي يعاني منها العالم؛ بسبب تغير المناخ وفقدان التنوع البيولوجي والتحديات التي تواجه أمن الطاقة والأمن الغذائي والمائي.

المصدر | الخليج الجديد + متابعات

  كلمات مفتاحية

سلطان أحمد الجابر الإمارات المناخ دبي كوب 28

كوب 28.. أمنيستي تعتبر أن سلطان الجابر غير مؤهل لترؤس مؤتمر المناخ

وسط تشكيك منظمات بيئية.. رئيس "كوب 28" الإماراتي يواصل جولته في باريس

توسع ضخم لإنتاج الإمارات من النفط والغاز.. والجدل يتجدد حول رئاسة الجابر لمؤتمر المناخ

تقارير ترجح عدم استجابة الإمارات للاحتجاج على رئاسة سلطان الجابر كوب28