الهند تمد يدها لمصر.. مصالح آنية مشتركة وتحديات على الطريق

الجمعة 10 فبراير 2023 03:53 م

أثار مشهد الرئيس المصري "عبد الفتاح السيسي" وهو يجلس جنبًا إلى جنب مع رئيس الوزراء الهندي "ناريندرا مودي" في احتفالات بلد الأخير، بعيد الجمهورية، عدة مفارقات، أبرزها أن الفعالية التي شهدها "السيسي" الذي قمع أول تجربة ديمقراطية في بلده، كانت احتفالا بمرور 73 عامًا على الدستور الذي يضمن تمتع جميع مواطني الهند بحقوق الإنسان الأساسية.

ومن تلك المفارقات التي تضمنها تحليل أعده الباحث "تلميذ أحمد" ونشره موقع "ذا وير" الهندي، أنه ضمن القيم التي جمعت مصر بالهند سابقا التحالف ضد الإمبريالية، لكن ما يجمهما اليوم هو العداء العميق لأي جماعة اسلامية متجانسة ملتزمة بالديمقراطية البرلمانية.

ويرى "أحمد" في تحليله أن زيارة "السيسي" لنيودلهي أكدت أن قطاعات كبيرة من المجتمع الدولي، لا ينتابها قلق كبير بشأن تقليص حقوق الإنسان في مصر، وما تتخذه سلطاتها من إجراءات قاسية بحق معارضيها، ويبدو أنهم معنيون أكثر باستكشاف المصالح المتبادلة التي يمكن الحصول عليها من العلاقة مع "القادة الاستبداديين".

وضع اقتصادي سيء

يشير التحليل إلى أن زيارة "السيسي" للهند تأتي في ظل غرق مصر في أزمة اقتصادية عميقة، مع انخفاض قيمة الجنيه، وهروب رأس المال للخارج، ولجوء مصر لقروض صندوق النقد الدولي مشروطة بإصلاحات ضخمة، مع وجود دين دولي يقدر بـ 150 مليار دولار، وهذا يتناقض مع جهود إعادة تأهيل "السيسي" دوليا في مثل هذه الزيارات.

ومن الأمور التي يتطلبها الإصلاح وفق التحليل، خروج الدولة من العديد من قطاعات الاقتصاد التي تسيطر عليها في الوقت الحاضر، لا سيما من خلال "الاقتصاد العسكري" في مصر، أي الشركات التجارية المملوكة للقوات المسلحة.  

ورغم من تعهد "السيسي" بتقليص دور هذه الشركات العسكرية، إلا أنه حتى الآن، يتجنب إجراء الإصلاحات اللازمة.

ويعرج "أحمد" في تحليله على الخلاف التي ظهرت ملامحه بين مصر ودول خليجيه سبق أن دعمت القاهرة بنحو 92 مليار دولار منذ 2011، حيث بدأ بعض المعلقين الخليجيين بانتقاد نموذج "السيسي" في مصر واستدعت هذه الانتقادات ردود مصرية قوية اتهمت دول الخليج بعدم الوفاء بتعهداتها لمصر.

وفي هذا السياق، ينقل التحليل ما قاله الباحث المصري "خليل العناني" أنه برغم تلك الانتقادات، فهم (يقصد دول الخليج) غير راغبين في إضعافه بشكل مطلق، بل ليكونوا أكثر قدرة على التلاعب به لصالحهم، فاعتماد مصر على سخاء دول مجلس التعاون الخليجي هو الأداة الأكثر فعالية لديهم، والسيسي هو الأكثر فعالية.

عدو مشترك

كما سيظل السيسي أفضل سلاح لهم ضد خصمهم الرئيسي، وهو الإسلام السياسي، الذي يمثله الإخوان المسلمون." وقد اعتبر الإخوان تهديدا مشتركا للطرفين خلال العقد الأخير.

ومعززا ما ذكره الباحث في هذا السياق، يعتبر أن أحد أبعاد علاقة الهند مع دول عربية مثل السعودية والإمارات ومصر، هو العداء للإسلام السياسي واعتبار مظاهره جزءا من المظاهر الإرهابية التي يجب محاربتها، وبالتأكيد تخشى الهند هنا من دور الإسلام السياسي في باكستان، وتريد إبراز تجربة مصر في شيطنة الإسلام السياسي والاستفادة منها.

من جانب آخر، يشير التحليل إلى دافع هندي يرى بأن المصلحة ذات الأولوية للحكومة التي يقودها "مودي" هي إعادة بناء "فكرة" الهند التي سيتم فيها تخفيف الالتزام الأساسي بالنظام الديمقراطي والعلماني للبلاد من أجل منح الأفضلية لـ "الهندوس" الذين يشكلون الأكثرية.

وقد كان هذا يعني، في الواقع، تشويهًا منظمًا ومستدامًا للتراث الإسلامي في الهند ومجتمعها الإسلامي القوي الذي يبلغ 200 مليون نسمة.

وهنا، فإن الحكومة الهندية وفقا للتحليل واثقة من أن إحجام دول غرب آسيا عن التعليق على التطورات المحلية في البلدان الأخرى، خشية تعرض وضعها الكئيب للتدقيق الدولي، سيضمن أن إساءة معاملة الحكومة لمجتمعها المسلم لن تثير أي تعليق سلبي، وأن الهند يمكنها متابعة علاقاتها السياسية والأمنية والاقتصادية مع دول غرب آسيا المسلمة مع إفلات نسبي من العقاب.

موقف غير مستدام

إلا أن هذا الموقف غير مستدام، وفق الباحث، ففي حين أن الحكام الاستبداديين - الملكيين أو الجمهوريين - قد يسعون إلى إعطاء الأولوية لحكمهم على أي اعتبار آخر، فإنهم لا يمكنهم الابتعاد كثيرًا عن مشاعر شعوبهم.

وهكذا، أدت الإساءة العلنية للنبي من قبل بعض المتحدثين الرسميين للحزب الحاكم العام الماضي في الهند إلى انتقادات واسعة النطاق في جميع أنحاء غرب آسيا وأجزاء كبيرة من العالم الإسلامي، مع توبيخ دبلوماسي صارم للعديد من السفراء الهنود.

ولم يكن ذلك بمبادرة من الحكومات المعنية؛ ولكنهم تصرفوا تحت ضغط مؤسساتهم الدينية والمشاعر الشعبية بشكل عام.

يعود التحليل للعلاقات المصرية الهندية في إطار زيارة الرئيس المصري للهند ليؤكد أن العلاقة لا تزال في طور النشوء، وأن الميزة الرئيسية الجديدة هي التزام البلدين "بالارتقاء بعلاقاتهما إلى مستوى" الشراكة الاستراتيجية "التي تغطي المجالات السياسية والأمنية والدفاعية والطاقة والاقتصادية".

وهذا يعني أن الهند ستدخل لاعبا في العلاقة مع مصر لتقترب من دور دول الخليج وفقا للتحليل، وبشكل أكثر تفصيلا يشير الباحث "تلميذ أحمد" أن هناك تركيز على التعاون في قطاع الصناعات الدفاعية في البلدين ومجال التعاون البحري.

المصدر | تلميذ أحمد/ ذا وير - ترجمة وتحرير الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

العلاقات المصرية الهندية السيسي مودي كشمير السعودية

مستغلة كارثة الزلزال.. لماذا تتقرب الهند من الشرق الأوسط؟

موقع روسي: مصر تتجه شرقا بحثا عن تنويع تحالفاتها

لماذا تعمق الهند تعاونها العسكري مع دول الخليج وغرب آسيا؟.. أسباب مهمة

رئيس الأركان المصري وقائد الجيش الهندي يبحثان تعزيز التعاون العسكري

لماذا تكتسب زيارة مودي للقاهرة أهمية كبيرة للهند ومصر؟

السيسي يستقبل رئيس وزراء الهند ويوقعان إعلان الشراكة الاستراتيجية (صور)

تزامنا مع صعود الصين.. لماذا تعزز الهند شراكتها الاستراتيجية مع مصر؟

مصر والهند.. تقارب سريع على أرضية تحولين جيوسياسيين وقناة السويس كلمة السر