يوسف ندا لـ"الخليج الجديد": سعيد مجرد أداة والجيش التونسي هو الجهة الحقيقية خلف الانقلاب

الأحد 12 فبراير 2023 08:52 م

نواف السعيدي - الخليج الجديد

اعتبر "يوسف ندا"، القيادي بجماعة "الإخوان المسلمون" ومفوضها السابق للعلاقات الدولية، في تصريحات لـ"الخليج الجديد"، أن "الأحداث المتوالية في تونس أثبتت أن (الرئيس) قيس سعيد مجرد أداة بيد الجيش، الذي يعد الجهة الحقيقية وراء انقلاب 25 تموز/يوليو 2021".

وفي ذلك اليوم، بدأ "سعيد" فرض إجراءات استثنائية منها إقالة الحكومة وتعيين أخرى، وحل مجلس القضاء والبرلمان وإصدار تشريعات بمراسيم رئاسية وإجراء انتخابات تشريعية مبكرة في  17 ديسمبر/ كانون الأول 2022، وإقرار دستور جديد عبر استفتاء في 25 يوليو/تموز من العام نفسه.

وأضاف "ندا" أن "الجيش اختطف تونس الخضراء لكن بواجهة مدنية، وهو الرئيس سعيد، على غرار ما حدث في بعض البلدان العربية الأخرى، ما يكشف سر بقاء واستمرار سعيد حتى الآن في موقعه، رغم حالة الرفض الكبيرة التي تواجهه في الداخل والخارج".

وتعتبر قوى في تونس إجراءات "سعيد" الاستثنائية "تكريسا لحكم فردي مطلق"، بينما تراها قوى أخرى "تصحيحا لمسار ثورة 2011"، التي أطاحت بالرئيس آنذاك "زين العابدين بن علي" (1987-2011).

أما "سعيد"، الذي بدأ في 2019 فترة رئاسية تستمر 5 سنوات، فنفى أكثر من مرة صحة اتهامه هو والجيش بتنفيذ انقلاب، وقال إن إجراءاته "ضرورية وقانونية" لإنقاذ الدولة من "انهيار "شامل".

نحو الهاوية

ومحذرا مما ينتظر تونس، قال "ندا" لـ"الخليج الجديد" إنه "بات من المؤكد أن الجيش التونسي -بكل أسف- يغامر بمستقبل بلاده ويأخذها إلى المجهول، وربما يدفع بها نحو الهاوية، وهو ما لا نأمله، فتونس هي جوهرة العقل والحكمة في دول الربيع العربي. وبكل أسف أيضا خان قادة الجيش قسمهم العسكري الذي يحتم عليهم حفظ أمن وأمان البلاد والابتعاد عن الصراعات السياسية".

واستدرك: "لكننا نأمل أن يتحرك الشرفاء والأحرار في الجيش وباقي مؤسسات الدولة وجميع القوى الوطنية والحيّة لإيقاف هذا السيناريو الكارثي الذي تتجه إليه البلاد؛ فاستمرار تلك المهزلة سيؤدي حتما إلى عواقب وخيمة".

وواصفا تونس الآن بـ"المُختطفة"، رأى "ندا" أن "المسؤولية الجنائية والدستورية والتاريخية لما حدث وما زال يحدث محصورة في قيادات الجيش، حتى ولو استعمل الرئيس (سعيد) لقب "القائد العام" (للجيش)".

وأردف: "فلو تحسست قيادات الجيش الحقيقية ضمائرهم ووطنيتهم لانحازوا إلى بني جلدتهم ومواطنيهم وقدّروا الحرية التي عاشتها تونس في الربيع الذي قادته، واستمرت تنعم به، بينما أخفق الجميع وعادوا تحكمهم ديكتاتوريات أدهي وأمّر".

وانطلاقا من تونس، امتدت احتجاجات "الربيع العربي" إلى دول أخرى وأطاحت بأنظمتها الحاكمة، ومنها مصر وليبيا واليمن.

وبشأن المخرج من الأزمة الراهنة، قال "ندا" إن "التاريخ يخبرنا أن الوسيلة الوحيدة المتاحة للإنقاذ هي الزجّ بهذا المقامر (يقصد سعيد) خارج موقعه وعودة البلاد إلى الحرية والديمقراطية والتنافس السياسي لخدمة الدولة، على أن تمارس المؤسسة العسكرية دورها الدستوري والوطني بعيدا عن التدخل في الحياة السياسية".

أخطاء من الجميع

ومعقبا على اتهامامات لكل القوى في تونس بارتكاب أخطاء، قال "ندا" لـ"الخليج الجديد": "نعم حدثت أخطاء من الجميع، وهذا ليس بالغريب على دولة نشأت من براثن ديكتاتورية أحاطت بها سنوات طوال، ولكنها حديثة عهد بالحرية".

لكن في المقابل حدثت تطورات أهمها، بحسب "ندا"، هو "إصرار المواطنين على الاحتفاظ بما انتزعوه من حريتهم، بل واستثماره في نهضتهم ورقي دولتهم".

وتابع: "للديمقراطية ثلاث سلطات (التشريعية والقضائية والتنفيذية)، وليس للرئاسة أن تتعدى على أي من هذه السلطات وتغتصب أدواتها ويصدّرها الجيش أمامه (الرئاسة) أو ليظهر الأمر وكأن الجيش يحمي الشرعية أو يساند السلطة التنفيذية بمساندته الرئاسة المنقلبة على السلطات الثلاث، وهو القائد العام فقط، حسب الوثيقة الوحيدة التي يستعمل قوتها لينتزعها لنفسه، وهي الدستور الذي يُفرّغه من سلطته".

ومستنكرا، تساءل "ندا: "مَن الذي أغلق بوابات السلطة التشريعية ومنع ممثلي الشعب من دخول مقرهم؟، ومَن حضر إهانة وصفع رئيس السلطة التنفيذية (هشام المشيشي) وفرض عليه الانسحاب وإلا فسيكون مصيره السجن؟".

واستطرد: "ومَن تعدي على السلطة القضائية القائمة وألغاها وأغلق أبوابها؟، بل وماذا بقي للشعب التونسي ليشعر أنه تخطي عهد الديكتاتورية إذا سُلبت منه هذه السلطات الثلاث؟، ومَن اصطف وراء المعتدي عليهم جميعا؟، وما القوة الديكتاتورية التي يخشاها الجميع وهي المدانة في الحقيقة؟.. إنها قيادات الجيش والأمن".

واستكمل تساؤلاته: "هل ثورات الربيع العربي قادرة على الحفاظ على مكتسباتها أم سيستمر مسلسل الاختطاف الذي عانت منه ومازالت تعاني بقية الشعوب التي أصابها مرض الديكتاتورية العسكرية؟".

دولتان في تونس

"ندا" مضى في قراءته للمشهد التونسي، معتبرا أن "في تونس دولتان، دولة احتوت على كل شيء وهي دولة الجيش والشرطة وأضافوا لهم رأس (يقصد سعيد) يفعلوا ما يريدون باسمه".

أما الدولة الأخرى، وفق "ندا"، "فلا تريد إلا الحرية والعيش الكريم، يُستخف بعقولها ووطنيتها وكُتب عليها أن تخرج من ساحة الاستبداد منتصرة، بل وأصبحت قدوة لغيرها في الانتصار على الظلم والديكتاتورية".

وتابع: "نعم توجد طبقة تأكل حيث جاع الشعب وتلبس حين يتعرى مواطنوها، ولا تُسئل عما تفعل مادامت متدثرة بغطاء رأس الدولة كأنهم جاءوا من دولة أخرى لا تريد لها (لتونس) ارتقاء أو سعادة".

ومضى قائلا: "هم الحانثون بالقسم والمؤمنة أرزاقهم شبع الشعب أم لفه الجوع.. وعلى شاكلة مَن سبقوهم بالانقلابات العسكرية في البلاد العربية طووا صفحة هذا القسم (العسكري) وخلع بعضهم بدلته العسكرية ليغسل خيانته للقسم، وبذلك ارتكب الخيانة والكذب".

ومنتقدا تكرار المشهد نفسه في أكثر من دولة عربية، أضاف "ندا": "لستم جديدين على العالم العربي ولو تغيرت أقنعتكم فهل ستستمر تمثيليتكم كما استمرت في بلاد الربيع الذي بدأته بلادكم؟ وإلى متى؟".

وتوجه إلى قيادات الجيش التونسي قائلا: "أحببت فقط أن أذكركم ليس بمعاني ما أقسمتم عليه، ولكن ما آلت إليه ضمائركم وأنتم إما تساندون مَن يختزل الدولة ومؤسساتها ببطشه بقيمها وكيانها واختزالها في رئاستها هو وأعداد تعد على اليد الواحدة منكم أو إنكم أصل البلية ولو تخفيتم خلف مدني ولو كان أكاديميا (سعيد أستاذ قانون دستوري)".

وبانتقاد حاد ختم حديثه قائلا: "لا أتساءل من منكم تفانى في خدمة الوطن والدفاع عن حوزته وحمى مؤسساته الشرعية، بل من منكم لم يساهم في هدمها عندما انقلب عليها من جاءت به مؤسساتها الشرعية والدستورية؟".

((4))

المصدر | الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

يوسف ندا تونس قيس سعيد الجيش انقلاب الربيع العربي

بعد توقيف سياسيين.. اعتقالات تونسية جديدة تطال قاضيين سابقين

اعتقالات تونس.. إحباط لتآمر على الدولة أم تعزيز لقبضة الرئيس؟

وزير خارجية تونس الأسبق رفيق عبدالسلام لـ"الخليج الجديد": الاعتقالات لن تزيد المعارضة إلا ثباتا

وزير خارجية تونس الأسبق رفيق عبدالسلام لـ"الخليج الجديد": عزلة سعيّد تتزايد ونهاية الانقلاب تقترب

احتجاجات تونس تحتدم.. قيس سعيد بين تسوية سياسية أو انفجار شعبي

أحمد نجيب الشابي لـ"الخليج الجديد": نريد حراكا تونسيا على الطريقة الجزائرية.. والأزمة تتجه نحو الحل

تونس.. جبهة الخلاص تدعو لمظاهرة حاشدة لإسقاط انقلاب قيس سعيّد