عام على حرب أوكرانيا.. القتال مستمر لحين تجهيز طاولة التفاوض

الأربعاء 22 فبراير 2023 12:24 م

لا تستمر أي حرب إلى الأبد، ولن تكون أوكرانيا الاستثناء، لكن ظروف التفاوض لم تنضج بعد في الحسابات الروسية والأمريكية، لذا يبدو أن الحرب ستتواصل وبشراسة أكبر في عامها الثاني حتى يجمع كل طرف أوراقا يرى أنها ستقوي موقفه على طاولة المفاوضات الحتمية، بحسب قراءة "الخليج الجديد" لتصريحات مسؤولين وتقديرات خبراء.

وبمناسبة الذكرى السنوية الأولى لشنه الحرب على جارته أوكرانيا في 24 فبراير/ شباط 2022، قال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، في خطاب الثلاثاء 21 فبراير/شباط 2023، إن بلاده تواجه اليوم خطرا وجوديا ومن المستحيل هزيمتها في أرض المعركة، وستتعامل "بشكل مناسب" تجاه تحويل الصراع إلى "مواجهة عالمية".

وهاجم القوى الغربيية بسبب ما قال إنه دورها في النزاع بين روسيا وأوكرانيا، واتهمها باستخدام النزاع في كييف للقضاء على موسكو.

الأسلحة النووية

وفي خطوة مفاجئة، أعلن بوتين "تعليق" مشاركة روسيا في معاهدة "ستارت الجديدة" مع الولايات المتحدة، والتي تضع قيودا على الترسانات النووية الاستراتيجية للبلدين.

وتابع: "لا ننسحب من معاهدة الأسلحة الاستراتيجية، ولكن نعلق مشاركتنا بداية من اليوم، ولو نفذت الولايات المتحدة تجارب نووية فسنفعل المثل، وسترد روسيا على أي تحدٍ تواجهه".

وبموجب المعاهدة، الموقعة عام 2010 وجرى تمديدها حتى 2026، تعهدت موسكو وواشنطن بعدم نشر أكثر من 1550 رأس نووية استراتيجية و700 صاروخ وقاذفة طويلة المدى كحد أقصى، علما بأنهما معا يمتلكان 90% من الرؤوس الحربية النووية في العالم.

وموضحا أبعاد هذه الخطوة، قال مدير معهد الدراسات السياسية الموالي للكرملين سيرجي ماركوف، لصحيفة "وول ستريت جورنال" الأمريكية، إن "هذا تحذير من بوتين بأنه قد ينسحب كليا من المعاهدة".

وتابع: "وخلال سنوات قد يكون هناك تغييرا هائلا من شأنه أن يقلل بشكل كارثي من الأمن النووي الأمريكي.. (روسيا) ستنتقل من صواريخ نووية أحادية الرأس إلى صواريخ برؤوس حربية متعددة".

تطبيع الحرب

وداخليا، دعا بوتين الروس إلى الوحدة، مع تطمينات بأن كل شيء على ما يرام بخصوص الاقتصاد، وأن المستقبل مشرق، بل واقترح منح المشاركين في الحرب إجازة لزيارة الوطن لمدة أسبوعين كل ستة أشهر.

واعتبرت الصحفية الروسية ماريا سلونيم، أن خطاب بوتين للروس يهدف إلى ترسيخ "الحرب كأسلوب حياة، وقاعدة الحياة في ظل بوتين"، بحسب تقرير نشره موقع "أوراسيا ريفيو".

فيما ذهب المحلل السياسي الروسي كيريل روجوف، إلى أن "الفكرة الرئيسية للخطاب، كما فهمتها، هي التطبيع.. تطبيع الحرب. تطبيع القمع. الجنازات والسجون".

رسائل بايدن

في اليوم التالي، وردا على خطاب بوتين، قال الرئيس الأمريكي جو بايدن في خطاب من وارسو، إن "ديمقراطيات العالم ستقف حارسة على الحرية اليوم وغدا وإلى الأبد.. يجب ألا يكون هناك شك: دعمنا لأوكرانيا لن يضعف، حلف شمال لأطلسي (الناتو) لن ينقسم ونحن لن نكل".

واعتبر أن "أوكرانيا تقف قوية" بعد عام من الغزو الروسي، وأن موسكو "لن تهزمها أبدا".

غير أنه حذر من "أيام صعبة ومريرة قادمة"، لكنه تعهد بأن الولايات المتحدة وحلفاءها "سوف يدعمون أوكرانيا" مع دخول الحرب عامها الثاني.

وهذا الخطاب جاء بعد زيارة مفاجئة قام بها بايدن إلى كييف، الإثنين، والتقى خلالها نظيره الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، وأعلن أن واشنطن "ستمد الجيش الأوكراني بمعدات هامة تشمل ذخيرة للمدفعية وأنظمة مضادة للدروع".

وحملت زيارة بايدن لكييف حزمة رسائل أبرزها: استمرار الدعم الأمريكي لأوكرانيا، وتأكيد التزام واشنطن بعدم إجراء أي "تسوية سيئة بشروط بوتين"، بحسب دانيال فرايد، وهو مساعد سابق لوزير الخارجية الأمريكي لشؤون أوروبا وأوراسيا.

أما بيتر ديكنسون، المحرر والباحث، فاعتبر أن "زيارة بايدن لكييف كانت تذكيرا مؤلما بأن بوتين فشل في تحقيق أهدافه العسكرية رغم اثني عشر شهرا من الجهود والخسائر الفادحة"، بحسب تقرير لمركز أبحاث "أتلانتك كوانسل".

تسليح صيني

ومع استمرار الحرب واحتمال تصاعدها، ثمة مخاوف في العواصم الغربية ولاسيما واشنطن من أن تزود الصين روسيا بالأسلحة، خصوصا وأن بكين تمتنع عن تأييد أو انتقاد الهجوم الروسي، وإن أعربت مرارا عن دعمها لموسكو في وجه العقوبات الغربية.

والإثنين، أعلن وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن، أن الصين تدرس تزويد روسيا بأسلحة، وأنه "تقاسم هذه المخاوف"، نهاية الأسبوع الماضي، مع نظيره الصيني "وانج يي" في ميونيخ على هامش مؤتمر حول الأمن.

لكن في اليوم نفسه، وصف المتحدث باسم الخارجية الصينية، وانج وينبين، الاتهام الأمريكي بأنه "معلومات زائفة"، مضيفا أن "الولايات المتحدة هي التي ترسل أسلحة إلى ساحة المعركة بدون توقف وليست الصين".

وتابع: "واضح للمجتمع الدولي من الذي يدعو للحوار ويقاتل من أجل السلام ومن يصب الزيت على النار"، مكررا الدعوة إلى دعم مقترح صيني لإنهاء الحرب.

ومن المقرر أن يزور وزير الخارجية الصيني موسكو الأربعاء/ ويلتقي نظيره الروسي سيرجي لافروف، وقد يجتمع معه بوتين، وفق الكرملين.

تقدير "الناتو"

تماما مثل بوتين، لا يعرف حلف شمال الأطلسي "الناتو" متى يمكن أن تنتهي المواجهة الراهنة مع موسكو، إذ قال أمينه العام ينس ستولتنبرغ، إنه "لا أحد يعرف اليوم كيف ومتى ستنتهي حرب روسيا ضد أوكرانيا".

واعتبر أن "هذا شكل خاص جدا من الحرب، حرب لم نشهدها منذ الحرب العالمية الأولى (1914-1948)، حيث يجري دفع موجات من البشر إلى خطوط القتال".

لكنه استدرك: "العديد من الحروب، وربما هذه الحرب أيضا، ستنتهي على طاولة المفاوضات، لكن ما يحدث حول طاولة المفاوضات يعتمد كليا على القوة في ساحة المعركة".

وأردف: "لذا إذا كنت (الغرب) تريد أن تتفاوض أوكرانيا كدولة ذات سيادة، وإذا كنت تريد حلا تفاوضيا سلميا غدا، فأنت بحاجة إلى تقديم الدعم العسكري اليوم".

وسبق وأن دعا ستولتنبرغ دول الحلف إلى الاستعداد لمواجهة طويلة محتملة مع روسيا "يمكن أن تستمر لسنوات عديدة".

موقف ألمانيا

وداعما ترجيحات استمرار الحرب، قال رئيس الاستخبارات الخارجية الألماني برونو كال، في تصريحات صحيفة الأربعاء 22 فبراير/شباط، إنه لا مؤشرات على الإطلاق على أن بوتين مستعد للتوصل إلى اتفاق سلام.

ورأى أن بوتين مهتم حاليا بإنهاء الصراع "في ساحة المعركة والحصول على أكبر عدد ممكن من المزايا هناك من أجل ربما إملاء اتفاق سلام بشروطه في مرحلة ما بالمستقبل".

وحذر من أن "روسيا لا تزال قادرة على إرسال المزيد من الجنود إلى الجبهة، لكن على الرغم من تفوقها من حيث العدد، إلا أن أوكرانيا لا تزال قادرة حاليا على الدفاع عن نفسها بشكل فعال للغاية.. وهذا صراع صعب على المدى الطويل ولن تنجح كييف إلا إذا استمر دعم الغرب حقا".

ومع الاستمرار المحتمل للحرب إلى حين، تبدو تقديرات الخسائر البشرية الراهنة مرشحة للارتفاع، إذ تتراوح حاليا بين 180 ألف إلى 200 ألف قتيل وجريح وروسي، و100 ألف قتيل وجريح أوكراني، إلى جانب مليارات الدولارات من الخسائر، بحسب تقديرات مسؤولين أمريكيين وأوروبيين.

المصدر | الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

أوكرانيا الحرب بوتين بايدن روسيا التفاوض الولايات المتحدة

الصين تكشف عن رؤية من 12 بندا لتسوية الأزمة الروسية الأوكرانية

حرب روسيا وأوكرانيا.. كيف يمكن أن تؤثر عسكريا على إسرائيل والسعودية؟

"فاطميون" و"زينبيون".. هل يستعين بوتين بمرتزقة إيران في أوكرانيا؟

عبر الإمارات.. دير شبيجل: الصين تزود روسيا بطائرات بدون طيار

ميدفيديف يلوّح بمواجهة خارج أوكرانيا ويحذر من كارثة نووية

في الولايات المتحدة.. طيارون أوكرانيون يختبرون قيادة مقاتلات "إف-16"

كيف يتحمل اقتصاد 5 سنوات من العقوبات؟.. خطة روسية من 3 عناصر