رغم الرغبة القديمة.. لماذا لم يقدم بوتين على غزو أوكرانيا إلا في 2022؟

السبت 25 فبراير 2023 04:47 م

"لماذا غزا الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، أوكرانيا وحاول الاستيلاء على كييف في فبراير/شباط 2022، وليس قبلها بسنوات؟ رغم أن رغبة موسكو في الهيمنة على أوكرانيا قديمة، وهو ما كان واضحا في خطابات بوتين وكتاباته".

يحاول "أناتول ليفن" الإجابة على هذا التساؤل في تحليل نشرته صحيفة "الجارديان" وترجمه الخليج الجديد، يوضح من خلاله أسباب اكتفاء بوتين بضم شبه جزيرة القرم، وتقديم مساعدة محدودة شبه سرية للانفصاليين في دونباس، بعد الثورة الأوكرانية عام 2014، وعدم محاولة الاستيلاء على كل أو معظم البلاد.

وكان بوتين قد تعرض لانتقادات متشددين روس، لعدم غزوه أوكرانيا حينها، في ظل ضعف الجيش الأوكراني؛ ووجود رئيس أوكراني موال لموسكو ومنتخب ديمقراطيا، وتوفر ذرائع تبرر الغزو حال الإقدام عليه، ومنها مقتل متظاهرين موالين لروسيا في أوديسا.

وهنا يوضح "ليفن" في تحليله أن سبب ضبط بوتين لنفسه يعود إلى الاستراتيجية الروسية التي يعود تاريخها إلى التسعينيات، وهي محاولة شق مسافة أكبر بين أوروبا والولايات المتحدة، والعمل على إنشاء نظام أمني جديد في أوروبا مع روسيا كشريك كامل وقوة محترمة.

لذا، كان من الواضح دائمًا أن غزوًا واسع النطاق لأوكرانيا من شأنه أن يدمر أي أمل في التقارب مع الأوروبيين الغربيين، ويدفعهم في المستقبل المنظور إلى أحضان الولايات المتحدة فضلا عن جعل روسيا معزولة دبلوماسياً ومعتمدة بشكل خطير على الصين.

وسابقا، كان "بوتين" يرى صوابية هذه الفكرة، وكتب في عام 2012 أن: "روسيا جزء عضوي لا ينفصل عن أوروبا الكبرى، وعن الحضارة الأوروبية الأوسع. يشعر مواطنونا بأنهم أوروبيون"، لكن لاحقا تخلى عن هذه الرؤية لصالح مفهوم روسيا باعتبارها "حضارة أوراسية" منفصلة، خاصة بعد عدة خيبات أمل عاشتها روسيا مع الغرب.

وعمليا، اقترح "ميدفيدف" 2008- 2012 بموافقة "بوتين" معاهدة أمنية أوروبية من شأنها أن تجمد توسع الناتو، وتضمن فعليًا حياد أوكرانيا وغيرها.

لكن الدول الغربية بالكاد تظاهرت بأخذ هذه المقترحات على محمل الجد، وفي 2014 كان لتحذيرات "أنجيلا ميركل" دور في إقناع "بوتين" بوقف دعم تقدم الانفصاليين في دونباس كما رفضت ألمانيا تسليح أوكرانيا.

وفي 2016، انتعشت آمال موسكو بحدوث انقسام بين أوروبا وأمريكا مع قدوم "ترامب" لكن انتخاب "بايدن" أعاد توحيد الإدارة الأمريكية ومؤسسات أوروبا الغربية مرة أخرى. وشهدت هذه السنوات أيضًا رفض أوكرانيا لضمان الحكم الذاتي لمنطقة دونباس، وفشل الغرب في ممارسة أي ضغط على كييف للقيام بذلك.

ويشير التحليل إلى أن تطورات أخرى جعلت "بوتين" يقرر رفع الأمور المتعلقة بأوكرانيا إلى ذروتها، وشمل ذلك الشراكة الاستراتيجية بين الولايات المتحدة وأوكرانيا في نوفمبر/تشرين الثاني 2021، والتي أظهرت احتمالية أن تصبح أوكرانيا حليفًا مدججًا بالسلاح للولايات المتحدة، كما أن الأوروبيون ألمحوا أن اتفاقية مينسك2 كانت لإلهاء موسكو.

ويكشف "ليفن" أن "بوتين" استمر في الضغط على الرئيس الفرنسي "إيمانويل ماكرون"، حتى عشية الغزو تقريبًا، لدعم معاهدة الحياد لأوكرانيا والتفاوض مباشرة مع القادة الانفصاليين في دونباس، دون جدوى.

ويشير التحليل إلى أن هذه التطورات جعلت "بوتين" يتفق تمامًا مع القوميين الروس المتشددين على أنه لا يمكن الوثوق بأي حكومة غربية، وأن الغرب ككل معادي بشدة لروسيا.

ومع ذلك، لا يزال "بوتين" عرضة للهجوم من هؤلاء المتشددين أنفسهم، بسبب عدم الكفاءة العميقة التي تم بها تنفيذ الغزو.

وفي هذا السياق المتشدد، يصبح الأمر أكثر صعوبة على "بوتين" في السعي لتحقيق أي سلام لا يظهر على الأقل بعض مظاهر الانتصار الروسي.

المصدر | أناتول ليفن/ الجارديان – ترجمة وتحرير الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

بوتين أوكرانيا دونباس الغرب

عبر الإمارات.. دير شبيجل: الصين تزود روسيا بطائرات بدون طيار