اجتماع العقبة لن يقود لنتائج ملموسة.. خبراء يتوقعون وعودا بلا ضمانات وتهدئة وليس هدنة

الأحد 26 فبراير 2023 11:59 ص

"اجتماع العقبة لن يقود إلى نتائج ملموسة".. هكذا توقع خبراء وسياسيون نتائج الاجتماع السياسي الأمني الفلسطيني الإسرائيلي، الذي انطلق، الأحد، بحضور مصر والأردن والولايات المتحدة، لافتين إلى أنه يهدف إلى توفير الهدوء خلال شهر رمضان المقبل.

ويؤكد المحللون أنه في ظل حكومة إسرائيل اليمينية الحالية، فإنها لن تلتزم بنتائج الاجتماع، ولن توقف الاستيطان واقتحامات المستوطنين للمسجد الأقصى، واقتحام المدن الفلسطينية.

ووفق وسائل إعلام فلسطينية وعبرية وأردنية، فإن الاجتماع سيبحث التهدئة خصوصا مع اقتراب شهر رمضان، لكن وسائل إعلام عبرية قالت إنه سيناقش خطة أمريكية للقضاء على المقاومة في الضفة الغربية.

وتعقد "قمة العقبة" الأمنية، الأحد، تزامناً مع رفض شعبي واسع، إضافة إلى تصاعد الجرائم الإسرائيلية بحق الشعب الفلسطيني، بعد مرور 20 عاماً على انعقادها في نفس المكان، وبرعاية أمريكية أيضاً، قبل أن تنهار بسبب عدم التزام إسرائيل بها.

ففي يونيو/حزيران 2003، استضاف الأردن، تحت رعاية الملك عبدالله الثاني، قمة العقبة التي جمعت الرئيس الأمريكي حينها جورج بوش، برئيسي الوزراء الإسرائيلي آنذاك أرييل شارون، والرئيس الفلسطيني محمود عباس، لبحث تنفيذ خطة السلام المعروفة باسم "خريطة الطريق"، لكن التدهور استمر على الأرض ولم تلتزم إسرائيل بقرارات القمة، وأعلنت فصائل المقاومة الفلسطينية الاستمرار بالتصعيد.

وأثار الإعلان عن مشاركة السلطة الفلسطينية في الاجتماع احتجاجات غاضبة في الأراضي الفلسطينية، إذ إنه يأتي بعد أيام من المجزرة التي ارتكبها جيش الاحتلال الإسرائيلي في مدينة نابلس، والتي استشهد فيها 11 فلسطينيا بينهم مقاومون.

وقد وصفت الفصائل الفلسطينية في غزة المشاركين في الاجتماع بالخارجين عن الإجماع الوطني، وأكدت أنها ستعقد اليوم اجتماعا طارئا بغزة.

بيد أن السلطة الفلسطينية قالت إن وفدها "سيؤكد على ضرورة وقف جميع الإجراءات الإسرائيلية أحادية الجانب"، بما في ذلك العمليات العسكرية في الضفة الغربية المحتلة.

ومن المقرر أن تتضمن القمة الأمنية، عرض خطة المنسق الأمريكي مايك فينزل للتهدئة، التي بدأت خطواتها الفعلية في 20 فبراير/شباط الجاري، حيث وافقت القيادة الفلسطينية على سحب مشروع قرار أمام مجلس الأمن يدين الاستيطان، وقبلت بدلاً منه ببيان رئاسي استبدل بإدانة الاستيطان "الشعور بالاستياء والقلق منه".

في المقابل، قالت صحيفة "يديعوت أحرونوت" العبرية (خاصة) إنه من المتوقع أن تناقش الأطراف في قمة العقبة الخطة الأمريكية لخفض حالة التوتر في الضفة الغربية، وإنهاء المقاومة المسلحة فيها.

وأضافت أن الخطة الأمريكية تتضمن وقف إسرائيل الخطوات الإضافية الأحادية الجانب في ما يتعلق بالمستوطنات، مقابل وقف السلطة خطواتها ضد إسرائيل في الأمم المتحدة.

من جانبه، يستبعد مدير مركز القدس للدراسات التابع لجامعة القدس أحمد رفيق عوض، أن تخرج قمة العقبة بأي نتائج ملموسة على الأرض.

ويعلل عوض رأيه، لوكالة الأناضول، بالقول إن "إسرائيل لا تحترم تعهداتها، ونسفت قبل أيام تعهدات توصلت إليها مع السلطة الفلسطينية والولايات المتحدة، واقتحمت نابلس وقتلت 11 فلسطينيا وجرحت 100".

ويضيف: "الحكومة الإسرائيلية الحالية بسبب تركيبتها وأيديولجيتها لن تعطي السلطة الفلسطينية شيئا، فهي لا تحترم السلطة ولا تقيم لها وزنا وترغب بإضعافها وإفقارها وإحراجها".

ويستطرد عوض: "لا يوجد ضامن لنتائج الاجتماع، فأمريكا أثبتت أنها داعم لإسرائيل، والأطراف العربية لا تستطيع أن تعطي ضمانات للسلطة الفلسطينية، وبالتالي لن تؤدي القمة إلى نتائج، وإذا كان هناك نتائج سوف تكون غامضة ولن تُحترم أصلا".

ويتابع: "نتائج القمة ستكون عبارة عن وعود غامضة وفضفاضة ولا ضامن لها، فلن تتعهد إسرائيل بوقف الاستيطان ولا الاقتحامات للمدن الفلسطينية ولن تتوقف عن اقتحام المسجد الأقصى".

و"إذا كان هناك شيء يمكن أن تتعهد به إسرائيل" وفق عوض فهو "مؤقت خلال شهر رمضان، لأن إسرائيل تريد الهدوء خلال رمضان، وبالتالي هذه قمة لخدمة إسرائيل أكثر مما هي لخدمة الفلسطينيين".

متفقا مع عوض، يرجح أستاذ العلوم السياسية في جامعة النجاح الوطنية عثمان عثمان، أن نتائج القمة لن تكون في صالح الفلسطينيين، بالرغم من كل محاولات تسويق ذلك.

ويقول إن "إسرائيل لن تلتزم بأي مخرجات عن القمة.. لن تلتزم في ظل الحكومة الحالية بوقف الاستيطان، فالحكومات المعتدلة في إسرائيل لم توقف الاستيطان".

ويعتبر عثمان أن "الهدف من هذه القمة هو ضرب المقاومة المسلحة في جنين ونابلس (شمالي الضفة) وكبح جماحها قبل شهر رمضان"، بحسب الأناضول.

ويزيد أن مشاركة الوفد الفلسطيني تؤكد بأنه لا يوجد قرار سيادي فلسطيني قطعيا، والسلطة تابعة إما للولايات المتحدة وإسرائيل أو المنظومة العربية التي تسمى "معتدلة"، وتدور في فلك الولايات المتحدة، مثل مصر والسعودية والأردن.

وقرار المشاركة، وفق عثمان، اتُخذ بشكل فردي من جانب الرئيس محمود عباس، وهو قرار مناف لتوجهات الشعب الفلسطيني وللهبة الجماهيرية الشعبية التي تتصاعد.

بدوره، يقول المختص في الشأن الإسرائيلي عصمت منصور إن ما جمع هذه الأطراف في هذا التوقيت هو خشيتهم من تفجر الأوضاع مع اقتراب رمضان.

ويضيف أن هذه القمة جاءت للضغط على السلطة الفلسطينية لترويضها، وكي تتلاءم مع الحكومة الإسرائيلية اليمينية الحالية وتلبي كل المتطلبات الأمنية لإسرائيل وبقاء الوضع على ما هو عليه، على أمل أن يمر رمضان بهدوء، وبعدها لكل حادث حديث.

وعن المدى الزمني المتوقع لهذه الخطة الأمنية، يعتبر منصور أنه "قصير، وستتعامل معها إسرائيل بانتقائية ودون جدية، ودون أن تُلزم نفسها بصيغ واضحة"، مضيفا: "كأن يقال: تقليص الاقتحامات، وهذا يخضع للتفسير دون إشارة واضحة إلى وقف الاقتحامات".

ويتابع أن إسرائيل تعتبر أن القمة لا تخصها، وإنما تخص السلطة الفلسطينية وحفاظها على الأمن في مناطقها، وكأن هذا الشأن لا يخص إسرائيل حتى لا تقدم التزامات مقابل ذلك.

ومتفقا مع عوض وعثمان، يختم منصور بأن "إسرائيل لن تقدم تعهدات بتوفير تسهيلات للسلطة ووقف الاستيطان والاقتحامات في ظل الحكومة الحالية، فإسرائيل لن تقدم شيئا في القمة، وفي الوقت نفسه لن توقف هذه القمة التشكيلات المسلحة في الضفة الغربية".

ومنذ بداية العام الجاري، قُتل ما يزيد على 60 فلسطينيا برصاص إسرائيلي، بينهم 11 خلال اقتحام الجيش الإسرائيلي مدينة نابلس شمالي الضفة الغربية الأربعاء.

وردا على هذه الاعتداءات، ينفذ فلسطينيون عمليات إطلاق نار، لاسيما في مدينة القدس الشرقية المحتلة، ما أودى إجمالا بحياة 10 إسرائيليين.

ويقول الفلسطينيون إن إسرائيل تعمل على تهويد القدس الشرقية وطمس هويتها العربية والإسلامية، ويتمسكون بالمدينة عاصمةً لدولتهم المأمولة، استنادا إلى قرارات الشرعية الدولية التي لا تعترف باحتلال إسرائيل لها عام 1967 ولا بضمها إليها في 1981.

كما يشعر الأردن بالقلق من التوسع في بناء المستوطنات اليهودية، واتهم إسرائيل بمحاولة تغيير الوضع القائم في المواقع المقدسة في القدس وهو اتهام تنفيه إسرائيل.

وأدت عودة نتنياهو للسلطة إلى زيادة القلق العربي بشأن السياسات التي تشمل زيادة وتيرة الاستيطان وتشديد الإجراءات الأمنية في الأراضي الفلسطينية في الضفة الغربية.

وتعتبر معظم القوى العالمية والقوى العربية المستوطنات التي شيدتها إسرائيل على أراض احتلتها في حرب عام 1967 غير قانونية، بينما ترفض إسرائيل ذلك وتستشهد بروابط توراتية وتاريخية وسياسية بالضفة الغربية فضلا عن مصالح أمنية.

المصدر | الخليج الجديد + وكالات

  كلمات مفتاحية

قمة العقبة إسرائيل فلسطين تهدئة رمضان

قمة العقبة.. اتفاق فلسطيني-إسرائيلي على وقف التصعيد والاجتماع مجددا بشرم الشيخ

ترحيب أمريكي أوروبي أردني بنتائج قمة العقبة.. ودعوات للتنفيذ ووقف التصعيد

"قمة العار".. وسم عربي غاضب من اجتماع العقبة الأمني مع إسرائيل