استطلاع رأي

أي من هذه الدول تمارس الدور الأكثر إيجابية في حرب غزة؟

السعودية

مصر

قطر

إيران

تركيا

أهم الموضوعات

طبقات اليمين الإسرائيلي وبصيرة دا سيلفا

عن أوهام التفاؤل الأميركي

أزمة اقتصاد مصر وانتظار الفرج من الخارج

نحو وقف الحرب على غزة

سيناريو اليوم التالي للحرب

ما هي الجماعات الاستيطانية الإرهابية؟

الجمعة 3 مارس 2023 03:11 م

ما هي الجماعات الاستيطانية الإرهابية؟

منحت كل من وزارة التعليم وجامعة «بار إيلان» الحاخام جزنبرغ في 2019، جائزة «الإبداع الفقهي»!

أجمعت وسائل الإعلام الإسرائيلية على أن معظم أعضاء «فتية التلال» الذين هاجموا حوارة قدموا من مستوطنة يتسهار التي يقطنها الحاخام جزنبرغ.

تعمل هذه التنظيمات في جميع مناطق الضفة الغربية، لكنها تنشط بشكل خاص في المستوطنات التي تتواجد فيها المرجعيات الدينية المحرضة لها.

أفظع الجرائم التي ارتكبها «شارة ثمن» كانت إحراق عائلة دوابشة في قرية «دوما»، قضاء نابلس، أواخر يوليو 2015، التي نفّذها الإرهابي عميرام بن أويل.

عَدّ جزنبرغ إحراق عائلة دوابشة «فريضة شرعية»، وألّف المصنف الفقهي «تبارك الرجل» حول مسوغات فقهية تجعل منفذ مجزرة المسجد الإبراهيمي في 1994، من «الصديقين».

* * *

سلَّط الهجوم الوحشي الذي شنه المستوطنون اليهود مؤخرا، على بلدة حوارة، جنوبي نابلس، والفظائع التي ارتكبوها، والتي شملت إحراق عشرات المنازل والسيارات، الأضواءَ على الجماعات اليهودية المسلحة التي تستهدف الفلسطينيين في الضفة الغربية. ويستدعي هذا التطور غير المسبوق الإحاطة بالانتماءات التنظيمية لهذه الجماعات، ومنطلقاتها العقائدية، وتوجهاتها «الفقهية»، ومرجعياتها الروحية، وقياداتها السياسية، ورقعة فعلها الجغرافية، وميكانيزمات عملها.

يعد تشكيل «فتية التلال» أكثر الجماعات الاستيطانية حضوراً في مجال ممارسة الإرهاب والعنف ضد الفلسطينيين. وقد تشكل هذا التنظيم عام 1998، رداً على اتفاق «واي ريفر» أو «واي بلانتيشن»، الذي تم التوصل إليه بين حكومة بنيامين نتانياهو الأولى والسلطة الفلسطينية.

حيث أخذ التشكيل على عاتقه مهمة السيطرة على الأراضي الفلسطينية الخاصة في أرجاء الضفة الغربية، وتدشين بؤر استيطانية عليها بدون إذن حكومة وجيش الاحتلال، بهدف تكريس حقائق على الأرض تجعل من المستحيل التوصل لتسوية «سلمية» للصراع.

وقد كان من بين المبادرين إلى إطلاق هذا التشكيل بتسلئيل سموتريتش، الذي يشغل حالياً منصب وزير المالية والاستيطان في الحكومة الحالية، ويقود حركة «الصهيونية الدينية»، حيث كان عمره في ذلك الوقت «17 عاماً».

وقد عمل التشكيل بدعم وتأييد من رؤساء مجالس المستوطنات اليهودية في الضفة الغربية، ووزراء في الحكومات المتعاقبة التي شكلها حزب الليكود.

وقد رأى قادة هذا التشكيل أن السيطرة على الأراضي الفلسطينية الخاصة تتطلب اعتماد العديد من الأدوات الهادفة إلى تقليص قدرة أصحاب الأرض على البقاء فوقها، وعدم تمكينهم من زراعتها، من خلال شنّ اعتداءات وحشية ضدهم.

وخلال العقد الأخير اتّجه هذا التشكيل إلى استغلال عمليات المقاومة التي تفضي إلى مقتل أو إصابة مستوطنين في تبرير شن هجمات انتقامية ضد القرى والبلدات الفلسطينية، وتدشين بؤر استيطانية جديدة، تحديداً في المكان الذي تقع فيه العمليات بهدف تحقيق هدف التشكيل الرئيسي المتمثل في إسدال الستار على أية فرص للتوصل لتسوية سياسية للصراع.

وقد انبثق عن «فتية تلال» تنظيم سري أكثر وحشية، وهو تنظيم «شارة ثمن» الإرهابي، الذي شنّ مئات العمليات الإرهابية، وشملت القتل، ومداهمة القرى والبلدات الفلسطينية، والاعتداء على المنازل، وإتلاف الممتلكات، فضلاً عن تعمّد إحراق المساجد والكنائس في الضفة الغربية وفلسطين الداخل.

وإن كان تنظيم «فتية التلال» يعمل علناً ولا يخفي هوية أعضائه، فإن «شارة ثمن» يمتاز بالعمل السري والعمل بشكل أساسي في الليل، مع أخذ احتياطات أمنية تهدف إلى عدم الكشف عن آثار منفذي العمليات.

ولعل أفظع الجرائم التي ارتكبها «شارة ثمن» كانت إحراق عائلة دوابشة في قرية «دوما»، قضاء نابلس، أواخر يوليو 2015، التي نفّذها الإرهابي عميرام بن أويل، ورجم المواطنة الفلسطينية عائشة الرابي (45 عاماً) في مايو 2020 حتى الموت، بينما كانت خلف مقود سيارتها، عندما كانت تمر في حاجز «زعترة»، شرق بلدة «سلفيت»، شمال غرب الضفة الغربية.

ورغم أنه الصعب بمكان تحديد أعداد الذين ينضوون تحت لواء «فتية التلال»، حيث لم يسبق أن قدمت الأجهزة الأمنية الإسرائيلية تقديرات رسمية حول ذلك، فإن هذا التشكيل يتمكن من تجنيد المئات من العناصر في تنفيذ فعالياته العدوانية والإرهابية، كما حدث في حوارة.

ولعل من أهم العوامل التي لعبت دوراً مركزياً في ظهور هذه التشكيلات وجود مرجعيات دينية لا تدعم فقط أنشطتها وتحث عليها، بل إنها شرعت في عملية «تأصيل فقهي» واسعة، لتسويغ هذه الجرائم وإسباغ مسوغات دينية عليها.

ولعل أهم المرجعيات التي لعبت دوراً في عملية التأصيل الفقهي هذه هو الحاخام إسحاق جزنبرغ، الذي يقطن «مستوطنة يتسهار»، التي تقع في محيط نابلس.

فقد عد جزنبرغ إحراق عائلة دوابشة «فريضة شرعية»، كما ألف المصنف الفقهي «تبارك الرجل»، الذي أحصى فيه المسوغات الفقهية التي تجعل باروخ غولدشتاين، منفذ مجزرة المسجد الإبراهيمي في 1994، من «الصديقين». وقد منحت كل من وزارة التعليم وجامعة «بارإيلان» الحاخام جزنبرغ في 2019، جائزة «الإبداع الفقهي».

وفيما يتعلق بالبعد الجغرافي لعمل هذه التنظيمات، فإنها تعمل في جميع مناطق الضفة الغربية، لكنها تنشط بشكل خاص في المستوطنات التي تتواجد فيها المرجعيات الدينية المحرضة لها.

فقد أجمعت وسائل الإعلام الإسرائيلية على أن معظم أعضاء «فتية التلال» الذين هاجموا حوارة قدموا من مستوطنة «يتسهار»، التي يقطنها الحاخام جزنبرغ.

ورغم أنه لا يوجد قيادة سياسية تتحدث رسمياً باسم «فتية التلال»، فإن هناك إجماعاً في إسرائيل على أن سموتريتش مازال السياسي الأكثر تأثيراً على هذا التنظيم. ولعل هذا ما يفسر ما قاله زعيم المعارضة الإسرائيلية يائير لابيد، بعيد الاعتداء على حوارة، حيث أكد أن «العصابات التي يقودها سموتريتش هي التي تتولى إحراق حوارة».

وقد عبّر سموتريتش عن تعاطفه مع منفذي الفظائع في «حوارة»، حيث سجل إعجابه بتغريدة كتبها أحد قادة المستوطنين في الضفة، دعا فيها إلى «محو حوارة». ورغم أن سموتريتش أزال إعجابه بالتغريدة، تحت ضغط نتانياهو، فإنه عاد ليبرر خطوته، حيث قال إنه يفضل أن تقوم «دولة إسرائيل بمحو» البلدة.

لكن لا خلاف على أن نتائج الانتخابات الأخيرة وصعود الحكومة الحالية التي تعتمد على دعم قوى اليمين الديني المتطرف، التي تطالب بحسم الصراع مع الشعب الفلسطيني، على كل الصعد، يعد أهم تحول سياسي أسهم وسيُسهم في توفير الظروف التي تضمن إضفاء شرعية على الجرائم التي ترتكبها هذه التشكيلات، حيث بات مؤسسوها جزءاً من دائرة صنع القرار في إسرائيل.

*د. صالح النعامي باحث متخصص في الشأن الإسرائيلي

المصدر | الوطن

  كلمات مفتاحية

إسرائيل إرهاب استيطان شارة ثمن فتية التلال الجماعات الاستيطانية الإرهابية إحراق عائلة دوابشة الحاخام جزنبرغ مستوطنة يتسهار الصهيونية الدينية