الأعين على اليمن ولبنان والعراق.. كيف يحد الاتفاق السعودي الإيراني من توترات المنطقة؟

الأحد 12 مارس 2023 12:23 م

مع الإعلان عن التقارب السعودي الإيراني، اتجهت جميع التحليلات لربطه بمدى انعكاسه على الملف اليمني المثقل بدماء حرب ضروس أشعلها وكلاء طهران منذ 8 أعوام.

لكن ملفي لبنان والعراق لا يقلان أهمية عن الملف اليمني، ليكشف الإعلان السعودية الإيراني عن عودة العلاقات الثنائية، مدى القدرة على تقليل التوترات في الشرق الأوسط، بعد سنوات من خلافات عميقة بين وكلاء الرياض وطهران في البلدان الثلاثة.

وتعد إيران والسعودية أبرز قوتين إقليميتين في الخليج، وهما منذ سنوات على طرفي نقيض في معظم الملفات الإقليمية، كان أكثرها اشتعالا في اليمن، في الوقت الذي حافظت فيه كل من الرياض وطهران على نفوذ كبير داخل لبنان والعراق، وسط إعلان كل طرف دعمه لفصيله.

وبعد نحو 7 سنوات من القطيعة، جاء إعلان السعودية وإيران، الجمعة الماضي، أنهما اتفقتا على استئناف العلاقات الثنائية، وإعادة فتح السفارتين والبعثات الدبلوماسية خلال مدة أقصاها شهران.

وأعربت كلا البلدين عن حرصها على بذل كافة الجهود لتعزيز السلم والأمن الإقليمي والدولي، وأكدتا على احترام سيادة الدول وعدم التدخل في شؤونها الداخلية، ما فتح الباب أمام تكهنات المراقبين أن يعزز هذا التقارب حل أزمات في الشرق الأوسط.

في هذا التقرير، يستعرض "الخليج الجديد" تداعيات الاتفاق على الأوضاع في البلدان الثلاثة (اليمن- لبنان- العراق):

الحرب في اليمن

يرجع الربط الوثيق لإعلان التقارب السعودي الإيراني والحرب في اليمن، إلى إدراك الجميع أن مفاتيح إنهاء الانقلاب وتحقيق تفاهم موضوعي مع ميليشيات الحوثي، تكمن في حقيبة النظام الإيراني، مع رغبة الجميع في إغلاق ملف الحرب الذي طالت مأساته واتسعت مقاساته.

هذا الربط عبرت عنه إيران بشكل واضح عبر بيان صادر عن ممثليتها لدى الأمم المتحدة، حين قالت إن استئناف العلاقات السياسية مع السعودية، سيسرع من التوصل لإنهاء الحرب في اليمن، وانطلاق الحوار الشعبي في هذا البلد، وقيام حكومة وطنية شاملة أيضا.

حيث تمتلك الدولتان أوراقًا كثيرة تستطيعان من خلالها أن تدفعا طرفي الأزمة إلى الجلوس معًا من أجل الوصول إلى تفاهمات لإنهاء الصراع والحرب الأهلية اليمنية.

ومنذ أكثر من 8 سنوات يشهد اليمن حربا مستمرة بين القوات الموالية للحكومة الشرعية، مدعومة بتحالف عسكري عربي تقوده السعودية، وقوات جماعة الحوثي المدعومة من إيران والمسيطرة على محافظات بينها العاصمة صنعاء (شمال) منذ سبتمبر/أيلول 2014.

وانتهت هدنة بين الطرفين في أكتوبر/تشرين الأول الماضي، لكن المحادثات السعودية مع الحوثيين في الأسابيع الأخيرة أثارت تكهنات بشأن صفقة قد تسمح للرياض بالانسحاب جزئيًا، وفقًا لدبلوماسيين مطلعين على مسار المفاوضات.

وقال العديد من المحللين، الجمعة، إن السعوديين ما كانوا ليوافقوا على تحسين العلاقات مع إيران من دون تنازلات بشأن دور طهران في اليمن.

ووفق مراقبين، ففي أعقاب اتفاقها الجديد مع السعودية، يمكن لإيران استخدام نفوذها على المتمردين الحوثيين لتشجيعهم على قبول التسوية، كما ستكون السعودية منفتحة على توقيع مثل هذا الاتفاق إذا تمكنت إيران من المساعدة في ضمان تخفيف المتمردين الحوثيين لهجماتهم على الأراضي السعودية.

وعلى مدى أشهر، أراد السعوديون من إيران أن تدفع الحوثيين إلى القبول، لذا فإن الصفقة السعودية الإيرانية قد تبشر باتفاق منفصل في اليمن.

ولعل ردود فعل الحوثيين على الاتفاق، والتي جاءت أكثر رصانة دبلوماسية، توحي بقرب التوصل لاتفاق ينهي الحرب، خاصة أن الناطق باسم الجماعة محمد عبدالسلام علق بالقول إن "المنطقة بحاجة إلى عودة العلاقات الطبيعية بين دولها".

هذه اللغة يساندها الموقف العام لداعميهم الإيرانيين، في حين عبرت الحكومة اليمنية عن ترحيبها بالاتفاق السعودي الإيراني، واستدركت في بيان للخارجية بأنها "مستمرة بالتعامل الحذر مع ‎طهران، حتى نلمس تغييراً حقيقياً في سلوكها".

الطائفية في لبنان

ومن اليمن إلى لبنان، حيث تمثل الأزمة السياسية في بيروت إحدى أكثر الأزمات التي قد تشهد انفراجة على خلفية الاتفاق السعودي الإيراني، خاصة أن البلد يشهد انقسامًا حادًا بين فريقين يرتبط كل واحد منهما بإحدى الدولتين (الرياض وطهران).

ووفق مراقبين، يمكن للسعودية وإيران أن تساعدا اللبنانيين على انتخاب رئيس جديد (المنصب شاغر منذ العام الماضي) وتشكيل حكومة جديدة، وترتيب الوضع الاقتصادي.

ومع تعثر الوصول إلى توافق حول مرشح رئاسي ينتشل البلد من أزمته، وعلى أنغام رفض قوى سياسية لمرشح "حزب الله" إلى رئاسة لبنان الوزير السابق سليمان فرنجية، تعول قوى سياسية على أن يقود ذلك الاتفاق إلى انفراجة في أزمة الشغور الرئاسي.

ولكن لا يزال هناك رهان لبناني على أن القوى الدولية مهتمة تفصيلياً بالملف اللبناني، إذ يراهن الساسة اللبنانيون على جملة معطيات بأن الدول مهتمة بلبنان بسبب وجود اللاجئين، وبسبب مصالح متعددة.

وهذا ما أكد عليه وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان، حين قال إن "لبنان يحتاج أن يعمل تقاربا لبنانيا ليس لبنانيا إيرانيا سعوديا"، مشددا على أهمية أن ينظر اللبنانيون إلى مصلحة بلدهم.

وأضاف بن فرحان: "في النهاية والبداية على لبنان أن ينظر لمصلحته، وعلى الساسة وهذه أقولها دائما أن يقدموا المصلحة اللبنانية على كل مصلحة.. ومتى ما حدث هذا، واتخذ قرار بلبنان لتقديم المصلحة اللبنانية والعمل على بناء الدولة اللبنانية فسيزدهر لبنان بالتأكيد والمملكة ستكون معه".

الأمر ذاته ذكره السفير الإيراني في لبنان مجتبي أماني، حين قال في تغريدة: "لبنان يحتاج إلى تقارب لبناني، وليس لتقارب إيراني سعودي".

لكن مراقبين قالوا إن حديث مسؤولي البلدين يستهدف في المقام الأول حث اللبنانيين على تجاوز الخلافات بينهما. ولا يستبعد المراقبون أن تظهر آثار الاتفاق السعودي الإيراني على الساحة اللبنانية بعد تقدم المسار الدبلوماسي بين البلدين، والتوافق حول العديد من القضايا والملفات العربية والإسلامية.

صراع النفوذ في العراق

وليس بعيدا عن لبنان، يتفق مراقبون أن الاتفاق بين السعودية وإيران على استعادة العلاقات الدبلوماسية سينعكس إيجابيا على الوضع في العراق في ظل الصراع الدائم على النفوذ في هذا البلد بين القوتين الأبرز في المنطقة.

ولعب العراق دورا بارزا في التوصل للاتفاق، بعد أن استضافت بغداد عدة جولات للحوار بين البلدين خلال العامين الماضيين.

والدولتان جارتان للعراق، وأي هدوء بينهما سينعكس على هذا البلد بالتأكيد، لكن بغداد ومع استشرافها لمزيد من الأمن والاستقرار بالمنطقة عقب توقيع الاتفاق، تنظر إلى حسابات سياسية داخلية ترتبط باتساع النفوذ الإيراني داخل البلاد خلال فترة القطيعة مع الرياض، وهو ما خلق نوعا من الاستقطاب الداخلي الحاد الذي انعكس سلبا على مقدرات العراق السياسية والاستراتيجية.

ولكن الأكيد أن هدوء الخصومة التقليدية بين السعودية وإيران سيصب في مصلحة العراق، خاصة أن هناك الكثير من الأطراف السياسية في البلاد تتصرف خارج نطاق الدولة وأحيانا تضغط على الحكومة لاتخاذ موقف سياسي من هذه الدولة أو تلك.

ويتوقع مراقبون أن تتراجع نبرة العداء ضد السعودية من قبل الفصائل الموالية لإيران.

وبعد عام 2003 نما النفوذ الإيراني في العراق بشكل تدريجي، لاسيما بفضل الروابط مع القيادات الشيعية التي تدير الآن الحياة السياسية العراقية.

ويتجلى النفوذ الإيراني خصوصا في الروابط الوثيقة التي تجمع طهران مع الحشد الشعبي (تحالف فصائل شيعية مسلحة ضمت إلى القوات الرسمية بعد الحرب ضد تنظيم الدولة وبات لها الآن دور سياسي أساسي).

ويملك تحالف الإطار التنسيقي الذي يمثل تلك القوى نحو 138 نائبا في البرلمان العراقي من أصل 329، ليكون بذلك أكبر قوة فيه.

ولكن يخشى البعض أن القوى الموالية لإيران في العراق لا تضمر العداء للسعودية بقدر ما هو عداء لتصرفاتها ولخطابها الإعلامي ومنهجها ضد الفصائل العراقية.

ولكن في ظل الانهيار الاقتصادي الذي يشهده العراق، هناك قناعة بفكرة الانفتاح على السعودية، أملا في جلب استثمارات خاصة في قطاع الطاقة والاتفاقات التجارية.

المصدر | الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

السعودية إيران لبنان العراق نفوذ الحرب في اليمن صراع نفوذ

بن فرحان يعلق على الاتفاق السعودي الإيراني: لا يعني حل كل الخلافات

صحيفة عبرية ترصد الرابحين والخاسرين من الاتفاق السعودي الإيراني.. ماذا قالت؟

خبراء: التقارب المفاجئ بين السعودية وإيران ليس "عصا سحرية" لحل الصراع باليمن

هل تم تهميش الحكومة اليمنية بعد الصفقة السعودية الإيرانية؟

لهذه الأسباب.. رهان السعودية على الانسحاب من اليمن عقب الاتفاق مع إيران "خاطئ"

حزب الله: الاتفاق الإيراني السعودي أسقط مشروع جعل إيران عدوًا بديلًا عن إسرائيل