انسحاب مصر من اتفاقية الحبوب.. استفادة غائبة وضرر مستبعد

الثلاثاء 14 مارس 2023 11:32 ص

أثار قرار مصر المفاجئ الانسحاب من اتفاقية تجارة الحبوب الدولية تساؤلات عديدة، لاسيما بشأن الكيفية التي ستؤمن بها وارداتهما في ظل معاناتها من شح الدولار ضمن أزمة اقتصادية ومالية حادة.

وهذه الاتفاقية تابعة للأمم المتحدة، وهي المعاهدة الدولية الوحيدة التي تغطي تجارة الحبوب، ووقّعت عليها 35 دولة عام 1995 بينها مستوردو ومصدرو حبوب رئيسيون منهم مصر والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي.

وتتكون من 34 مادة رئيسية، وتهدف إلى تعزيز التعاون الدولي في جميع جوانب تجارة الحبوب، وتشجيع التوسع في التجارة لتأمين أكبر تدفق ممكن للحبوب، والمساهمة في استقرار أسواق الدولية، وتوفير منتدى لتبادل المعلومات، وتعزيز شفافية السوق لزيادة التعاون التجاري.

توفير الدولار

وفي فبراير/ شباط الماضي، أخطرت مصر الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش بنيتها الانسحاب من الاتفاقية اعتبارا من نهاية يونيو/حزيران المقبل، حيث تنص المادة 29 من الاتفاقية على أن يكون الاخطار بالانسحاب قبل 90 يوما من نهاية السنة المالية.

وقالت الخارجية المصرية، في بيان، إن القرار اتُخذ بعد تقييم مشترك قامت به وزارتا الخارجية والتموين خلص إلى أن عضوية مصر في الاتفاقية "لا تنطوي على قيمة مضافة".

فيما أوضح وزير التموين علي المصيلحي، في تصريح صحفي، أن الانسحاب يهدف إلى "توفير العملة الصعبة (الدولار)".

ومصر من أكبر الدول المستورة للقمح وتعتمد بشكل رئيسي على استيراد الحبوب من روسيا، وتعاني من ارتفاع أسعار القمح في ظل عقوبات أمريكية أوروبية على موسكو جراء الحرب الروسية الأوكرانية المستمرة منذ أكثر من عام.

اتفاقية غير مجدية

ومفسرا قرار الانسحاب المصري، قال أحمد خزيم رئيس منتدى التنمية والقيمة المضافة إن الاتفاقية تنص على أن تساهم الدول ذات الفوائض في الحبوب بمعونة للدول النامية سنويا، وهو ما لم يحدث أبدا.

وعندما تعرضت مصر لأزمة جائحة كورونا، لم يقدم مجلس الاتفاقية للقاهرة أي معلومات عن أماكن لاستيراد القمح بميزة تفضيلية أو بأسعار جيدة، بل اكتفى بدور المتفرج، بحسب خزيم لهيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي).

وتابع أن الشفافية في إطار الاتفاقية كانت تتم انتقائيا واكتشفت مصر أنها لم تستفد منها وتدفع رسوم الاشتراك في الاتفاقية بالدولار ولكن بدون طائل.

تسهيلات أو انسحابات؟

ووفق المدير التنفيذي للمجلس الدولي للحبوب الذي يشرف على الاتفاقية أرنو بيتي فإن إخطار مصر بالانسحاب من الاتفاقية "حدث دون سابق إشارة"، بحسب رويترز.

وأضاف بيتي أن "عدة وفود من الدول الأعضاء في المجلس تشعر بالاندهاش والحزن إزاء القرار، وبعض الأعضاء سيطالبون مصر بإعادة النظر في قرارها".

وبشأن السيناريوهات المحتملة، قال مستشار وزير التموين المصري السابق الدكتور نادر نور الدين لـ"بي بي سي" إنه لا يزال هناك أربعة أشهر قبل تنفيذ قرار الانسحاب.

وأردف: إذا استطاعت الدول المصدرة تقديم تسهيلات للدول المستوردة أو مظلة حماية من الأسعار المرتفعة للحبوب، بعمل منح وقروض ميسرة أو تقديم الدعم، فمن الممكن أن تراجع مصر نفسها.

واعتبر نور الدين أنه إذا أتمت مصر انسحابها من اتفاقية تجارة الحبوب فإن ذلك قد يكون بمثابة كرة الثلج، التي قد تجر في طريقها دولا أخرى للانسحاب.

بدائل عديدة

ووفق الباحث الاقتصادي على الإدريسي، في حديث لصحيفة "البورصة" المحلية، فإن مصر كانت تعول على الاتفاقية لتوفير الحبوب بأسعار مناسبة، لاسيما في أوقات الأزمات الدولية، لكن طن القمح سجل العام الماضي سعرا قياسيا هو 500 دولار مقابل 300 دولار فى الظروف العادية.

وقال أستاذ الاقتصاد الزراعي الدكتور أشرف كمال لصحيفة "الأهرام" المصرية (حكومية) إن "مصر تعمل على تنويع مصادر الحصول على القمح. واستوردت القمح مؤخرا من  صربيا ورومانيا والهند، فضلا عن الدول الأخرى التقليدية مثل كندا وفرنسا الأرجنتين وروسيا".

وستبحث مصر، وفق "البورصة"، عن بدائل أقل تكلفة لتأمين احتياجاتها من القمح، ومن المتوقع أن تستخدم مع روسيا عملتيهما الوطنية فى توريد القمح إلى السوق المصري لتوفير الدولار.

وفي يناير/ كانون الثاني الماضي، أعلن البنك المركزى الروسى البدء فى تحديد أسعار الروبل مقابل مجموعة من العملات الأجنبية بينها الجنيه المصرى كعملات تبادل تجارى.

وقال عضو مجلس إدارة غرفة صناعة الحبوب المصرية كريم أبو غالى  لـ"البورصة" إن الانسحاب من الاتفاقية يشجع مصر على التوسع فى زراعة القمح، بما يخدم صناعات كثيرة تعتمد عليه كمادة خام وبينها المكرونة والمخبوزات.

وتسبب التأثير الاقتصادي للحرب الروسية الأوكرانية في تفاقم شح العملة الأجنبية في مصر، مما أدى إلى تباطؤ الواردات وتراكم البضائع في الموانئ، ودفع القاهرة إلى الحصول على حزمة دعم مالي جديدة بثلاثة مليارات دولار من صندوق النقد الدولي.

المصدر | الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

مصر حبوب اتفاقية انسحاب أسعار الحرب الدولار

محللون: انهيار سد كاخوفكا ضربة جديدة لأمن القمح في الشرق الأوسط