استطلاع رأي

أي من هذه الدول تمارس الدور الأكثر إيجابية في حرب غزة؟

السعودية

مصر

قطر

إيران

تركيا

أهم الموضوعات

طبقات اليمين الإسرائيلي وبصيرة دا سيلفا

عن أوهام التفاؤل الأميركي

أزمة اقتصاد مصر وانتظار الفرج من الخارج

نحو وقف الحرب على غزة

سيناريو اليوم التالي للحرب

رقصة الأشباح

الأربعاء 15 مارس 2023 05:08 ص

رقصة الأشباح

المعاهدات التى أبرمها المستوطنون البيض مع السكان الأصليين بعد بسط نفوذهم لم تنفذ أبدًا.

بدءًا من الخمسينيات أصدرت الحكومة الأمريكية سلسلة قوانين تقضى على المتبقى من الأراضى فى يد السكان الأصليين.

كانت الحكومة الأمريكية تجبر السكان الأصليين على الخروج من أراضيهم وسكنى المناطق الحضرية بدعوى الذوبان فى «البوتقة الأمريكية».

فتحت القوات الأمريكية النيران فكانت مذبحة راح ضحيتها 300 شخص، فضلا عن النساء والأطفال وكوفئ جنودها على تلك المذبحة بأرفع الأوسمة العسكرية.

* * *

خمسون عامًا مضت على أحداث مدينة وُونديد ني (الركبة المجروحة) الأمريكية التى اعتصم بها السكان الأصليون فى أوج حركتهم من أجل الحقوق المدنية. ففى نهاية فبراير 1973، اعتصم نشطاء الحركة بالمدينة مطالبين الحكومة الفيدرالية بتنفيذ المعاهدات المبرمة مع ممالكهم.

فتلك المعاهدات التى أبرمها المستوطنون بعد بسط نفوذهم لم تنفذ أبدًا. ثم راحت الحكومة بدءًا من الخمسينيات تصدر سلسلة قوانين تقضى على المتبقى من الأراضى فى يد السكان الأصليين. فهى كانت تجبرهم على الخروج منها وسكنى المناطق الحضرية بدعوى الذوبان فى «البوتقة الأمريكية».

لكن أحداث «وُونديد نى» تلك انتهت، مثلما انتهت أحداث أخرى سبقتها فى تاريخ السكان الأصليين عبر مقتل قياداتهم أو سجنهم. فالقوات الفيدرالية أحاطت بالمدينة، التى استمر اعتصامها أشهرًا عدة، إلى أن استسلمت بعدما تعهدت السلطات الأمريكية بفتح تحقيق فيما جرى.

والحقيقة أن منطقة «وُونديد نى» بولاية داكوتا الجنوبية لها رمزية خاصة لدى السكان الأصليين. فالمنطقة التى كانت ملكًا لمملكة «لاكوتا» شهدت مذبحة كبرى عام 1890 عُرفت باسم «مذبحة وونديد نى».

وكاتبة السطور تفضل استخدام تعبيرات كـ«ممالك» أو «أمم» السكان الأصليين، لا القبائل، لأنها التى لازمت السكان الأصليين منذ أن استخدمها رئيس المحكمة العليا الأمريكية فى حكم شهير صدر فى 1831. فهو لم يستعمل كلمة «القبائل» وإنما استخدم تعبير «أمم داخلية»، أى داخل الولايات المتحدة.

ففى منطوق الحكم، قال جون مارشال إن تلك الأمم ظلت «دومًا جماعات مستقلة ومتميزة» باستثناء واحد، هو أنه لا يحق لهم التعامل مع الدول الأخرى، إلا من خلال حكومة الولايات المتحدة.

فكانت بدايتها حين تعرضت مملكة لاكوتا للجوع والعطش نتيجة سرقة المستوطنين البيض قطاعات كبرى من أرضها ومياهها حتى صارت لا تملك سوى 20% فقط من أرضها التاريخية.

وكانت الحكومة الأمريكية قد فرضت عليهم فرضًا ترك لغاتهم الأصلية ودياناتهم وملابسهم التقليدية مقابل أن تقدم لهم حصصًا تموينية دورية.

لكن الكونغرس قلص، عام 1889، الميزانية المخصصة لتلك الحصص. وهو ما تزامن مع شتاء قارس أدى للمجاعة.

وإزاء تلك المحنة تبنى أبناء المملكة ما أُطلق عليه وقتها «رقصة الأشباح». و«رقصة الأشباح» وصلت أخبارها لتلك المملكة عبر ممالك أخرى كان أحد زعمائها أوصى بها. فهو حكى لأبناء مملكته أنه رأى فى منامه الآلهة تقول له إن عليهم الصبر والتعبد عبر رقصة دائرية بملابسهم الأصلية، يقومون فيها بطقوس ويكررون ترانيم بعينها.

وهم إن فعلوا سيزول شبح المستوطنين ويستعيدون أراضيهم وتعود الأوضاع كما كانت قبل الاستيطان. ولأن المستوطنين لم يفهموا لغة السكان الأصليين ولا طقوسهم فقد قابلوا تلك الرقصة بعنف شديد وحظروها فى تلك الممالك الأخرى قبل ذلك بسنوات قليلة. وهم فعلوا الشىء نفسه مع أهالى لاكوتا فحاصروها حتى استسلمت بعد مقتل زعيمها.

وقد عسكر المستسلمون قرب مدينة «وونديد نى» ليلا، لكن طلقة خرجت من بندقية أحدهم رفض تسليم سلاحه بالقوة ففتحت القوات الأمريكية النيران فكانت المذبحة التى راح ضحيتها ما لا يقل عن 300 شخص، فضلا عن النساء والأطفال.

أما جنود القوات الأمريكية فقد كُوفئوا على تلك المذبحة بأرفع الأوسمة العسكرية. وبعد كفاح مستمر من ممالك السكان الأصليين بإلغاء منح تلك الأوسمة، باعتبارها تدنس شرف العسكرية، وافق مجلس النواب العام الماضى على إلغائها، بعد أكثر من قرن كامل. لكن مجلس الشيوخ رفض المشروع، فعاد الموضوع برمته لنقطة الصفر.

*د. منار الشوربجي أستاذ العلوم السياسية المساعد، باحثة في الشأن الأمريكي

المصدر | المصري اليوم

  كلمات مفتاحية

أمريكا رقصة الأشباح مذبحة وُونديد ني السكان الأصليين القوات الأمريكية أمم داخلية مدينة وُونديد ني الحقوق المدنية