الصين لا تريد أن تكون "شرطي العالم" وستحقق السلام فقط حين يخدم مصالحها

الأحد 19 مارس 2023 07:10 ص

إن غزوات الصين في الشرق الأوسط وأوروبا لإبرام صفقات دبلوماسية هي جزء من جدول أعمالها للظهور كدولة يمكنها توفير بنية أمنية بديلة، والتي كانت السمة الأساسية لهيمنة واشنطن الحالية في النظام الدولي.

يرى مقال الكاتب عادل برار في "ذا برنت" أن الاتفاق الدبلوماسي السعودي الإيراني الأخير الذي توسطت فيه الصين والاجتماع القادم للرئيس شي جين بينج مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، والدردشة مع الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي هو مسار رؤية لتقويض النفوذ الأمريكي.

ويشير برار في مقاله الذي ترجمه "الخليج الجديد" إلى أن مبادرة الأمن العالمي تعد في قلب مهمة الصين الإستراتيجية لتطوير آليات أمنية بديلة وجذب دول بعيدة عن الولايات المتحدة، وأعلن عنها في 2021 لكن لم يتم تقديم الكثير من التفاصيل عنها.

ولكن أصدرت بكين كتابًا أبيض حول المبادرة في فبراير/شباط 2021، وجاء في البيان: "تهدف المبادرة إلى القضاء على الأسباب الجذرية للنزاعات الدولية، وتحسين حوكمة الأمن العالمي، وتشجيع الجهود الدولية المشتركة لتحقيق المزيد من الاستقرار واليقين في عصر متقلب ومتغير، وتعزيز السلام الدائم والتنمية في العالم".

ومؤخرا عند اختتام الحوار بين السعودية والوفود الإيرانية، قال وانج يي، مدير لجنة الشؤون الخارجية الصينية، إن المحادثات أصبحت "ممارسة ناجحة للتنفيذ القوي لمبادرة الأمن العالمي".

كما ذكر الكتاب الأبيض أن مبادرة الأمن العالمي تشمل استضافة "منتدى أمن الشرق الأوسط" كجزء من رؤية هندسة الأمن في بكين، وأن ثقة الأطراف في بكين تؤهلها لهذا الدور.

هندسة أمنية بديلة

يعتقد الكاتب أن المبادرة تسعى إلى تقديم الصين كضامن أمن بديل ومفاوض في النزاعات الدولية والنزاعات الدبلوماسية. ويرى أن الدول الكبرى تتحمل مسؤوليات مهمة بشكل خاص في الحفاظ على السلم والأمن الدوليين. وهي دعوة الدول الكبرى إلى أن تكون قدوة يحتذى بها في احترام المساواة وحسن النية والتعاون وسيادة القانون، والامتثال لميثاق الأمم المتحدة والقانون الدولي.

ويلفت برار إلى أن بكين أمضت سنوات في تنمية العلاقات الاقتصادية مع السعودية. وفي الواقع، تعد بكين الشريك التجاري الأكبر للرياض، حيث بلغت التجارة الثنائية بينهما 87.3 مليار دولار في عام 2021. وقد سمح التشابك الاقتصادي لبكين بالهمس في آذان الرياض التي ظلت ملتصقة بالبيت الأبيض لعقود.

والآن، يبدو أن الرياض مرتاحة في التحدث بجدية مع بكين حول مخاوفها الأمنية.

‌وعلى صعيد دول المنطقة يقتبس الكاتب عدة آراء ترى أن دول المنطقة لديها أمل أن تنتقل الصين من الدور الاقتصادي إلى المساهمة في حل المشكلات الأمنية.

وتهتم بكين أيضًا بتفاصيل كيفية إدارتها للدبلوماسية وقد كانت الوثائق والمفاوضات في بكين بين فرق سعودية وإيرانية وصينية باللغات العربية والفارسية والصينية فقط ولم تكن الإنجليزية حاضرة.

عالم جديد

أعطى نجاح المحادثات السعودية الإيرانية انطباعًا بأن بكين يمكنها التوسط في السلام بين روسيا وأوكرانيا. ولكن إذا افترضنا أن بكين تنوي أن تصبح صانع سلام رئيسيا، فإننا نناقض فهمنا لمبادرة الأمن العالمي.

ويضيف الكاتب أن الرئيس شي والرئيس بوتين أجريا عدة لقاءات افتراضية وشخصية منذ بدء الحرب في أوكرانيا قبل عام. ومن المرجح أن يغادر شي في رحلة إلى موسكو الأسبوع المقبل، هي الأولى له منذ بدء الحرب. لكن شي تجنب إجراء محادثات مع زيلينسكي بالرغم من الدعوات المتكررة للحوار من قبل الرئيس الأوكراني، حتى الآن.

ويتوقع برار أن يتحدث إلى زيلينسكي افتراضيًا، وفقًا لتقرير صادر عن صحيفة "وول ستريت جورنال"، وقد تكون هذه محاولة من قبل بكين للتفاوض على إنهاء المرحلة الحالية من الأعمال العدائية في أوكرانيا.

وعليه يمكن القول إن الصين قدمت نفسها كدولة تسعى إلى تعزيز الحوار في الحرب الروسية الأوكرانية فيما صوّرت الولايات المتحدة على أنها مورد الأسلحة.

يقول الخبراء إن بكين لا تريد أن تكون "شرطي العالم"، وربما تقتصر المنافسة بين الصين والولايات المتحدة في الغالب على غرب المحيط الهادئ، وهو عتبة الصين. بصرف النظر عن بحر الصين الجنوبي، حيث لا توجد منافسة كبيرة بين الصين والولايات المتحدة بشأن القضايا الأمنية، لأن الصين لا تنوي أن تصبح شرطيًا في العالم.

ويؤكد الكاتب بالنهاية أن الصين لا تريد أن تكون "شرطي العالم" لافتراض أن اللقب سيأتي بتكلفة تريد بكين تجنبها، وستشمل التكلفة التورط في مكافحة التمرد والحروب المحلية في منطقة مثل الشرق الأوسط.

ستحقق بكين السلام فقط حيث يتم خدمة مصالحها على أفضل وجه. ولن تكون خطة السلام الصينية المزعومة للحرب الروسية الأوكرانية صفقة كبيرة كما رأينا في الحالة السعودية الإيرانية.

المصدر | عادل برار | ذا برينت - ترجمة وتحرير الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

الصين إيران السعودية أوكرانيا شي

لملء الفراغ الأمريكي.. هل تجهز الصين لصفقات جديدة بالشرق الأوسط؟

عباس في الصين.. هل تلقي بكين بثقلها في عملية السلام؟