كيف تحولت المناطق الاقتصادية السعودية - العمانية من ساحة للتنافس إلى التعاون والتكامل؟

الأحد 19 مارس 2023 01:58 م

"يبدو أن المناطق الاقتصادية عنصر منطقي لتعميق التعاون بينهما"، هكذا يمكن وصف العلاقات الاقتصادية الجديدة بين السعودية وسلطنة عمان، بما يخدم مصالح البلدين.

ويشير تقرير معهد دول الخليج العربية في واشنطن، الذي ترجمه "الخليح الجديد"، إلى منتدى الاستثمار السعودي العماني الذي عقد أواخر يناير/كانون الثاني وأوائل فبراير/شباط، في الرياض، تحت شعار "الشراكة والتكامل".

ويلفت إلى أن المنتدى سعى إلى تعزيز الشراكات الاقتصادية طويلة الأمد بين البلدين، عبر توقيع اتفاقيات من بينها مذكرة تفاهم لتمويل إنشاء منطقة اقتصادية متكاملة في محافظة الظاهرة بالسلطنة.

كما وقعت الهيئة العامة للمناطق الاقتصادية الخاصة والمناطق الحرة في عمان اتفاقية مع سلطات المدن الاقتصادية والمناطق الخاصة في السعودية لزيادة جاذبية هذه المناطق في كلا البلدين.

وبدت الروابط الاقتصادية بين عمان والسعودية أقوى في السنوات الأخيرة، خاصة بعد التحولات السياسية التي قادها السلطان العماني هيثم بن طارق عقب تقلده منصبه في 2020، حيث أعيدت العلاقات بين البلدين الخليجيين بطريقة أكثر تعاونًا.

وتم افتتاح طريق بطول 450 ميلاً بين عُمان والسعودية في ديسمبر/كانون الثاني 2021؛ مما يعزز الاتصال بطريقة قد تعزز النشاط الاقتصادي في الأجزاء النائية من كلا البلدين.

وأصبحت الوفود التجارية والاستثمارية رفيعة المستوى من الوجوه المنتظمة للعلاقات العمانية السعودية، ويتزايد حجم وقيمة التبادل التجاري بين البلدين.

علاوة على ذلك، في أكتوبر/تشرين الأول 2022، أنشأ صندوق الاستثمارات العامة (صندوق الثروة السيادية السعودي)، مكتب استثمار إقليمي في عمان.

مصلحة مشتركة

غالبا لا تعمل المناطق الحرة في المنطقة والمناطق الاقتصادية الخاصة بشكل عام معًا بشكل وثيق، بل تتنافس على العملاء، وتقلل أسعار التسجيل والخدمات.

ومع ذلك، والحديث للتقرير ولعدة أسباب، فإن المسؤولين العمانيين والسعوديين لديهم مصلحة مشتركة في دعم نمو قطاعات المنطقة الاقتصادية لبعضهم البعض.

ويضيف: "تتمتع الإمارات بميزة واضحة في هذا المجال؛ مما يعني أنه ليس فقط للقطاعات المماثلة في دول الخليج الأخرى مساحة كبيرة لتعويضها، ولكن أيضًا من المرجح أن تكون معظم أوجه التعاون داخل المنطقة مع المناطق الاقتصادية الإماراتية غير متوازنة إلى حد كبير".

ويتابع: "كما أن المناقشات حول سلطة المنطقة الحرة بجبل علي في دبي، التي تتولى مسؤوليات إدارية على المنطقة الحرة بصلالة في سلطنة عمان، لم تذهب إلى أي مكان، حيث كانت عمان قلقة من فقدان سيادتها على منطقتها واستخدامها لنقل العملاء غير المرغوب فيهم".

ويزيد: "المناطق الاقتصادية الإماراتية التي تُعرف عمومًا بالمناطق الحرة أقدم، وأكثر عددًا، ومعروفة بين المستثمرين الدوليين، وتحتوي على شركات مسجلة أكثر من نظيراتها في دول الخليج الأخرى".

وتحقق الشركات في المنطقة الحرة بجبل علي وحدها ما يزيد عن 104 مليارات دولار من قيمة التجارة سنويًا، في حين أن القيمة الإجمالية لصادرات وواردات عمان الإجمالية بلغت 57.5 مليار دولار فقط في عام 2020.

كما أن من بين أسباب التقارب السعودي العماني، هو رغبة السلطنة في أن تكون وجهة تجارية واستثمارية أكثر جاذبية، فهناك اهتمام عالمي هائل بالفرص الاقتصادية المتاحة في السعودية؛ بسبب المشاريع الطموحة المرتبطة برؤية 2030 والدور المحلي الضخم لصندوق الاستثمارات العامة.

وأظهر استطلاع للرأي نشرته المجموعة المالية "هيرميس"، في أوائل مارس/آذار، أن المستثمرين والمديرين التنفيذيين يرون أن رؤية 2030 هي أهم مصدر لفرص الاستثمار الإقليمية.

وفي الواقع، تعمل عمان في الظل الاقتصادي لجارتها السعودية، حيث بلغ الناتج المحلي الإجمالي لسلطنة عمان 88.19 مليار دولار فقط في عام 2021، في حين استقر الناتج السعودي عند 833.54 مليار دولار.

قدرات عمانية

نظرًا لأن المناطق الاقتصادية تسهل التجارة والاستثمار في المنطقة، فإنها توفر لسلطنة عمان فرصة لتشجيع التداعيات الإيجابية من السوق الضخم المجاور.

ويتابع التقرير عن أسباب التقارب السعودي العماني، بالقول: "يمكن للمملكة الاستفادة من التعاون مع المناطق العمانية الأكثر رسوخًا، حيث أطلقت الحكومة السعودية مشاريع طموحة للمدن الاقتصادية في أوائل العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، وتشرف حاليًا على مدن صناعية مختلفة".

ومع ذلك، فإن مزيج البلاد من المناطق الحرة والمناطق الاقتصادية الخاصة لا يزال متخلفًا.

وفي الوقت نفسه، تمتلك عمان خبرة عميقة في تطوير وإدارة المناطق الحرة والمناطق الاقتصادية الخاصة، وتشرف الهيئة العامة للمناطق الاقتصادية الخاصة والمناطق الحرة العمانية، على المنطقة الاقتصادية الخاصة بالدقم، والمنطقة الحرة بصحار، والمنطقة الحرة المزيونة، والمنطقة الحرة بصلالة، وكذلك واحة المعرفة بمسقط، وهي حديقة تركز على التكنولوجيا تقع ضمن محفظة مدائن، وهي مؤسسة حكومية تدير أيضًا 10 مدن صناعية.

أنشأت عُمان أول مناطقها الحرة في أواخر التسعينيات وأوائل العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، وأنشأت الدولة مدنًا صناعية ذات توجه محلي، وغالبًا ما يشار إليها باسم المدن الصناعية، حتى في وقت مبكر من ثمانينيات القرن الماضي.

وتم تنفيذ قانون المناطق الحرة الرسمي من خلال مرسوم سلطاني في عام 2002.

ومع عقود من الخبرة في قطاع المنطقة الاقتصادية، يمكن للعمانيين تقديم المعرفة لنظرائهم السعوديين وأفضل الممارسات بشأن الإعفاءات والحوافز التجارية للمستثمرين.

وهناك أيضًا، والحديث للتقرير، مصالح جغرافية متداخلة خارج الحدود المادية للبلدين.

ويخلق النشاط التجاري داخل وحول ممر البحر الأحمر حوافز إضافية لتحسين ربط المناطق السعودية الناشئة هناك بالمناطق العمانية في صلالة والدقم، والتي تقع على طول بحر العرب والمحيط الهندي.

وخلال فترة حكم السلطان الراحل قابوس بن سعيد، نظر العديد من العمانيين بحسد إلى التحولات الاقتصادية والاجتماعية الطموحة التي حدثت في عهد ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان.

ومضى السلطان هيثم قدما في الإصلاحات الاقتصادية اللازمة منذ توليه السلطة قبل 3 سنوات، لكن جذب الاستثمارات داخل منطقة تنافسية لا يزال يمثل تحديا.

ويبدو أن المسؤولين العمانيين والسعوديين يعتقدون أن المزيد من التعاون، بدلاً من المنافسة، في فضاء المنطقة الاقتصادية، قد يخدم مصالح البلدين.

المصدر | روبرت ماجلينكي/ معهد دول الخليج في واشنطن - ترجمة وتحرير الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

السعودية عمان بن سلمان السلطان هيثم مناطق اقتصادية الإمارات

هيرميس المصرية تعلن التخارج من السوق العمانية

سلطان عمان يأمر بإطلاق صندوق استثماري بقيمة 5.1 مليارات دولار

ولي العهد السعودي يصل إلى عمان للقاء السلطان هيثم

الحرب المجاورة.. السياسة الخارجية العمانية تجاه اليمن