خبراء إسرائيليون يحذرون من خطوات تصعيدية من واشنطن ضد تل أبيب

الخميس 23 مارس 2023 03:35 م

"ليس ببعيد اليوم الذي تقوم فيه الولايات المتحدة باتخاذ خطوات حقيقية ضد إسرائيل، بما في ذلك التصويت ضدها في مجلس الأمن".

هكذا تخلص آراء باحثين إسرائيليين قالوا إن الإدارة الأمريكية لن تتردد في الرد بصورة انتقادية إذا قدّرت أن إسرائيل تعمل بشكل مخالف للقيم الأساسية والمصالح المشتركة.

ويحذّر المراقبون من تضرّر العلاقات الثنائية بين إسرائيل وبين الولايات المتحدة، على خلفية "التشريعات القضائية"، وإلغاء "فك الارتباط"،  والتصريحات الفاشية لعدد من الوزراء في حكومة الاحتلال.

ورغم أن الامتحان للموقف الأمريكي في التطبيق، وفي خطوات عملية لا في تصريحات وانتقادات لفظية، مهما كانت شديدة، فإن هناك من يشخّص أضراراً في العلاقة الثنائية بين الجانبين الإسرائيلي والأمريكي، وهي أضرار مرشحة لتكون أكثر فداحة وخطورة.

يحذّر القنصل الإسرائيلي العام السابق في نيويورك ألون بنكاس، من تصعيد الولايات المتحدة انتقاداتها لإسرائيل، واحتمال انتقالها من الأقوال إلى الأفعال.

ويوضح أن الولايات المتحدة "فاض بها، وملّت من رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو، وليس من إسرائيل كدولة".

ويتابع بينكاس، في مقال نشرته صحيفة "هآرتس" العبرية الخميس، إنه بالنسبة لإدارة بايدن فإن محاولات نتنياهو ضرب الجهاز القضائي في إسرائيل لا تختلف عن الحرب التي أعلنها الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب على الولايات المتحدة.

ويضيف: "على فَرَض أن الحكومة مستمرة في تشريع القوانين الخلافية، وسط تجاهل الانتقادات والتنديدات، ليس ببعيد اليوم الذي تقوم فيه واشنطن باتخاذ خطوات حقيقية ضد إسرائيل، بما في ذلك التصويت ضدها في مجلس الأمن".

وينوه أن هناك مركبين في الانتقادات الأمريكية المتصاعدة لبنيامين نتنياهو أولهما دبلوماسي- إستراتيجي، والثاني قيمّ– أيديولوجي، معتبراً أنه، من الناحية الدبلوماسية، فإن الانشغال بنتنياهو تحوّلَ، خلال شهرين، لأمر مزعج ولعبء بالنسبة للبيت الأبيض.

ويرى بينكاس أن سلّم أولويات الولايات المتحدة واضح، وهو أوكرانيا- روسيا في المنظورين القريب والمتوسط، وربما النزاع المحتمل مع الصين في المدى البعيد.

يوضح أن هذين الانشغالين المهميّن يستلزمان تكريساً للوقت وموارد وطاقات دبلوماسية بغية صيانة وإدارة تحالفات ومخاطر.

وينبه إلى أن الانشغال الأمريكي بإسرائيل، إن كان بما يتعلق بما يجري في الحرم القدسي الشريف، حوارة، المستوطنات، أو قانون الاستقواء، وغيره من القوانين الرامية لإضعاف جهاز القضاء، كل ذلك بالنسبة لواشنطن نوع من صرف الأنظار وفرض أمور مزعجة على الأجندة الأمريكية.

ويتفق معه السفير الإسرائيلي الأسبق في الولايات المتحدة المؤرخ مايكل أورن، الذي أطلق تحذيراً مشابهاً، في مقال نشرته صحيفة "يديعوت أحرونوت العبرية الخميس، قال فيه إن "النقص في الرصيد السياسي- الدبلوماسي والخلاف مع الولايات المتحدة يعرّض إسرائيل للخطر، إلى جانب اندفاع إيران نحو الطاقة النووية، ويموضعها في وضع أمني خطير للغاية".

يشار إلى أن الخارجية الأمريكية استدعت قبل يومين سفيرَ الاحتلال في واشنطن، وقيل إنها وبّخته على خلفية تشريع قانون يلغي البنود المتعلقة بمنع المستوطنين من العودة لمستوطنات شمال الضفة الغربية المحتلة، التي تضمنتها خطة “فك الارتباط” عن غزة عام 2015.

وفي ورقة عمل مشتركة للباحثين في الشؤون الإستراتيجية الداد شبيط وتشيك فرايلخ، حول العلاقات الأمريكية الإسرائيلية، جاء أنها تشهد اليوم اهتزازاً في قاعدتها الصلبة.

ويوضح الباحثان أنه بعد قطيعة شهرين بادرَ الرئيس الأمريكي جو بايدن، إلى إجراء مكالمة هاتفية مع نتنياهو قبل أيام، وينوهان أنه من خلال بيان البيت الأبيض حول المكالمة تبيّنَ أن الرئيس الأمريكي مهتم بالأساس بالقضيتين الأساسيتين اللتين تشكّلان مصدرَ القلق في الإدارة الأمريكية في الوقت الحالي: الساحة الفلسطينية المتفاقمة، والتشريعات القضائية داخل إسرائيل.

وفيما يتعلق بالساحة الفلسطينية يقولان: "شبيهاً ببيانات سابقة، عاد الرئيس الأمريكي إلى طلبه من إسرائيل والسلطة الفلسطينية التعاون من أجل زيادة التنسيق الأمني، وتجنّب القيام بخطوات يمكن أن تخرّب إمكانية الدفع قدماً بحل الدولتين. بارك بايدن لقاء شرم الشيخ بين شخصيات رفيعة، سياسية وأمنية، إسرائيلية وفلسطينية ومصرية وأردنية وأمريكية، الذي استهدف حسب الإدارة تقليص التوتر بين الطرفين".

ويشير الباحثان الإسرائيليان إلى أن أقوال بايدن تضاف إلى تصريحات كثيرة لشخصيات أمريكية رفيعة في الأشهر الأخيرة، عكست تخوفات الإدارة من التطورات في الساحة الفلسطينية وإمكانية التدهور على الأرض.

ويضيفان أن الإدارة الأمريكية تستخدم الضغط الشديد على إسرائيل والفلسطينيين من خلال الإدراك بأن الفترة القريبة المقبلة، في بداية شهر رمضان، يمكن أن تؤدي إلى اشتعال، وطلبت منهم، كما تم التعبير في البيان الذي نشر في نهاية لقاء شرم الشيخ، اتخاذ خطوات ملموسة مانعة.

ويشير استطلاع جديد أجراه معهد "غالوب"يظهر، للمرة الأولى، أن أكثر من 49% من المستطلعين الأمريكيين المحسوبين على الحزب الديمقراطي يتماهون مع الفلسطينيين أكثر مما يتماهون مع إسرائيل (38%).

وأشارت النتائج إلى ارتفاع بنسبة 11 % في تأييد الفلسطينيين فقط في السنة الأخيرة.

زيادة التأييد للفلسطينيين واضحة أيضاً في أوساط الناخبين الذين يعتبرون أنفسهم مستقلين، وأيضاً في أوساط الذين ما زالوا، في معظمهم، يعبرون عن دعم إسرائيل.

وفي المقابل، لا يوجد أي تغيير في مستوى دعم إسرائيل المرتفع في أوساط الناخبين الجمهوريين.

وفي الحساب الإجمالي، ما زالت إسرائيل الرائدة من ناحية دعم الأمريكيين، لكن الفجوة تقلصت.

تضاف هذه المعطيات إلى المعطيات التي أظهرتها استطلاعات سابقة، عبّرت عن توجّه برزَ في السنوات الأخيرة؛ حتى لو كان معظم الديمقراطيين ما زالوا يتمسكون بموقف إيجابي تجاه إسرائيل إلا أن التأييد تآكل، والأكثر أهمية هو الابتعاد عن إسرائيل في أوساط الشباب المحسوبين على الحزب الديموقراطي".

وفي الاستخلاصات يوضح الباحثان شبيط وفرايلخ، أنه يجب على الحكومة الإسرائيلية أن تأخذ في الحسبان بأن التقدير الأمريكي (في الإدارة وفي الكونجرس) بأن "القيم المشتركة تضرّرت"وأن إسرائيل تعمل خلافاً للمصالح الآنية لأمريكا، يمكن أن يضر بالعلاقات الحميمة بين الدولتين.

ويقولان إنه حتى ولو كان يجب على إسرائيل الدفاع عمّا تعتبره مهماً لأمنها القومي، فإنه في الفترة القريبة القادمة يجب إعطاء أهمية عليا، ومنح أولوية للحفاظ على العلاقات مع الولايات المتحدة، بالأساس القدرة على إبقاء علاقة جيدة بين زعماء الدولتين.

ويرجّحان أن الإدارة الأمريكية لن تتردد في الرد بتحفظ وبصورة انتقادية إذا قدّرت أن إسرائيل تعمل بشكل مخالف للقيم الأساسية والمصالح المشتركة، وبالتأكيد إذا تنكرت لوعودها في ما يتعلق بالساحة الفلسطينية.

ويمضيان هما أيضاً في تحذيراتهما، على غرار تحذيرات بينكاس وأورن: “يمكن أن يجد الرد الأمريكي تعبيره في إدانات علنية وفي تآكل مستمر للدعم الذي تحصل عليه إسرائيل من الولايات المتحدة في المجال السياسي والاقتصادي والأمني.

ويتابعان بالقول: "سلوك إسرائيل وخصائص العلاقة بين الدولتين ستكون لها أهمية كبيرة على المدى البعيد إزاء عمليات ديموغرافية واقتصادية واجتماعية تَحْدُث في الولايات المتحدة، التي حتى لو كان جزء منها لا يرتبط مباشرة بإسرائيل إلا أنها ستساهم في تآكل التزام أمريكا بعيد المدى تجاه إسرائيل".

ويختتمان بتحذير شديد بالقول: "يمكن أن يكون التجاهل في إسرائيل لهذه الأخطار كارثياً على مصالحها، حيث توجد إمكانية كامنة للمسّ، عاجلاً أم آجلاً، بشبكة العلاقات الخاصة بين الدولتين".

المصدر | الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

أمريكا إسرائيل تصعيد أزمة دبلوماسية