استطلاع رأي

أي من هذه الدول تمارس الدور الأكثر إيجابية في حرب غزة؟

السعودية

مصر

قطر

إيران

تركيا

أهم الموضوعات

طبقات اليمين الإسرائيلي وبصيرة دا سيلفا

عن أوهام التفاؤل الأميركي

أزمة اقتصاد مصر وانتظار الفرج من الخارج

نحو وقف الحرب على غزة

سيناريو اليوم التالي للحرب

شي في روسيا مناوراً الغرب: نتغدّى به قبل أن يتعشّى بنا!

السبت 25 مارس 2023 09:43 ص

شي في روسيا مناوراً الغرب: نتغدّى به قبل أن يتعشّى بنا!

تشنّ أميركا ومعها حلف «الناتو»، حرباً بالوكالة على روسيا في أوكرانيا.

ستصبح الصين، من منظور أميركا قادرة على التدخّل في تايوان بدءاً من 2027.

شي جين بينغ يوقن أن مآل حرب أوكرانيا ستكون له تداعيات هائلة بالنسبة لِما قد يقع في جوار بلاده المباشر.

الصدام المباشر بين الصين والولايات المتحدة أكثر احتمالاً في مضيق تايوان منه في أوكرانيا حيث تستعر الحرب بالوكالة.

الرئيس الصيني، الذي زار روسيا، يعلم أن المستهدَف الأساسي ليس روسيا وحدها، بل بلاده أيضاً، وأن الدفاع عنها يبدأ في أوكرانيا.

غالبية بلدان العالم، أي بلدان الجنوب بمجملها، لا تقاطع روسيا ولا تفرض عليها عقوبات، وأن «الأقلّية الغربية» الأوروأميركية هي مَن يفعل ذلك.

عملية بناء القدرات العسكرية بجوار الصين بدأت منذ سنوات عديدة لكنها تتسارع مؤخرا وتتزامن مع التوقّعات بصدام مباشر وشيك معها، والصادرة عن «البنتاغون».

* * *

أن تكون روسيا، في ظلّ احتدام مواجهتها الاستراتيجية مع حلف «الناتو» في أوكرانيا، وجهة السفر الأولى للرئيس الصيني، شي جين بينغ، بعد إعادة انتخابه، هو أمر بالغ الدلالة. هذه الزيارة التاسعة لموسكو للرئيس الصيني، تهدف، وفقاً للمقال الذي نشره في صحيفة «روسيسكايا غازيتا» الروسية، إلى «تنمية الشراكة الاستراتيجية الكاملة بين الصين وروسيا، عبر تبنّي رؤية جديدة ومشروع جديد وإجراءات جديدة لبلوغ هذه الغاية».

هي كانت أيضاً مناسبة لعرض مبادرة السلام الصينية لحلّ النزاع في أوكرانيا على الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، الذي رحّب بها. لكن توقيت خطوة شي بذاته، كما أسلفنا، يكتسب أهمّية خاصة. هو لا يسعى، كما ذهبت أجهزة الدعاية الإعلامية الغربية إلى «كسْر عزلة روسيا ورئيسها، بعد إدانة الأخير بارتكاب جرائم حرب من قِبل المحكمة الجنائية الدولية»، أو اتّهامه بجرائم ضدّ الإنسانية من قِبل مسؤولين أميركيين مِن مِثل كامالا هاريس وأنتوني بلينكن.

أيّ متابع يتمتّع بالحدّ الأدنى من الموضوعية يعرف بأن غالبية بلدان العالم، أي بلدان الجنوب بمجملها، لا تقاطع روسيا ولا تفرض عليها عقوبات، وأن «الأقلّية الغربية» الأوروأميركية هي مَن يفعل ذلك.

غير أن شي أتى إلى موسكو لأنه يدرك المغزى الفعلي لمثل هذه الإدانات والاتهامات بحقّ نظيره الروسي، وهو وجود قرار غربي بتسعير الحرب وإطالة أمدها لمحاولة إلحاق هزيمة بروسيا، على رغم المخاطر المترتّبة على مِثل هذا القرار.

النقطة الأخرى التي يفهمها الرئيس الصيني جيّداً، هي أن القرار المذكور مرتبط بالمجابهة المتصاعدة بين بلاده وبين الولايات المتحدة، والتي تلتحق بها الدول الأوروبية واحدة تلو الأخرى، وبأن المنطق الذي يَحكمه ينطلق من فرضيّة أن النصر على روسيا سيسمح بـ«ردع» الصين، وفرْض تراجعات عليها واستكمال احتوائها، في سياق محاولات تأبيد الهيمنة الغربية المتراجعة.

حرب مفتوحة ضدّ روسيا

عندما تتّهم القوى الغربية، القيادة السياسية لجهة ما، دولتية كانت أو غير دولتية، بارتكاب جرائم حرب أو جرائم ضدّ الإنسانية، فهذا يعني تلقائياً في عُرفها رفْض أيّ حلّ تفاوضي معها، والإصرار على إلحاق هزيمة بها واعتقالها ومحاكمتها ومعاقبتها على أفعالها. يترتّب على ذلك، بالنسبة للنزاع الدائر في أوكرانيا مع روسيا، المضيّ في خيار الحرب سعياً للانتصار.

عندما اتّهمت كامالا هاريس القيادة الروسية بارتكاب جرائم ضدّ الإنسانية، في خطابها خلال انعقاد «مؤتمر ميونيخ للأمن» في شباط الماضي، فُهم من موقفها أن التيّار الذي يريد تصعيد الحرب ضدّ روسيا وإطالة أمدها، في داخل إدارة جو بايدن، قد تَغلّب على المعارضين للخيار المذكور.

صدرت في الفترة نفسها مواقف لأطراف أوروبية، وبينها الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، تحرص على التمايز عن هذا التوجّه الأميركي، وتؤكّد أن الحلّ النهائي للنزاع في أوكرانيا سيكون عبر التفاوض مع روسيا.

لكن صدور القرار الأخير لـ«المحكمة الجنائية الدولية»، حيث للاتحاد الأوروبي ولدوله تأثير أكيد وإنْ لم تكن المحكمة مجرّد أداة لهم، والأهمّ، التبنّي السياسي والإعلامي له في الدول المذكورة، يشيان بانسياق أوروبي خلْف خيار واشنطن التصعيدي.

وقد اتّضح، خلال الأسابيع الماضية، أن هذه الاتهامات تتوازى مع زيادة الدعم العسكري الكمّي والنوعي المقدَّم من الأطراف الغربية لأوكرانيا. غير أن اللافت أيضاً هو بداية الترويج لأطروحة انهيار روسيا وتفكّكها إلى دويلات، بعد هزيمتها العسكرية في أوكرانيا، من قِبل خبراء أوروبيين يعملون لحساب وزارات الدفاع والخارجية في بلدانهم.

هذا ما «يتنبّأ» به مثلاً الخبير الفرنسي في الشؤون الاستراتيجية، برونو تيرتري، على موقع «معهد مونتينيي»، الوثيق الصلة بالنُخب الاقتصادية والسياسية في فرنسا، في مقال بعنوان: «بعد الانهيار. هل علينا الاستعداد لتفكّك روسيا؟».

وبمعزل عن مدى مطابقة مِثل تلك التحليلات للوقائع الميدانية في ساحة المعركة، فإن ما ترمي إليه هو الدعاية لخيار إطالة أمد الحرب باعتباره سيتكلّل بنصر باهر في المحصّلة النهائية، وبزوال «الخطر الروسي» عن أوروبا. الرئيس الصيني، الذي زار موسكو، يعلم أن المستهدَف الأساسي بالخيار المُشار إليه ليس روسيا وحدها، إنّما بلاده أيضاً، وأن الدفاع عنها يبدأ في أوكرانيا.

الإعداد جارٍ لحرب مع الصين

تشنّ الولايات المتحدة، ومعها حلف «الناتو»، حرباً بالوكالة على روسيا في أوكرانيا. أمّا الاستعداد للصدام المباشر، فهو مع الصين في مضيق تايوان وفي بحرها الجنوبي.

آخر التطوّرات المتصلة بهذا الاستعداد، هو انعقاد القمّة الثلاثية بين الرئيس الأميركي وبين رئيسَي الوزراء البريطاني والأسترالي، في 13 آذار الحالي، في قاعدة سان دييغو في الولايات المتحدة، للكشف عن تفاصيل خطّة تزويد أستراليا بغواصات هجومية تعمل بالطاقة النووية، في إطار تحالف «أوكوس» الذي يضمّ الدول الثلاث.

تعليقاً على ذلك، رأى وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، أن «اتفاق الغواصات ضمن تحالف أوكوس يؤدي إلى مواجهة تستمرّ لسنوات في آسيا». عملية بناء القدرات العسكرية في جوار الصين بدأت منذ سنوات عديدة، لكنها تتسارع في الآونة الأخيرة، وتتزامن مع التوقّعات بصدام مباشر وشيك معها، والصادرة عن «البنتاغون».

يشير الخبير في الاستراتيجية العسكرية الأميركية، مايكل كلير، في مقال على موقع «توم ديسباتش» بعنوان «هل الصين على وشك غزو تايوان؟»، إلى أن الجيش الأميركي كان يعتقد، حتى مطلع 2021، بأن مِثل هذا الاحتمال وارد على المدى البعيد، عام 2035 تقريباً، عندما يكون الجيش الصيني قد استكمل تحديث قدراته العسكرية.

غير أن التقرير السنوي حول القدرات العسكرية للصين، الصادر عن وزارة الدفاع الأميركية في أواخر 2021، جزم بأن عملية التحديث العسكري الصيني ستكون قد استُكملت في 2027.

بكلام آخر، ستصبح الصين، من منظور واشنطن، قادرة على التدخّل في تايوان بدءاً من التاريخ الأخير المذكور. وفي كانون الثاني 2023، أكد الجنرال مايكل مينيهان، رئيس قيادة حركة القوّة الجوية الأميركية، أن بكين في الواقع ستستطيع في 2025، المبادرة بالهجوم على تايوان.

تندرج التقارير والتحليلات المتقدّمة في إطار حملة لكسب دعم نواب الكونغرس لتخصيص ميزانيات أكبر للتسلّح في مقابل الصين، ولتعبئة الرأي العام ضدّها، وتسهم أجهزة الدعاية الإعلامية بنشاط في هذه الحملة، بما فيها تلك «الرصينة» كالـ«إيكونوميست»، التي اختارت لغلاف عددها ما قبل الأخير العنوان التالي: «المعركة على تايوان».

الصدام المباشر بين القوى العظمى، أساساً بين الصين والولايات المتحدة، أكثر احتمالاً في مضيق تايوان منه في أوكرانيا حيث تستعر الحرب بالوكالة، لكن شي جين بينغ موقن بأن مآل الثانية ستكون له تداعيات هائلة بالنسبة لِما قد يقع في جوار بلاده المباشر.

*وليد شرارة كاتب وباحث في العلاقات الدولية

المصدر | الأخبار

  كلمات مفتاحية

أميركا الصين تايوان روسيا أوكرانيا الغرب الولايات المتحدة